زيارة المطارات.. للتسوق وليس السفر

ظاهرة جديدة تنتشر في الولايات المتحدة

شركة «مانجو» تخطط لافتتاح المزيد من المتاجر خلال العامين القادمين («نيويورك تايمز»)
TT

بعد الزيارات إلى الأسواق التجارية التي تراجعت معدلات الشراء بها خلال فترة الكساد - والتي لم تتعاف بعد - سارع تجار التجزئة إلى عملية البحث عن أماكن أخرى لاجتذاب المتسوقين. تلك النوعية من الأماكن التي قد يشعر فيها الأفراد بالملل دون القدرة على مغادرة المكان. ومن ثم كانت إحدى الإجابات التي أثبتت فعاليتها مع الوقت هي المطارات.

وعلى الرغم من إقامة العديد من المتاجر الراقية منافذ لها في المطارات قبل وقت طويل لجذب المتسوقين المسافرين على الخطوط الدولية في المنطقة الحرة، كانت تجارة التجزئة في العديد من المطارات المحلية مقصورة على أكشاك الصحف والمقاهي المعتادة التي تبيع أكواب القهوة واللحم المدخن المحلي. وكان التنوع الحقيقي في التسوق في المطارات هو امتيازات الطعام. لكن الأمر لم يعد كذلك في الوقت الراهن في الولايات المتحدة.

يقول خوسيه غوميز، نائب مدير تطوير شركة «مانجو»، المتخصصة في تجارة تجزئة ملابس الموضة: «أصبحت المطارات في الحقيقة منطقة خدمات مثل مراكز التسوق».

رغم تركيز متاجر الملابس والأمتعة والإلكترونيات على المتسوقين - مثل «جونستون آند ميرفي» و«بروكس براذرز» و«بروكستون» - فإنها وجدت لنفسها سوقا رائجة في المطارات. وهذه المتاجر لم تتوقف عند رجال الأعمال بل باتت تضم المراهقين والنساء والمتسوقين.

وقد افتتحت شركة «مانجو» متجرين لها في مطار سان فرانسيسكو الدولي. كما افتتحت لها متجرا آخر في مطار أورلاندو بولاية فلوريدا الأميركية خريف العام الحالي وتخطط لافتتاح المزيد من المتاجر خلال العامين القادمين. كما افتتحت شركة «فيكتوريا سكريتس» سبعة متاجر في سبعة مطارات خلال عامي 2010 و2011.

كما عمدت شركة «موجي» للأدوات المنزلية والثياب إلى افتتاح متجرين لها في مطارين، وكذلك شركة «شين جون» للملابس التي يملكها شين كومبس التي افتتحت متجرا لها في مطار هارتسفيلد جاكسون أطلانطا الدولي الذي تحول من مجرد متجر للأخبار والهدايا والأفكار العادية إلى متجر تجزئة كاملة خلال السنوات العشر الماضية، بحسب بول براون، مدير التعاقدات في المطار.

حتى «بروكس براذرز» - التي كانت واحدة من أولى شركات الملابس التي تتوسع في المطارات، حيث افتتحت أول متجر لها داخل المطار في عام 1999 - قامت هي الأخرى بركوب الموجة مع خطط لإضافة خمسة متاجر أخرى إلى 26 تمتلكها بالفعل في الولايات المتحدة. وفي الخارج افتتحت شركات ملابس التجزئة «إتش آند إم وزارا» العديد من متاجر المطارات.

ويقول غوميز من شركة «مانجو» إن «الهدف من إقامة متاجر المطارات بسيط، وهو السائح الحذر، (فبعد الأمن أنت معتقل)».

عادة ما يقضي معظم المسافرين على الخطوط الداخلية أكثر من ساعة، في المتوسط، ينتظرون في المطارات أن يتجاوزوا التفتيش الأمني، بحسب غاري سيتشي نائب مدير الإدارة الخاصة بالمطارات في شركة «ويستفيلد غروب»، شركة مراكز التسوق التي تدير مواقع التجزئة في المطارات، ومن بينها «بوسطن» و«نيوآرك» و«ميامي».

ويقول سيتشي: «ربما يحلو للبعض إقامة المتجر في شارع فيما قد يرغب آخر في إقامته في مركز تسوق وهذه فكرة ناجحة جدا، وعندما تنفذها في بيئة المطار فأنت بذلك تعتمد على الجمهور المحتجز داخل المطار وتحاول استغلال الوقت».

ويقول تجار التجزئة إن أسعار القدم المربع في المطارات أعلى منه في المراكز التجارية أو الشوارع - خاصة عندما تمطر أو تتساقط الثلوج وتتأخر الطائرات.

ويقول باولتي غارافالو، رئيس مبيعات الجملة والشؤون الدولية والتسويق في شركة «بروكس براذرز»: «لدينا شعار يقول (الطقس السيئ مفيد للعمل. عندما يكون الطقس سيئا نسعد للغاية. إن الطقس يسير على النقيض مع تجارة التجزئة هنا».

