السعوديات يحولن النقود المعدنية إلى «ذهب وأحجار كريمة»

ابتكرن طرقا جديدة للاستفادة منها والتزين بها

النقود المعدنية باتت وسيلة تستخدمها السعوديات للزينة («الشرق الأوسط»)
TT

بعد أن بدأت تفقد قيمتها في المجتمعات الاقتصادية والتعاملات النقدية الرسمية، باتت النقود المعدنية في السعودية وسيلة تستخدمها السيدات للزينة، وكنوع من توثيق أسمائهن عليها مكتوبة بالذهب، وذلك من خلال تطعيمها بخامات أخرى كاللؤلؤ والخشب والمعادن والأحجار الكريمة.

صاحبة فكرة إدخال النقود المعدنية ذات اللون الفضي إلى سوق الحلي النسائية استوحت فكرتها بمحض الصدفة منذ عام 2008، حينما حاولت تنفيذ أفكار تراثية لابنتها ضمن نشاط مدرسي يحكي العادات والتقاليد السعودية، ويربط بينها وبين الحاضر.

عبير السليماني تقول خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «طلبت مني ابنتي آنذاك مساعدتها في تصميم وتنفيذ مشروع للمدرسة، فقمت بعمل الكثير من الأدوات، تتضمن حقيبة نسائية باستخدام الشماغ الرجالي وإضافة بعض الأحجار والخامات إليها، إلى جانب استخدام الريالات المعدنية القديمة في كتابة اسم ابنتي عليه».

وأكدت السليماني أن فكرة الريال المعدني الذي استوحته من ربط الماضي بالحاضر لاقى إقبالا كبيرا من قبل المعلمات والطالبات في مدرسة ابنتها، الأمر الذي جعلها تطور عملها لتستخدم الذهب في كتابة الاسم على النقود المعدنية.

وفي ما يتعلق بطريقة تنفيذ هذه الحلي، تؤكد أنها كانت تقوم بخط الاسم المطلوب وتسليمه لأحد الخطاطين، غير أنه بعد أن طورت عملها فإنها تعاقدت مع أحد محلات الذهب والجواهر الكبرى ليساعدوها في توفير الخامات وتنفيذ ما ترغب فيه من طلبات، لافتة إلى أن تلك القطع أصبحت مرتبطة بالنساء كثيرا في معظم المناسبات سواء كانت للسهرات أو الحفلات العادية.

واستطردت في القول: «ثمة إقبال كبير جدا، إلا أن أكثر ما تفضله المرأة السعودية يختلف من سيدة لأخرى، حيث هناك من تفضل ارتداء الريالات المعدنية المطعمة باسمها كخواتم، في حين تطلب أخرى تنفيذها كأقراط أو تعليقات أو حتى أطقم كاملة».

ومما لا شك فيه أن كتابة الاسم بالذهب على العملة المعدنية وتثبيته كحلي لن يكون أمرا سهلا، وهو ما أكدته عبير السليماني، الأمر الذي يجعل كل قطعة يتم تنفيذها تستغرق نحو أسبوع كامل للانتهاء منها، إلا أن بعض القطع الصغيرة يتم تنفيذها في غضون أربعة أيام فقط.

وحول حجم الطلبات التي تتلقاها السليماني شهريا أبانت أنه يتفاوت بحسب المواسم، حيث إنه في بعض الأحيان يمر العمل بفترة هدوء على مدار العام، إلا أنه يزداد في موسم رمضان المبارك والأعياد والتخرج والنجاح ومناسبات الهدايا والزواج.

وفي الغالب تكون الطلبات التي تتلقاها السليماني كهدايا يتم تقديمها للغير، ونادرا ما تطلب سيدة تنفيذ قطعة لها.

ومن حيث الخامات التي تستخدمها عبير في تطعيم النقود المعدنية مختلفة ومتعددة، فمثلما يشكل الذهب «مدادا» لكتابة الأسماء عليها، تعمد أيضا إدخال اللؤلؤ والزمرد والألماس والأحجار الكريمة بأنواعها وأشكالها وألوانها، فضلا عن الجلود الإيطالية والخشب في بعض الأحيان.

وبما أن للذهب حظا في هذا الجانب، فترى أن أسعار القطع التي تعمل عليها ليست ثابتة، وإنما تتأثر بارتفاع أو انخفاض الذهب كونه خامة أساسية، إلى جانب ارتباطها بأجور المصنعية، على حد قولها.

وعلى غير عادة الكثيرين من أصحاب الأعمال الخاصة ممن يلجأون إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتسويق لأفكارهم، فإن عبير السليماني اعتمدت على من كسبتهن كعميلات لديها، خصوصا وأنها تقدم لهن قطعا وصفتها بـ«المتميزة»، الأمر الذي يعمل على جذب أكبر عدد من النساء إليها، عدا عن البازارات التي تشارك من خلالها.

الجدير بالذكر أن فكرة استخدام النقود المعدنية في الحلي النسائية كانت أحد الإبداعات التي احتضنها معرض «عراقة الماضي وإشراقة الحاضر» الذي تم تدشينه مؤخرا في جدة، ضمن فعاليات مهرجانها الصيفي، واختتم أعماله يوم الجمعة الماضي، حيث شهد حضور ما يزيد على 1500 سيدة من أميرات وصاحبات أعمال وشخصيات كبيرة في المجتمع، وذلك للاطلاع على أفكار 100 فتاة منتجة، وهو ما نوهت به الأميرة عبطا بنت مقرن بن عبد العزيز، فقد تم تنظيم المعرض تحت رعايتها.

وأشادت الأميرة عبطا بتلك الإبداعات والأعمال الحرفية والمشغولات اليدوية، وحرص القائمات عليها على إبرازها في المجتمع، وتشجيعهن للتحول إلى مشاريع صغيرة ناجحة، تسهم في تنمية الاقتصاد والحد من البطالة، عدا عن كونها تعكس المستوى الذي وصلت إليه المرأة السعودية.

وتضمن المعرض متحفا للتراث السعودي بمشاركة حرفيات من مناطق السعودية المختلفة، إضافة إلى كل ما يخص المرأة وسط أجواء من الخصوصية التامة من ملابس وإكسسوارات ومأكولات وحلويات ومستلزمات الأسرة، كالمفارش والكريستالات والفضيات والتحف والهدايا، والديكورات التراثية القديمة، عدا عن عرض التجارب الناجحة للمصممات السعوديات والتعريف بالمصنوعات اليدوية والحرف التراثية المختلفة للأسر المنتجة ودعمهن لإنجاح أعمالهن وإبرازها للمجتمع.