لويز مينسك.. «تفطر بصحافة التابلويد قبل أن يتغدوا بها»

نجمة صاعدة في حزب المحافظين.. أظهرت قدراتها خلال جلسات اللجنة البرلمانية حول فضيحة التنصت

لويز مينسك خلال استجواب جيمس مردوخ أمام البرلمان البريطاني
TT

الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون أصبح محط تهكم الآخرين عندما اعترف بأنه تعاطى الحشيش أيام شبابه في الجامعة. وهذا كان شيئا نال عليه تقديرا عاليا لصراحته. لكن للأسف كما يقال «بدل ما يكحلها عماها». والسبب في ذلك أنه أضاف في اعترافه أنه فعلا دخن الحشيش عندما كان يلعب على آلة الساكسفون لكنه لم يجرع الدخان، الأمر الذي لم يصدقه أحد. لقد أصبح في موضع أضعف بعد إضافته هذه الجملة.

من الواضح أن الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما قد تعلم من هذا الدرس القاسي الذي واجهه كلينتون. وعندما سئل هو الآخر عن الموضوع، أي إذا كان قد تعاطى هو الآخر الحشيش أيام شبابه في الجامعة، اعترف هو الآخر بذلك. وعندما سئل إذا كان جرع الدخان أم أنه نفثه خارجا قبل أن يستقر في صدره للتذكير بما قاله كلينتون، قال بكلمات صريحة «نعم»، مضيفا تفسيرا منطقيا، واعتبر هجوما مبطنا على كلينتون، قائلا، «طبعا جرعته. فلا داعي للتدخين إذا لم ترغب في جرعه».

والآن جاء دور بريطانيا لتكشف عن شفافيتها في هذا الموضوع. أول الغيث قطرة. مؤشرات سياسية بريطانية حديثة حول الشفافية والصراحة وانتقاد الذات، فإما أن تكنس الأقذار أو إخفاؤها تحت السجادة، كما يقول المثل الإنجليزي، فلن يؤدي في النهاية إلا إلى إزالتها، لأنها ستظهر بشكل أو بآخر في يوم من الأيام. تداعيات فضيحة التنصت التي لا أحد يعرف إلى أين ستؤدي في نهاية المطاف والتي قد تطيح بعض السياسيين، الذين اتهموا بالكذب والرياء والنفاق، إن لم يكن الفساد بكل أشكاله - ظهر مفعولها.

