25 دولارا وأحيانا سيارة نانو للرجال مقابل القبول بالتعقيم

في إطار خطة الحد من النسل التي تتبناها الحكومة الهندية

TT

حصل مانوهار لال الذي يبلغ من العمر ثلاثين عاما على 25 دولارا نظرا لقيامه بإجراء جراحة قطع الحبل المنوي، وقد أعلن عن ذلك بحماسة. كما ذهب جهونجهونو سليمان، وهو أب لخمسة أطفال ويبلغ من العمر ستة وثلاثين عاما للقيام بنفس الشيء ويأمل أن يفوز بسيارة في اليانصيب. وقال بفخر: «سأذهب لأحصل على سيارة نانو».

ونادرا ما تكون السيارات والدراجات البخارية وأجهزة خفق الطعام وأجهزة التلفزيون هدايا ترويجية مجانية، تقدمها السلطات المسؤولة عن تنظيم الأسر الهندية نظير إجراء عملية تعقيم في بلدة جهونجهونو التي تبعد 150 ميلا عن دلهي. وقد حاولت وزارة الصحة في الولاية التركيز على خطة تنظيم أسرة تقوم على إنجاب الذكور وخصصت جوائز مغرية لكل من يقوم بتعقيم نفسه منذ يوليو (تموز) وحتى سبتمبر (أيلول). وكانت الجائزة الأولى سيارة «تاتا نانو» والتي تعد أرخص سيارة في العالم ويبلغ سعرها نحو 3,000 دولار.

وفي الهند، تعد نسبة الرجال الذين يجرون عمليات التعقيم هذه واحد في المائة حيث تتجه النساء إلى إجراء مثل هذه العمليات لأن الرجال في المجتمع الريفي يعتقدون أن هذا يعني فقدانهم لرجولتهم. ويمثل عدد سكان الهند نحو 17 في المائة من إجمالي سكان العالم وازداد عدد السكان بها نحو 181 مليون نسمة منذ العقد الماضي، وذلك بحسب بيانات التعداد السكاني التي نشرت في مارس (آذار) من العام الحالي. ومن المتوقع أن يرتفع عدد سكان الهند الذي يبلغ 1.25 مليار نسمة ليفوق بذلك عدد سكان الصين بحلول عام 2030.

وبينما يعيش أغلب سكان الهند داخل البلاد وليس خارجها كما يحدث في بنغلاديش والبرازيل وإندونيسيا وباكستان والولايات المتحدة، وتعد الهند أكثر هذه الدول التي تتوق إلى إجراء جراحات التعقيم كذلك لا يعد هذا الأمر جديد في الهند. وبالفعل تتم رعاية هذه العمليات في إطار خطة «رفاهية الأسرة» التي تتبناها الحكومة الهندية، ويحصل من يجريها على 25 دولارا أميركيا تقريبا فيما يحصل من يشجعهم على إجرائها على 5 دولارات.

وفي العام الماضي تم عرض رخص حمل سلاح مقابل إجراء عمليات تعقيم في أوتار براديش، أكثر الولايات الهندية اكتظاظا. وصرحت وزارة الصحة أنه ربما يفقد الرجل قدراته على الإنجاب، لكنه سيكون أقوى إذا حصل على مسدس. وبالمثل أعلنت السلطات في مدينة بهوبال الهندية في بداية العام الحالي عن مكافأة سيارة «نانو» للعاملين في الصحة في المناطق الريفية الذين أجروا 300 عملية لقطع الحبل المنوي. بالإضافة إلى ذلك فإن أي عاملين يقومون بإجراء ما يزيد على 250 عملية قطع الحبل المنوي، يحصلون على دراجات نارية صغيرة. كذلك سيحصل العاملون الذين يجرون أكثر من 200 عملية على ثلاجة وجوائز أخرى.

على نحو مماثل، اقترح غلام نبي آزاد، وزير الصحة الهندي، أن يقدم التلفزيون في فترة المساء إسهاما فعالا في تحديد النسل، وذلك عن طريق تهدئة الناس بحيث يخلدون إلى النوم وبذلك لا يقومون بإنجاب أطفال. وقال براتاب سينغ دوتير، نائب رئيس المسؤول الطبي بمنطقة جهونجهونو: «إننا نشعر أننا تخلفنا كثيرا عن معدل التعقيم المستهدف بنحو 21,000 حالة سنويا، لذا اقترح المسؤول عن الإحصاء في هذه المنطقة هذه الفكرة. إننا لا نجبر أي شخص أو نستغله، ولكننا نحاول فقط تشجيعهم للقيام بذلك طوعا. ويأمل أن يتجه المزيد من الرجال إلى إجراء هذه العمليات لأنهم عادة ما يقومون بالتهرب من أي وسيلة لتحديد النسل».

وتحاول اللجنة القومية الهندية للسكان من خلال سياستها السكانية 2000 إضافة حوافز جديدة ومجزية للحيلولة دون زيادة السكان. وتتضمن السياسة بندا تشريعيا يجبر الولايات على تقليل عدد السكان بها من خلال تجميد عدد مقاعد مجلس الولايات ومجلس الشعب في البرلمان الهندي حتى عام 2026.

وقد ظهر تعقيم الرجال لأول مرة في الهند عام 1952 ضمن حملة دعائية احتوت على مثلثات حمراء تحمل شعار «نحن اثنان ولدينا ثلاثة أطفال»، التي تم تعديلها بعد ذلك لتصبح «نحن اثنان ولن ننجب سوى طفل أو اثنين». وحققت هذه المبادرة ضجة هائلة في منتصف السبعينيات عندما تم اتهام حكومة حزب المؤتمر الوطني وقتئذ والتي كانت تترأسها أنديرا غاندي، رئيسة الوزراء الهندية السابقة، بإجبار الشباب والنساء وكبار السن وأكثرهم من الفقراء على إجراء عمليات تعقيم. وخسر حزب المؤتمر الوطني الانتخابات نتيجة النهج الإجباري الذي انتهجه في تنظيم الأسرة. بعد ذلك تعاملت جميع الحكومات بحذر مع وسائل تنظيم الأسرة واتجهت نحو جذب الناس إلى وسائل مختلفة لتأسيس أسرة صغيرة.

وذكر صندوق الأمم المتحدة للسكان أن معدل الخصوبة في الهند - عدد الأطفال الذين يولدون لكل امرأة - 2.5 وذلك وفقا للأرقام الصادرة من الصندوق عام 2010. مع ذلك اتجه معدل الخصوبة إلى الانخفاض منذ عام 1990، حيث توقف المعدل عند 4.0، وذلك بحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان. رغم ذلك ينتقد البعض عوامل الجذب المادية، ويطلقون على الخطة الجديدة التي تعتمد على مكافآت «قسرية وغير قابلة للاستمرار». وكذلك حذروا من الاندفاع نحو أرقام عمليات التعقيم المستهدفة، التي ربما تنجح في زيادة أعداد الذين يجرونها، لكن دائما ما يكون ذلك على حساب مستوى الرعاية الصحية خاصة عندما يكون هناك عدد كبير من المرضى وعدد قليل من الأطباء ووقت محدود.