عالم «شوارفسكي».. رحلة في أعماق عالم الكريستال

في المعرض النمساوي الشهير تسطع الأعاجيب الكريستالية في أبهى صورها

نافورة «شوارفسكي» الشهيرة، التي اختيرت ضمن أفضل 35 نافورة في العالم («الشرق الأوسط»)
TT

يعرف الكثيرون شوارفسكي (Swarovski) التي تعد العلامة الأشهر في صناعة الكريستال، إلا أن ما لا يعلمه البعض أنه بالإمكان الاستمتاع برحلة في أعماق الكريستال؛ في متحف شوارفسكي الواقع أمام مصنع الشركة العريقة، في منطقة انسبورك النمساوية، الذي يعد من المعالم السياحية البارزة، التي تستقطب السياح ويعتز بها النمساويون.

في البداية، يستقبل الزوار نافورة شوارفسكي الشهيرة، الواقعة في متنزه شوارفسكي، والمكونة من وجه ضخم من العشب ينبع الماء من فمه، أما عيناه فهي مرصعة بالكريستال الساطع الضخم، وما إن يدخل الزائر حتى يجد حائط الكريستال، البالغ علوه 11 مترا وطوله 42 مترا، حيث يرى انعكاسات مئات الألوان في جميع الزوايا.

وتستمر الجولة مشيا؛ انتقالا إلى القبة الضخمة، وهذا المكان لا يضاهى بأي شيء آخر في عالم الكريستال، يظهر وكأنه قطعة كريستالية عملاقة تحيط بالمارة من كل مكان، حيث يتكسر الضوء والصوت في المرايا البالغ عددها 595 مرآة. وكل مرة ينغمر المكان بلون مختلف وتعكس أشكال الموجودين مئات المرات وبأبعاد مختلفة، وبداخل كل ذلك تقع القبة «الجيوديسية» الخاصة بالقبة الكريستالية التي تنقل في الوقت نفسه الشعور بالفضاء واللانهاية، مع الإشارة إلى أنه في وسط المكان بالإمكان إجراء تجربة صوتية على أشدها، حيث تتغير نغمات الصوت بشكل كبير.

وما إن يتجاوز الزائر قبة الكريستال حتى يصل إلى المسرح الآلي لجيم ويتنجز، حيث تتحرك مجموعة من الدمى بانسجام مع أصوات الموسيقى، وهي ترتدي ملابس مرصعة بالكريستال، مع بعض الأدوات المتحركة وكأنها أشباح سحرية، وذلك حتى الوصول إلى غرف العجائب، التي صممها فنان الوسائط المتعددة أندريه هيلر عام 1995، وكانت له رؤية مفادها أن الكريستال كمادة ذات إمكانات لا نهائية يرتبط في عالم الكريستال شوارفسكي بالفن في تنوعه كقوة خلاقة، والنتيجة هي عالم من الاكتشافات، فهناك المشاهدة؛ والسمع؛ والشعور؛ والاستماع. إنه مكان لن تراه على نفس الشاكلة مرتين، والسحر يسكن أعلى عالم الكريستال.

ولا تغيب الممرات السحرية عن رحلة الكريستال، إذ إن فنانين خالدين مثل سلفادور دالي، كيث هارينج، نيكي دي سينت فال، صنعوا أعمالا من الكريستال تشكل دائرة سحرية حول المركز: إن النصب المئوي ذا الـ300 ألف قيراط هو أكبر قطعة كريستالية تم صقلها. ووفقا لما يرويه القائمون على معرض شوارفسكي فإن: الكريستال به أوجه متعددة، وبه سحر خاص ولكن يخرج عندما يبرق كالجليد، بارد وغامض، وفي الضوء الخافت «Slient light» الذي صنعه كل من تورد بونتيي وألكسندر ماكوين يأخذ الكريستال الشكل الأصلي للكتل الجليدية الخشنة ويوقظ ذكريات هادئة عن ليلة شتوية مقمرة وشديدة البرودة.

ومع كل هذا الصخب، يظهر مسرح الكريستال، الذي يفتتح ستاره على بوابة الأحلام والخيالات، فكل شيء يبدو متاحا في عالم «سوزان شموجنيرز» الملون: الشمس ترقص مع القمر، النباتات تأكل الكريستال الذي يتحول إلى فراشات، نهر كريستالي يتعرج على ما يبدو عبر المكان، فقط على الزائر استخدام خياله الخاص ويلعب مع تفسيره بتلك المشاهد الرمزية المرحة.

يلي ذلك، ظهور أعجوبة العملاق، وهي زاوية استثنائية، توضح قصة عملاق ودود سافر في جميع أنحاء العالم، وهو في كل مكان في مملكته تحت الأرض، وخصوصا هنا في غرفته الشخصية الخاصة بالعجائب، وقد رافقه في رحلته عصا المشي وخاتمه وقفازاته والأكورديون، إلى أن قرر العودة إلى وطنه وحماية مملكته.

وبعدها يدخل الزائر في عوالم أخرى من الموسيقى والإحساس الحالم، في عرض لا ينسى داخل قبة مظلمة، حيث تغني السوبرانو العالمية الشهيرة «جيسي نورمان»، خاصة أن صوتها العاطفي بارع وآسر ويحمله الكريستال الصخري الطبيعي الضخم من مدغشقر، وهنا، كلاهما (الصوت والمكان) يصبحان كتلة واحدة من الفخامة والطاقة.

كل ذلك وأكثر في أجواء كريستالية مليئة بالترف والرفاهية، خلال جولة تمتد لنحو 45 دقيقة داخل المعرض، نظير 8 يوروات، وتنتهي بمتجر شوارفسكي، الذي يتيح للزوار شراء الهدايا التذكارية المرصعة بالكريستال الساطع، ما بين القطع الثمينة والأخرى الزهيدة السعر، إلى جانب ما يجده الزوار أثناء تسوقهم من تماثيل فاخرة مرصعة كذلك بمئات القطع الكريستالية، لتبقى ذكرى الكريستال ترافقهم أينما ذهبوا.

وعروجا على البداية التاريخية لهذا العالم، فإن ولادة شوارفسكي جاءت مع ولادة دانيال شوارفسكي عام 1862، حسب ما تفيد موسوعة ويكيبيديا، وفي عام 1892 حصل على براءة اختراع لآلة القطع الكهربائية التي سهلت إنتاج ريادة حلى زجاج الكريستال. وفي عام 1895، أسس الممول شوارفسكي وأرماند كوزمان وفرانز وايس شركة شوارفسكي، التي كانت تعرف أصلا باسم كوزمان، دانيال شوارفسكي وشركاه، والتي اختصرت في وقت لاحق إلى K.S.&CO وقد أنشأت الشركة مصنع قطع الكريستال في تيرول، للاستفادة من الطاقة الكهرومائية المحلية من أجل عمليات طحن الطاقة المركزة التي سجل دانيال شوارفسكي براءة اختراعها.

ومجموعة «كريستال شوارفسكي» تضم نحت الكريستال والقطع المصغرة جدا، والمجوهرات والأزياء الراقية، وديكور المنزل والثريات، إذ يتم وضع علامة الشعار على جميع المنحوتات، والشعار الأصلي لـ«شوارفسكي» هو زهرة إديلويس، التي استبدلت بشعار (S.A.L)، وأخيرا استبدل بالشعار الحالي لصورة البجعة في عام 1988.