مستخدمو «تويتر» و«فيس بوك» يتفاعلون مع أحداث الشغب في بريطانيا

مجموعات باسم «طارق جهان» و«عملية كوب الشاي» و«تنظيف الشوارع».. وحملة لجمع المال لطالب ماليزي مصاب

رجل يشاهد فيديو للشاب أشرف هازيك الذي هاجمه المشاغبون في لندن هذا الأسبوع (أ.ف.ب)
TT

مع انطلاق أحداث الشغب في شوارع لندن انتشرت رسائل على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي يتساءل مطلقوها عن أماكن الشغب ويدلي البعض الآخر بمعلومات حول ما يحدث في مناطقهم وعبر المعلومات المتدفقة تشكلت مجموعات أو «تريندز» شكلت أهم النقاط لمن يحاول معرفة ما يحدث في العاصمة البريطانية.

ورغم أن القنوات الإخبارية لم تتوقف عن متابعة الأحداث في كل مكان فإنها لم تلم بكل الأحداث بالتأكيد فحجم الاضطرابات واتساع رقعتها جعل المحطات الإخبارية تلهث بين مكان وآخر، فكما تشتت البوليس وراء عصابات المراهقين السريعة والتي انطلقت بسرعة غريبة بين منطقة وأخرى عانت محطات الأخبار من ذات الشيء، ولكن «تويتر» ومواقع التواصل الاجتماعي تحولت إلى مصدر حي للأخبار، فبمجرد أن تكتب اسم المنطقة التي تريد الاستعلام عنها تجد تعليقات من سكان المنطقة حول ما يحدث فيها تحدد أماكن الشغب وتورد أيضا صورا لما يحدث.

إلى جانب الأخبار امتدت تعليقات المستخدمين إلى التعليق حول الأحداث وإقامة مجموعات مناقشة حول أهم الظواهر التي حدثت خلال الأحداث، فمثلا ظهرت مجموعة باسم «تنظيف الشوارع» («رايوت كلين آب») يوم الثلاثاء الماضي تدعو الجميع للنزول إلى شوارع المناطق المتضررة للمساهمة في تنظيفها وإزالة آثار الشغب، وأثارت المجموعة اهتماما كبيرا من المشاركين في «تويتر» و«فيس بوك» وأنشئ موقع خاص على الإنترنت بنفس الاسم يقدم النصائح لمن يريدون المشاركة في التنظيف. وجذبت مجموعة «تنظيف الشوارع» التي أنشأها الموسيقي سام داكورث 70 ألف متابعا خلال 13 ساعة من وضعها على الموقع. وبعد أن وضع أحد المشاركين اسمه آندي بي على الموقع صورة لمجموعات المتطوعين الذين اجتمعوا عبر نداءات «تويتر» و«فيس بوك» في حي كلابهام انتشرت الصورة بسرعة وأصبحت رمزا للروح الرافضة للتدمير والفوضى في لندن. وكتب آندي بي على «تويتر» تعليقا على الصورة «موجودون في كلابهام جانكشون للمساعدة في التنظيف - الكثيرون أتوا للمساهمة». وأضاف لاحقا «فخور جدا بكل من يشارك معنا هنا». وتسابق المشاهير والساسة للتعليق على الصورة فكتب بيرس مورغان مقدم البرامج البريطاني «أحب هذه الصورة، هؤلاء الناس يمثلون بريطانيا العظمى حقا»، وعلق جون بريسكوت نائب رئيس الوزراء السابق «أتمنى أن أرى هذه الصورة على الصفحات الأولى لكل الجرائد غدا» وعلقت المغنية مايلين كلاس قائلة «مخيف جدا أن يقوم الآن بعض أهالي لندن بشجاعة كبيرة بالدفاع عن منازلهم وأماكن عملهم من أهالي مدينتهم»، أما الطاهي المعروف جايمي أوليفر الذي تضرر بشكل خاص من الشغب حيث هاجم المشاغبون اثنين من مطاعمه في لندن وبرمنغهام فكتب على صفحته بـ«تويتر»: «للأسف تعرض مطعمي في برمنغهام لهجوم. تم تكسير جميع النوافذ والمنطقة كلها مغلقة لكن لحسن الحظ طاقم العمل والزبائن بخير». وأضاف لاحقا معلقا على عمليات التنظيف التي قام بها متطوعون في برمنغهام «يا له من يوم! كل الاحترام لمساندة المجتمع لأعمال التنظيف.. هؤلاء أناس رائعون».

