في السعودية.. صرعة «الميني جلابية» تتربع على عرش الموضة في رمضان

التباهي بارتداء أفخمها ينعش التجمعات النسوية.. وأسعارها تصل إلى 5 آلاف ريال

موديلات «الميني جلابية» تحضر بقوة في الأسواق السعودية خلال شهر رمضان هذا العام («الشرق الأوسط»)
TT

لم يكن الحديث هو اللافت وحده، في اللقاء الرمضاني الذي أقامه صندوق الأمير سلطان بن عبد العزيز بالخبر مساء الخميس الماضي، فعلى الرغم من كون ضيفة اللقاء نسيبة المطوع؛ قدمت من الكويت للتحدث عن العلاقات الإنسانية، فإن ما يمكن تسميته بـ«صراع الجلابيات» خطف أنظار الحاضرات، وهو ما دفع المطوع للتعليق حول ذلك، وإبداء إعجابها بأزياء الفتيات، اللاتي يقبلن هذه الفترة على ارتداء الجلابيات بكل أشكالها وآخر موديلاتها هي القصيرة والتي تصل إلى منتصف الساق، أو ما يعرف بـ«الميني جلابية».

هذه الصرعة «الرمضانية» كانت لافتة أيضا في المعرض السنوي الذي أقامته إحدى الجمعيات الخيرية في مدينة الدمام الأسبوع الماضي، الأمر الذي جعل زائرات المعرض يتخيلن أنفسهن وكأنهن في أحد عروض الأزياء، مع صخب الألوان والتصاميم الحديثة التي ضمها المكان، حيث تتفنن السعوديات في اقتناء أفخم أنواع «الميني جلابية» هذه الأيام، للتباهي بها، سواء في المناسبات الرسمية أو الأمسيات العائلية.

وليس الغريب أن ترتدي النساء الجلابيات في رمضان، فهو عرف دارج بين السعوديات، بل الغرابة تكمن في قصر طول الجلابية مؤخرا، وخروجها من عباءتها التقليدية، بحيث أصبحت تظهر نقوش الحناء المرسومة على الساق وأشكال الخلاخل التي تزين أقدام الفتيات، الأمر الذي يكسر الروتين القديم للجلابية المعروفة، التي ظلت لسنوات محافظة على شكلها التقليدي الطويل والفضفاض، ويعزز من هذا التوجه كذلك ظهور بعض الممثلات في المسلسلات الخليجية الرمضانية وهن يرتدين الميني جلابية، الأمر الذي يزيد من جاذبيتها لدى شريحة الفتيات تحديدا.

عن هذه التوجه، تحدثت مصممة الأزياء أمينة الجاسم لـ«الشرق الأوسط»، قائلة «في رمضان يتجه الجميع للتراث كثيرا، فيكون هناك حنين للعادات القديمة، بما في ذلك ارتداء الجلابيات، التي تأتي كزي جميل وحميمي في هذا الشهر»، وتتابع الجاسم بالقول «الفتيات رجعن إلى الجلابية الآن لكن بطريقة حديثة ومطورة، بعد أن أصبحت موضة، وبعد تنوع موديلاتها وتصاميمها، حيث أصبحت أقرب بشكلها إلى الفستان، خصوصا بالنسبة للجلابيات القصيرة».

وتؤكد الجاسم التي تعمل على تصميم الجلابيات منذ سنين طويلة على أن الجلابيات القصيرة أو ما يعرف بـ«الميني جلابية» ارتفع الإقبال عليها في الآونة الأخيرة نظرا لتزايد انتشارها، مضيفة «هناك من ما زلن يطلبن الجلابيات الطويلة، وأخريات يفضلن القصيرة، خاصة بالنسبة إلى الشابات، بحكم أنها موضة الآن، والناس تتبع الموضة أحيانا بطريقة عمياء».