لويز مينسك عضو مجلس العموم المحافظة وعضو لجنة المساءلة البرلمانية، التي أبلت بلاء حسنا خلال استجواب روبرت مردوخ وابنه جيمس ومساعدتهما ريبيكا بروكس بخصوص «هاك غيت»، أثبتت أنها فعلا تعني ما تقول بخصوص تناقضات ورياء الآخرين ونقدها لهم، الذي مارسته خلال جلسة المساءلة البرلمانية. لقد أرادت «أن تلتهم الصحافة كوجبة إفطار قبل أن يلتهموها هم في الغداء (أي أن تفطر بهم قبل ان يتغدوا بها). واعترفت بماضيها بكل ما فيه من تناقضات لا تتماشى مع حاضرها وبرنامجها السياسي وبرنامج حزبها الحاكم. كما أنها فعلا أرادت أن تضع حدا لأي عملية اختراق على تليفونها مثل التي مورست في السابق على آلاف من السياسيين والمشاهير من أجل الحصول على معلومات خاصة تظهر «نفاقها»، خصوصا أن الصحافة أصبحت تعد لها العدة في الأيام الأخيرة بسبب هجومها الشديد على عائلة مردوخ والممارسات اللاأخلاقية التي قامت بها بعض الصحف، وهذا ما جاء في أسئلتها أمام اللجنة. أداؤها خلال الأسابيع الماضية صنع منها نجمة سياسية، وبدأ الحديث عن مستقبل باهر لها في دهاليز ويستمنستر، وخصها رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بالشكر على عملها في داخل اللجنة وجرأتها في طرح الموضوع. ربما هذا كان المحرك الذي شجعها في الأول من أمس عندما اعترفت بأنها «من المحتمل جدا أنها فعلا تعاطت المخدرات الممنوعة مع عازف الكمنجة الكلاسيكي الشهير نايجل كندي، خلال وجودهما في ناد موسيقى للجاز (روني سكوتس) في مدينة برمنغهام عندما كانت في العشرينات من عمرها وكانت تعمل لدى شركة الإنتاج الموسيقي (أي إم أي)». واختارت مينسك، أن توزع بيانا على الصحافة مدلية باعترافاتها، بعد أن وصلتها رسالة إلكترونية من صحافي يقال إنه يعمل في صحيفة الـ«ديلي ميل» يسألها فيها أن ترد على ما يتردد عنها بأنها كانت تتعاطى المخدرات وأنها كتبت رواية «المشوار المهني لفتاة» التي تميل إلى الكثير من الإيحاءات الجنسية خلال ساعات العمل في شركة الإنتاج الموسيقي. وبدلا من أن ترد على رسالة الصحافي الذي يدعى ديفيد جونز، فقد قررت أن توزع بيانا على الصحافة وكانت النتيجة أن «أسقط في يده». وأضافت أيضا أنها فعلا كتبت القصة بالإيحاءات الجنسية، لكنها قامت بذلك بعد ساعات الدوام الرسمي، وأن ذلك لم يكن السبب في طردها من وظيفتها. أما أسباب الطرد، كما جاء في الرسالة الموجهة إليها آنذاك من أرباب العمل فكانت كما قالت في بيانها هو بسبب «ثيابها غير الملائمة للعمل»، وكذلك حضورها متأخرة إلى المكان، وكذلك تكرار غيابها، و«هذا ما جاء في رسالة إنهاء الخدمات، وليس بسبب القصة التي كتبتها». وكانت قد تلقت مينسك الرسالة الإلكترونية من الصحافي يطالبها بالرد على بعض الأسئلة بخصوص الادعاءات، بعد أن تحداها بيرس مورغان الذي عمل رئيس تحرير «ديلي ميرور» سابقا ويعمل الآن مقدما لبرنامج كان يقدمه لاري كينغ في «سي إن إن»، بعدما ذكرت خلال جلسة المساءلة مع روبرت مردوخ وابنه جيمس أن مورغان كان قد كتب في مذكراته التي نشرها أخيرا أن التنصت شيء تقوم به جميع الصحف. إلا أن مورغان قد تحداها في برنامج تلفزيوني حول ادعاءاتها، وطلب منها تكرار الاتهام حتى يتسنى له أن يقاضى في المحاكم، لكنها رفضت ذلك. عندما ذكرت الاتهامات خلال الجلسة كانت تتمتع بحصانة برلمانية، ولهذا فلا يمكنه إقامة دعوى ضدها. لكنه اتهمها بالنفاق وعدم المسؤولية، وقال لها إنها لم تقرأ الكتاب، وما قيل عنه ليس صحيحا وغير موجود في الكتاب. وهذا كان محرجا لها. لكن في بيانها حاولت أن تنهي المسألة من خلال تقديمها اعتذارا رسميا لمورغان وتظهر نزاهتها وقدرتها على أن تتحمل أخطاءها دون أي أعذار، حتى لا تتهم ثانية «بالجبن الأخلاقي»، وهذا ما قاله لها مورغان، بأنها تختبئ خلف ستار الحماية البرلمانية. وقالت إنها كانت على خطأ، مضيفة «يجب علي أن أعتذر من بيرس مورغان واللجنة البرلمانية على هذا الخطأ في الكتاب»، ووجهت الرسالة إلى رئيس اللجنة البرلمانية جون ويتينغديل. وقامت اللجنة بنشر الرسالة والاعتذار رسميا أول من أمس. قضية تعاطي السياسيين للمخدرات تطرح بين حين وآخر في بريطانيا وفي العالم الغربي والولايات المتحدة. بعض السياسيين يرفضون الإجابة عنها، ويقولون إن هذا من خصوصياتهم. لكن وضعهم يصبح حرجا كلما دار النقاش في البرلمان حول منعه أو جعل بعض أنواعه مسموحا بها كما هو الحال في هولندا. ويقول بعض النقاد إنه لو أجاب أعضاء البرلمان بصراحة حول الموضوع لاكتشفت أن الغالبية العظمى منهم تعاطت المخدرات، أو النوع الخفيف منه، مثل الحشيش، خلال سنوات الدراسة الجامعية. الاعتقاد السائد أن الغالبية الساحقة من الطلبة في الجامعات البريطانية، أو الغربية بشكل عام، يتعاطون الحشيش خلال أيام الدراسة. وفي الأمس، دعت المغنية البريطانية كيم وايلد، (50 عاما)، إلى الحديث صراحة عن قضية الإدمان. جاء هذا الطلب على خلفية وفاة المغنية إيمي واينهاوس الأسبوع الماضي، حيث كانت تعاني مشكلات في إدمان الكحول والمخدرات. وقالت كيم في تصريحات «الإدمان مدمر للذات وليس من المفيد إدانة الناس.. نحن بحاجة للمزيد من التعاطف». وقالت كيم إنها لم تدخل مطلقا عالم المخدرات، مضيفة: «كان أصدقائي يتعاطون المخدرات في صغرنا، لكني لم أشاركهم».