تونس: رقصات الفلامنكو تعيد الروح لليالي قرطاج

مشهد «العرس» فرصة التعرف على الطريقة التقليدية الإسبانية التي تشبه الأجواء العربية

TT

لفتة إلى أعلى.. انحناءة نحو اليمين أو اليسار.. حركات من الساقين واليدين وضربات على أرضية المسرح البلدي بالعاصمة التونسية.. كل ذلك أرجع لمهرجان ليالي قرطاج الكثير من تألقه، فالليلة الفنية كانت مزيجا من أغاني جنوب إسبانيا، القبلة القريبة من بلاد العرب، وأرض الأجداد التي غابت لقرون عن ذاكرتنا. رحلة فنية أمنتها ليلة الجمعة الماضية فرقة البالي الإسباني المقبلة على تونس من مدريد بفن جذوره ضاربة في حضارة أيبيرية هي بدورها ضاربة في الأحقاب.

لوحات راقصة فردية وجماعية بلغة جسدية يتقنها الإسبان وتصبح دون روح إذا خرجت من أرضها الإسبانية. رومانسية ممزوجة بكبرياء وحنين كبير إلى الجذور، حركة الأرجل والأيدي لا يمكن إلا أن تخفي ما يميز النمط الإيقاعي لرقصة الفلامنكو سواء أكانت راقصة بمفردها أو كانت ضمن مجموعة من الراقصات والراقصين.

المجموعة الفلكلورية الإسبانية قدمت مشاهد لرقصة «التانغو» الأرجنتيني وفية في ذلك لقواعد هذا الفن وكيفية أدائه. أعضاء البالي تمكنوا من تجسيد رقصات الفلامنكو بتقنيات فنية مختلفة، أبرزها رقصات «سيريانس»، وهي من أشهر الرقصات في المجتمع الإسباني المعبرة عن عاداته وتقاليده.

ولم تغب المشاهد الاحتفالية عن أداء الفرقة الإسبانية، وذلك من خلال الإيقاعات السريعة المتسارعة، وحضرت الألوان الزاهية التي رسمت على أزياء الراقصين والراقصات، وجاء مشهد «العرس» ليتيح للحاضرين فرصة التعرف على الطريقة التقليدية الإسبانية التي تشبه إلى حد كبير الأجواء التقليدية العربية بأغانيها البهيجة وأجواء الفرح الطفولي المرسوم على وجوه أهل العريس وأهل العروس. وحضرت الثقافة الأندلسية بقوة، وكانت منفتحة على الثقافة العربية ومن غير المتوقع أن لا تكون رقصة «الفلامنكو» تعبيرا ثقافيا قريبا من الفلكلور العربي المتنوع بين المغرب العربي والشرق العربي.

عرض البالي الفلكلوري الإسباني كان بمثابة نافذة مطلة على ثقافة ضاربة في التاريخ، وفي تونس قدم خليطا فنيا مميزا وفريدا من نوعه. وتمكنت الفرقة الإسبانية من تجسيد نمط ثقافي إسباني مغمور لدى الكثير من الحاضرين في السهرة التي أمنتها بروح مميزة ولكنها، وعلى الرغم من انتمائها لعالم غربي، فإن اللمسات الشرقية لا يمكن أن تخطئها الأذن، ولا يمكن أن تغيب عن الفؤاد.