بيد أن جني الأموال من مبيعات التجزئة داخل المطارات يتطلب بعض التعديلات على نموذج البيع التقليدي، فالمتاجر أصغر حجما والعملاء عادة ما يكونون في عجلة من أمرهم أو على الأقل حذرين بشأن الوعي. وجل التركيز يكون على الملاءمة.

ويضيف غوميز: «على الرغم من وجود غرفة لتبديل الملابس لتجربة الفساتين، ربما لا يرغب بعض الأفراد في القيام بذلك لأنهم لا يملكون الكثير من الوقت، ولذا فإن الإكسسوارات والقطع الخفيفة هي الأكثر مبيعا». ومن ثم ينبغي على تجار التجزئة تغيير مخطط المتاجر، بحيث تكون هذه الجزر واسعة بما يكفي للحقائب وأن يتم التخلي عن تماثيل العرض في مراكز التسوق التقليدية من أجل مزيد من الأفكار المنفتحة وتخزين البضائع في مدخل المتجر».

ويقول براون من مطار أطلانطا: «وجدوا أن إزالة النوافذ الزجاجية والتوسع فكرة رائعة».

تعمل العديد من متاجر المطارات التي تضم متاجر «بروكس براذرز»، عبر متخصصين في عقود المطارات، مثل شركة «ذا بارادايز شوبس»، التي تدير أيضا أكشاك الصحف ومتاجر المطار الأخرى. وتركز متاجر «بروكس براذرز» أنظارها على المسافرين من رجال الأعمال ولذا تغص بالأغراض التي ربما يكونون قد نسوها أو الأغراض التي يعلمون أنهم يحتاجون إليها، ويقول غارافالو «هناك رجال أعمال يخططون للتسوق، وهم يخططون للتسوق حتى وإن مروا على محور معين عدة مرات خلال الأسبوع».

هذه الهجمة وراء التجزئة في المطارات كانت موضع ترحيب من قبل غالبية المطارات التي تحاول الاعتماد على دخل هذه المتاجر بدلا من خطوط الطيران.

ويقول بول ماكغوين، رئيس شركة «ماركت بلاس ديفلوبمنت»، التي تدير وتؤجر متاجر تجزئة في مطار فيلادلفيا الدولي ولاغوارديا: «العلاقة بين المطار وشركات الطيران تغيرت بصورة دراماتيكية تحولت فيها المطارات إلى تحميل تكاليفها لشركات الطيران. يجب أن تكون المطارات قادرة على الاكتفاء الذاتي وأن تكون تجارة التجزئة مصدرا قيما للدخل».

على الرغم من إسهام شركات الطيران بغالبية الدخل في المطارات الكبيرة، ما يعادل 41 في المائة، تأتي تجارة التجزئة كثاني أكبر مصدر للدخل، 19 في المائة، بحسب شركة «ماك كونسالتنغ آند إنترفيستاس»، استشارية في صناعة الطيران (يشكل إيجار السيارات وباحة الانتظار الأجزاء الأخرى لمصادر الدخل).

في السابق كانت متاجر التجزئة تضاف إلى مخطط المطار بعد تصميم مبنى الركاب، لكن التوجه إلى تجار التجزئة الذي تسارع خلال العقد الأخير جعل المطارات تتضمن العناصر الصديقة للمتاجر مثل تصاميم التقاء الممرات الجذابة وأرصفة التحميل ومنشآت التخزين في مباني الركاب الجديدة، بحسب رؤساء تنفيذيين ومستشاري مطارات.

ويقول براون إنه عادة ما تكون رسوم الإيجار في المطار أعلى منها في مراكز التسوق - سعر الشارع إضافة إلى 10 في المائة في أغلب المواقع في مطار أطلانطا على سبيل المثال، لكن على الرغم من ذلك فإن الطلب على أماكن تجزئة في المطارات مرتفع - لكن نسبة المتاجر الشاغرة انخفضت من 8.2 في المائة قبل عام إلى 5.4 في المائة في الوقت الراهن، بحسب مجموعة «كوستار»، شركة أبحاث عقارية. وإجمالا تبلغ نسبة متاجر التجزئة الشاغرة 7.1 في المائة، بحسب شركة «كوستار». بيد أن ماكغوين أشار إلى أن المسافرين النزقين ربما يبدون رغبة أيضا في الشراء.

ويقول: «تجربة السفر تميل إلى وضع الأفراد في حالة تجعلهم مستعدين لإنفاق الأموال، سواء أكان ذلك من أجل قضاء العطلة أم الإنفاق».

وأشار إلى أنه يعتقد أن هناك عنصرا آخر في هذه القضية يفسر الإقبال على السلمون المدخن أو القبعات التي كتب عليها «INY» أو أغراض «فيكتوريا سكريتس» المحدودة وقمصان شركة «مانجو» التي يقدمها المسافرون إلى أسرهم لدى العودة إلى المنزل. ويقول: «إنها أيضا مكان، ودائما ما يكون هذا شيئا مرحا للحديث بشأنه، لكن هناك الكثير من الأفراد الذين يدفعهم الشعور بالذنب، وهو ما يشكل السبب وراء كثرة المبيعات».

* خدمة «نيويورك تايمز»