وتناولت الجاسم التطور الذي عصف بصناعة الجلابيات، مشيرة إلى أنها «أصبحت عصرية أكثر، وتضج بالأفكار الجديدة والمبتكرة»، قائلة «ما زالت الجلابية محافظة على الرونق القديم وشكلها كجلابية تراثية، إلا أنه من التحديثات الجديدة التي أضيفت لها أننا نجدها صارت تربط بالشرائط وأصبحت تتناسق مع قوام الجسم وتأتي متوازية مع الخصر بدلا من أن تكون فضفاضة».

ويبرز التنافس على ارتداء أحدث تصاميم الميني جلابية في السهرات والأمسيات الرمضانية، وفي الليالي الخاصة، مثل «الغبقة» و«القرقيعان» وغيرها من التقاليد التراثية القديمة، في حين تعتمد مصممات هذا النوع من الجلابيات على فلسفة الموضة العصرية التي ترى أن كل شيء مسموح به ما دام يعكس الأناقة الراقية والذوق الرفيع، وهو ما يجعل الميني جلابية تركز على القصات الناعمة والواسعة والمريحة، مع إضافة الأفكار والابتكارات.

وبالإمكان رؤية موديلات الميني جلابية وكأنها قطع فنية، بعد أن أضيفت إليها تصاميمها اللؤلؤ البراق وكريستال شوارفسكي والخرز الملون وخيوط الذهب والفضة، إضافة إلى الشرائط الملونة التي تحاك يدويا، هذا إلى جانب الإكسسوارات الأخرى التي يتناسب ارتداؤها مع هذه الجلابيات كالعقود والأقراط والأساور الملونة والخشبية، والحزام العريض في الوسط أو عند الورك.

وفي جولة لـ«الشرق الأوسط» في معارض لبيع وتصميم الميني جلابية، أكد العاملون فيها على تزايد الإقبال على شرائها منذ دخول شهر رمضان بنسبة 70 في المائة، أما أسعارها فهي تتراوح بين 200 إلى 1000 ريال (53 إلى 266 دولارا)، وتصل قيمة أفخمها إلى حدود الـ5 آلاف ريال (1330 دولارا)، حيث ترتفع قيمة الميني جلابية في حال كانت تعود لإحدى المصممات المعروفات أو دخلت في نسجها مواد ثمينة، وهو ما تتنافس عليه بعض السيدات للظهور بإطلالة لافتة.

وتؤكد الشابة وفاء السويدان؛ أنها ترتدي الميني جلابية في أمسيات رمضان تماشيا مع إقبال بقية الفتيات عليها، مشيرة إلى أنها «فرصة لكسر الروتين وتوديع الجينز والتنورة خلال هذا الشهر»، وتتحدث السويدان عن سبب إقبال نظيراتها من الفتيات على هذه الموضة بأنه «نتيجة التصاميم والألوان الزاهية التي تميز موديلات الميني جلابية، بالإضافة إلى أن قصرها يجعلها عملية ومريحة للحركة، ومناسبة أكثر للأجواء الصيفية الحارة».

جدير بالذكر أن الجلابية أو الدراعة، تختلف باختلاف مناطق المملكة، فالجلابية في المنطقة الشرقية تختلف عن تلك الموجودة قديما في الحجاز أو نجد، وكل منطقة من مناطق السعودية لها تراثها الخاص، وتختلف الخامات المصنوعة منها بحسب اختلاف المناطق وطبيعة المناخ فيها، إذ يستخدم قماش الكتان والقطن في المناطق الباردة، وأقمشة التل والشيفون في المناطق الحارة. ومع التطور الحاصل في الأقمشة والقصات، نجد أن القماش يتحكم في طبيعة تصميم الجلابية، فمثلا عند تصميم جلابية عسيرية لا بد من استخدام قماش الكتان لطبيعة التطريز في تلك الأقمشة، وحتى تظهر فيه القصات المطلوبة للثوب، أما عند تصميم الجلابية الخليجية فلا بد من استخدام الخامات ذاتها التي كانت تستخدم قديما، كأقمشة الحرير والشيفونات والقطن.