وخلال عملية التنظيف وإعادة الأمن احتفل المواطنون بضباط البوليس وظهرت صور لمواطنين يقدمون أكواب الشاي لضباط بوليس في إحدى المناطق وهو ما أطلق مجموعة «عملية كوب الشاي» على «تويتر» التي أنشأها نجم برنامج «بيغ براذر» سام بيبر وأصبحت أكثر المجموعات شيوعا على «تويتر» يوم الأربعاء وانطلقت منه إلى «فيس بوك» ليشترك فيها أكثر من 200 ألف شخص منهم المذيع المعروف ستيفن فراي والمغني ناثان سايكس، وعلى الموقع وضعت جملة افتتاحية «لنجتمع كل يوم ضد الشغب، ولنصنع كوبا من الشاي ونبق في بيوتنا، نحن لا نريد الشغب وهذه الصفحة مخصصة لمن ينبذونه». وقام المشاركون في الصفحة بوضع صور لأناس يتناولون الشاي وهو ما وصف بأنه رد بريطاني على مواجهة الشغب.

ومن أكثر الصور التي ارتبطت بأحداث لندن وعلق الكثيرون بأنها رمز للمستوى المتدهور لأخلاقيات المشاغبين كانت ضمن فيلم فيديو على «يوتيوب» لشاب ملقى على الأرض يتظاهر أشخاص بمساعدته على الوقوف ثم سرعان ما يقومون بسرقة حقيبته. الصور علق عليها رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بأنها من أكثر المشاهد بشاعة ونشرت في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي وأثارت التساؤل حول المصاب ويدعى محمد أشرف هازيك وهو طالب ماليزي مسلم خرج لشراء بعض الطعام لوجبة الإفطار وأصيب خلال الشغب في منطقة باركينغ، وقام أصدقاؤه بعد ذلك بنشر صور له وهو في المستشفى للعلاج من إصاباته. ونتيجة للحملة الإلكترونية وفيديو «يوتيوب» تحول الشاب الماليزي المتفوق والذي فاز ببعثة للدراسة في لندن إلى أحد الوجوه التي لمعت خلال الأحداث فكونت مجموعة على «تويتر» بعنوان «افعلوا شيئا من أجل أشرف» تحولت بعد ذلك إلى موقع على الإنترنت نتج عنه جمع مئات الجنيهات لصالحه وقام المشاركون في الموقع بالاستفتاء بينهم على أوجه إنفاق المبلغ فاقترح بعضهم إحضار عائلة أشرف من ماليزيا لزيارته في المستشفى. كما أعلنت شركة «سوني» عبر موقع «افعلوا شيئا من أجل أشرف» عن نيتها إهداؤه مجموعة من الألعاب الإلكترونية وجهاز بي إس بي للألعاب بدل الجهاز الذي سرق من حقيبته، وقال ممثل الشركة في بريطانيا الذي طلب من إدارة الموقع عنوان أشرف «سنهديه بدلا منه إذا استطعنا التوصل إلى مكانه». ومن جانبه تحدث أشرف للصحف حول ما تعرض له قائلا «قاموا بتهديدي وقالوا إنهم يحملون سكاكين، البعض منهم كان صغير السن ربما لا يزال في المدرسة الابتدائية، أخذوا مني دراجتي تحت التهديد»، ولم تتوقف معاناته عند ذلك فبعد أن ضرب وسقط على الأرض قام آخرون بسرقة ما تبقى من متعلقاته بعد أن تظاهروا بمساعدته.

ومن التعاطف مع محنة أشرف هازيك إلى التعاطف والعزاء لمصاب طارق جهان والد الشاب هارون الذي قتل في أحداث شغب في مدينة برمنغهام، فقد أصبح اسم طارق جهان من أحدث المجموعات على «تويتر» والتي جذبت آلاف المشاركين وأقيمت صفحة موازية على «فيس بوك» جذبت نحو 50 ألف مشترك، وأصبحت كلمات جهان الذي رفض الشغب ودعا الجميع للهدوء والعودة لمنازلهم «لقد فقدت ابني، وإذا أردتم أن تفقدوا أبناءكم كذلك فلتتقدموا إلى الأمام وإلا فالزموا الهدوء واذهبوا إلى منازلكم»، شعارا لمرحلة ما بعد الأحداث ودعوة لنبذ التفرق العرقي بين السكان في مدينة لها تاريخ طويل من الخلافات بين الأقليات. وعلق المشاركون على كلمات جهان بالثناء وتقديم العزاء له وقال إد ميليباند عنه إنه «وجه بريطانيا الحقيقي».