فنانون ضد الطاغية.. احتفالية فنية معادية للطغاة في قرية فرنسية

الاتحاد السوفياتي والطغاة في معرض فني معاصر

TT

جرت العادة على أن تقام المعارض الفنية ذات التوجهات السياسية الكبرى في العاصمة وفي الصالات الكبيرة مثل «متحف اللوفر أو متحف بومبيدو» أو حتى في المدن الكبرى الأخرى، التي تملك إمكانات كبيرة في صالاتها، إمكانات، تجعل من هذا النوع من الاحتفاليات الفنية، يحظى بما يستحق من ضجة ومتابعة إعلامية. فالهدف من ذلك، في الأساس، هو رؤية أكبر كمية من الناس والمهتمين بهذه الأعمال والأفكار التي تقف خلفها.

غير أن ما حدث كان عكس ذلك فأخذت قرية صغيرة على شاطئ البحر في شمال غربي فرنسا على عاتقها افتتاح معرض «بيغ براذرز» وتحويله إلى حدث فني بشكل مفاجئ، دفع بالكثير من الناس للتوافد إلى قرية دينار لمشاهدة هذا المعرض بما يحتويه من قوة تمثل تاريخ أوروبا. ويقوم المعرض على محورين أولهما الحرب الباردة والثاني نقد الديكتاتورية عن طريق أعمال تعكس واقع ما تبقى من ديكتاتوريات في العالم لا تزال تعيش على وهم انقسام العالم إلى قطبين.

وفي كافة أنحاء القرية السياحية الصيفية المواجهة لميناء سانت مالو الذي يربط فرنسا بإنجلترا، تشاهد الأعمال الضخمة والكبيرة، كما تشاهد على طول طريق جورج الخامس المواجهة للبحر، الأعلام وكذلك بعض الأعمال الفنية. هذا المعرض الذي يحمل عنوانا لافتا «في مواجهة الطغاة» كأنه يتماهى مع الثورات العربية، خاصة السورية منها. لكن هنا لم تحضر الثورات العربية أو الأنظمة، نعم حضر الفنان الجزائري - الفرنسي عبد الصمد، لكن حضر بموضوع عام، يمكنه أن ينطبق على الحالة العربية الراهنة وألا ينطبق. الضبابية تخيم على عمل عبد الصمد، لكنها مع ذلك ضبابية من الجهة التي جاء منها، كلمة طاغية وكذلك فعلها وأفعالها ليست ميزة عربية، هذا على الأقل يمثل تعزية كبرى. يستقبل المعرض زواره بمنحوتة ضخمة للصيني زانغ هان أعطاها اسما ذا دلالات دينية «يد بوذا». اليد هي اليد، لكنها مع ذلك تشير إلى شيء يقترب من اللعنة أكثر ما هي يد التسامح التي كانت لبوذا، يد من المعدن مبعجة وفي باطنها ندبة هي على الأرجح نتاج آلة تعذيب، الإشارة، هنا، ليست لبوذا نفسه بقدر ما هي للاتجار ببوذا وتحويل الدين إلى أداة للقمع الاجتماعي وأن يكون هذا القمع مدخلا للاأخلاقية في العمل السياسي. أحد أبرز الأعمال في هذه الاحتفالية الفنية المعادية للطغاة، سيارة تحمل العديد من البنادق الموجهة إلى داخلها حيث تمتلئ بالألعاب التي تتحرك. هذا التجهيز الضخم للبرتغالية جوانا فاسكوسيلوز يعد الأكثر تعبيرا عن ثقافة الطغاة. الطاغية يحكم بالنار بالرصاص بالعنف بالقتل، والشعب بالنسبة له ليس أكثر من ألعاب يتسلى بقتلها.

ثمة عمل آخر في هذا المعرض، لم يسترع الانتباه على ما يبدو، ثمة نجمة سداسية (نجمة إسرائيل) وهي معلقة على حائط رئيسي. نجمة مسدسة مصنوعة من الهراوات التي عادة ما يحملها رجال البوليس ويقمعون بها الشعب. يحكي هذا المعرض الكثير، تاريخ الطغاة في العالم حافل بإنجازات كبيرة يندى لها الجبين. مع ذلك، فإن المعرض ومن يقف وراءه يقول إنه يعالج قضايا معاصرة. الطغاة لا يزالون يعيشون بيننا، وموجودين في بعض الأماكن وبوجوه مختلفة.