خالد بن يزيد.. قصة مفردة جديدة رفعت من قيمة الأغنية السعودية

صاحب قصيدتي «أحلى من العقد» و«ليلة خميس» لا يحب الأضواء لأنه لا يحتاجها

الأمير خالد بن يزيد
TT

«ليلة لقانا.. موعدي الساعة ثمان كان الندى موعود مع رمش الزهر والزهر سهران عطر بالحنان فيها الفرح ثوبي الجديد لقياك عندي يوم عيد موج البحر مغنى وقصيد والليل من فرحه عريس ليلة خميس». تلك هي واحدة من أهم القصائد الشعرية التي أسهمت في رفع قيمة الحركة الفنية السعودية التي قدمت في الثمانينات الميلادية وكانت تلك الفترة هي فترة توهج الأغنية؛ لأن الشاعر الأمير خالد بن يزيد هو واحد من صناع الكلمة في تلك الفترة.

لذلك كان نبأ وفاته، أول من أمس الجمعة، مفاجئا للوسط الفني السعودي. الأمير الشاعر خالد بن يزيد كان واحدا من أهم الشعراء السعوديين، ويحمل من خلال قصائده جملة جديدة وفكرا جديدا لا يقدم ذلك الأسلوب سوى الراحل خالد بن يزيد. فقدت الساحة الفنية واحدا من أهم شعراء الأغنية. ففي تاريخه ومشواره الفني الكثير من المراحل المهمة. يكفي أنه أسهم في تقديم نقلة نوعية في مسيرة الفنان السعودي عبادي الجوهر من خلال أعمال فنيه مهمة اشتهر فيها أبو سارة، منها: «يبان الشوق» و«عندك خبر» و«محدن بنصف الليل سلم على الشمس» ويقول هذا النص الرائع: «محدن بنصف الليل سلم على الشمس.. إلا أنا ساعة نظرتك بعيني.. ألغي الحكي كل الحكي وأصبح الهمس.. بين الكفوف ووجنتك والجبيني.. معك سنيني كنها بس من أمس ما غبت غني وكنت توك تجيني». وكونا ثنائيا فنيا وجميلا؛ حيث إن أكثر الأعمال الغنائية المهمة في مسيرة عبادي الجوهر كانت للشاعر الراحل.

يقول الملحن السعودي صالح الشهري، الذي لم يستطع إخفاء دموعه حين تلقيه خبر وفاته: «رحم الله الفقيد الغالي الأمير خالد بن يزيد، صدمت حقيقةً حين وصلني الخبر وأنا في قمة حزني لأنني أحب هذا الرجل كثيرا، فهو شخصية راقية للغاية كان يثرينا دائما في مجلسه بثقافته وحديثه العميق، يتمتع في شخصيته بالقناعة لا يحب الشهرة والأضواء على الرغم من أنه تربطه علاقات وطيدة برجال الإعلام، إلا أنه يرى أنه لا يحتاج لتلك الأضواء والشهرة، وأن قصائده الشعرية وكلامه سيصل إلى الجميع إذا كان كلاما صادقا»، وهي وجهة نظر حكيمة للغاية. ويضيف الشهري: «آخر لقائي معه كان قبل شهرين، ولو أدري بقضاء الله لما تركته أبدا منذ تلك الفترة إلى الآن، لكنه كان يتمتع بصحة جيدة ولم يخفِ عنَّا ابتسامته وطيبة قلبه، فهو شخصية طيبة للغاية ومحبة للجميع». وعن خالد بن يزيد، الشاعر الغنائي، قال الشهري: «الشاعر الراحل حقيقة هو صاحب مفردة جديدة في الأغنية العربية وليست السعودية فقط، يكفيك أغنيتا (أحلى من العقد) و(ليلة خميس) ويكفي ما قدمه للفنان عبادي الجوهر من قصائد شعرية أعتبرها قصائد ثرية أضافت للفنان وأضافت للأغنية السعودية وغيرت من مسيرة الفن السعودي عندنا هو صاحب نقلة فريدة من نوعها في الفن السعودي؛ لذلك لا يحرص على الظهور والأضواء، فهو واثق من نفسه كثيرا».

وعن سبب غيابه عن تقديم قصائد شعرية بكثرة أو الوجود بأسلوب مكثف إعلاميا وعدم إقامته للأمسيات الشعرية، وهل هذا بسبب إجحاف الفنانين لهذه النوعية من الشعر، قال: «أنا قلت لك سابقا إنه شخصية ذات قناعة كبيرة للغاية، صدقني هو لا يهمه الوجود المزعج، هو يفضل الوجود الهادئ، لا يحب المجازفة أو تقديم أي كلمة، حتى حين يأتي الفنان أو الملحن ليأخذ منه نصا يطلب قراءة القصيدة أمامه قرابة الـ10 مرات حتى لا يخطئ بكلمة أو حرف، وهذا لا تجده إلا في الشاعر المتمكن الواثق من نفسه».

وعن رأيه في الفنانين السعوديين الموجودين حاليا في الساحة، تحدث الشهري قائلا: «كان يحبهم جميعا، ويعجبه صوت عبد المجيد عبد الله وراشد الماجد، وكان يمتدحهما كثيرا، وكان حين تؤخذ منه قصيدة لا يحدد من يغنيها، يقول لي جميعهم نجوم أحترمهم، تصرفوا كما شئتم».

وعن أجمل الأعمال التي قدمها مع الشاعر الراحل، أضاف الشهري: «صراحة أنا أعتز كثيرا بالقصيدة الوطنية التي قدمها وتحمل أسلوبا جديدا في الشعر الوطني وقدمها لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حفظه الله، وتحمل عنوان (يا عيون المملكة)، وهي من ألحاني وقُدمت بصوت الفنان عبد المجيد عبد الله، وكتبها الراحل بأسلوب جميل للغاية وتقول كلماتها: (يا عيون المملكة يا حبيب المملكة.. كل درب نمشي فيه لو صعب نسلكه.. الغلا والحب لك والهوى من يملكه.. يا عيون.. يا حبيب المملكة.. سخر الله لك قلوبا في دعاها تشركه.. والذي كدر عليه الله كريم يهلكه.. كم ضعيف من عذابه يا أبو متعب تدركه) وهذا من الأعمال الوطنية التي أفتخر بها وعشت أياما جميلة أثناء تلحينها بجانب الراحل، وأيضا لا أنسى عملا عاطفيا آخر قدمته مع الراحل وحمل عنوان (يا حظ عينك تنام الليل مرتاحة) وغُنيت بصوت الفنان عبد المجيد عبد الله وكانت حقيقة من أجمل الأعمال العاطفية التي قدمتها في مشواري الفني وتلك الأغنية حققت نجاحا كبيرا في العالم العربي وأصبحت تلك المفردة الشعرية تردد عند عامة الناس».

ويمضي صالح الشهري في حديثه قائلا: «كان الراحل خالد بن يزيد محبا للقراءة كثيرا، كان يقرأ الكتب الدينية والسياسية، وكان متابعا جيدا ومتحدثا رائعا للغاية، وكان يحب أيضا قراءة الشعر ودائما ينقل لنا إعجابه بشعراء ويقرأ لنا الكثير من القصائد التي تعجبه ورحيله يعتبر خسارة كبيرة للأغنية السعودية».