«يوم من حياتي في الخليل» يقدم المدينة بعيون أطفالها

التقطتها كاميرات قدمتها لهم بعثة التواجد الدولي المؤقت في المدينة

صورة من المعرض
TT

وثق مائتا طفل بعدسات كاميراتهم الخاصة التي حصلوا عليها من بعثة التواجد الدولي في الخليل، تفاصيل واحدة من أقدم المدن في العالم، البلدة القديمة في الخليل، في محاولة للتعريف بأهمية البلدة وتاريخها وتراثها. ويتابع زوار المعرض الذي افتتح في متحف البلدة القديمة، مشاهدة 50 من هذه الصور تابعت ورصدت شوارع البلدة وأزقتها ومعالمها والمحتلين فيها، وعمالها وصناعاتها وأماكنها الدينية، وناسها وأطفالها، وعرضت في معرض «يوم من حياتي في الخليل». ويمكن للزائر مشاهدة صور تركز على تقسيم المدينة، وأخرى لأقدم المنازل فيها، وأخرى للحرم الإبراهيمي، بينما تركز صور أخرى على الأطفال والصناعات والزراعة في المنطقة.

وقالت حزام طهبوب، التي تعمل مع بعثة التواجد الدولي المؤقت، للصحافيين: «أردنا إغناء ثقافة الأطفال وإطلاعهم على تاريخ بلدتهم التي تضرب جذورها في عمق التاريخ». وتم اختيار مجموعة من الأطفال تتراوح أعمارهم بين 6 و14 عاما، تلقوا نحو 200 كاميرا تستعمل لمرة واحدة، وطلب منهم تصوير آلاف الصور، قبل أن تختار اللجنة المنظمة 50 صورة لعرضها في المعرض. وأضافت: «هؤلاء الأطفال وثقوا تفاصيل لم نكن نراها من قبل، لقد كتبوا قصص الحارات والشوارع هنا».

ومن بين الصور المعروضة صورة للطفلة مروة الشريف، لبيت جدها القديم، وسمتها «أرض أجدادي»، في إشارة إلى تمسك الفلسطينيين بأرضهم، وصورة للطفل محمد الجعبري تظهر جدارا يقسم ساحة منزل إلى قسمين، أحدهما للفلسطينيين والآخر للإسرائيليين. وقال الجعبري: «هذه الصورة التقطتها من سطح المنزل القريب من شارع الشهداء المغلق، الذي أتمنى أن أمشي فيه مثلما يفعل المستوطنون».

وقال إينار جونسين، رئيس بعثة التواجد المؤقت في مدينة الخليل، في كلمة له في حفل افتتاح المعرض، في تقريره من المدينة: «رغم مرور عام على وجودي هنا في هذه المدينة، فإنني لم أر هذه التفاصيل الكثيرة التي يقدمها لنا الأطفال من خلال هذه الصور، وتظهر الأماكن المقدسة والحارات والشوارع والصناعات والأمل والمستقبل». وأضاف: «لقد استطاع الأطفال تقديم صورة لمدينة الخليل عبر صور تعبر عن قصصهم، لا بد أن يكونوا فخورين بمدينتهم التي بكل تأكيد هي فخورة بهم، وعلى الرغم من أن هناك جوائز لعدد محدد من المشاركين، فإن الكل فائز في هذا المعرض».

وأوضحت نسرين الحسيني المسؤولة في البعثة: «إن المعرض جزء من مشاركتنا في النشاطات المجتمعية المحلية، التي نحاول من خلالها الإسهام في تحسين ظروف حياة المواطنين في البلدة القديمة، لذلك عملنا على تقديم 200 كاميرا من النوع الذي يستخدم لمرة واحدة، لأطفال كانوا يشاركون في المخيمات الصيفية، وطلبنا منهم التقاط صور لأي شيء يريدون وحول أي موضوع».

وأضافت: «عاد إلينا الأطفال بمئات الصور حول الطبيعة والأماكن الدينية والتاريخية، وصور من الحياة اليومية داخل المدينة.. عدد كبير منها مليء بالحياة، وأخرى تقدم الواقع للمدينة، والجميل في هذه الصور أنها تقدم الحقيقة كما هي، لا تخفي شيئا؛ لأن من التقطها هم الأطفال الذين قررنا اختيار ثلاثة فائزين منهم، وتقديم كاميرات ديجيتال (رقمية) لهم لمواصلة التصوير في المستقبل».

ويظهر عدد من الصور واقع البلدة القديمة المقسم بين الفلسطينيين والمستوطنين اليهود، الذين يعيش ما يقارب من 500 منهم بين ما يزيد عن 50 ألف فلسطيني، هم سكان البلدة القديمة، واختار الطفل محمد الجعبري أن ينقل هذا التقسيم عبر صورة التقطها من سطح منزل لجدار يقسم ساحة منزل إلى قسمين، أحدهما للفلسطينيين والآخر للإسرائيليين. وقال الجعبري خلال مشاركته في المعرض: «هذه الصورة التقطتها من سطح المنزل القريب من شارع الشهداء المغلق، ويظهر فيه هذا الجدار الذي يقسم المنزل إلى قسمين».

وتتحدث صور أخرى عن الحرم الإبراهيمي بما يمثله من إرث حضاري وتاريخي وديني للمسلمين واليهود، الذي جرى تقسيمه بينهما، ويضم مقبرة فيها ضريح عدد من الأنبياء، من بينهم إبراهيم عليه السلام.

ويقدم الأطفال جانبا آخر من جمال المدينة التي تشتهر بفواكهها المتعددة، من ذلك صورة لرجل عجوز يقطف ثمار الخوخ من شجرة في ساحة منزله كتب أسفلها: أرض الأجداد. وقالت مروة شريف (14 عاما)، صاحبة الصورة التي كانت ضمن الثلاثة الفائزين بالجوائز: «هذه الصورة لجدي وهو يقطف ثمار الفاكهة من حديقة المنزل. ما في أزكى من فاكهة الخليل المزروعة في أرض الأجداد. الطبيعة في بلدنا حلوة كثير أنا بدي أشكر كل اللى ساعدونا علشان نأخذ صور لبلدنا ونخلي الناس تشوفها، وأكيد أنا راح أظل أصور بالكاميرا الجديدة التي فزت بها».

وينعكس الوضع السياسي على بعض الصور التي تظهر الحواجز العسكرية الإسرائيلية في البلدة القديمة، التي يحتاج الفلسطينيون إلى المرور عبرها عند الانتقال من مكان إلى آخر، إلا أنها تقدم أيضا صورا تبعث على الأمل والتفاؤل لأطفال صغار يلهون على دراجاتهم في أزقة البلدة القديمة، وأخرى لأطفال يلعبون بالدمى غير مكترثين بما تعيشه المدينة من صعوبات سياسية واقتصادية واجتماعية، كتب أسفل عدد منها: «الحياة مستمرة.. الحلم الحقيقي.. كان يا ما كان، وغيرها». وقال القائمون على المعرض إنه سيتم نقله إلى مدن أخرى في الضفة الغربية بعد اختتامه في الخليل الأسبوع المقبل.