في المعرض الدولي للألعاب الإلكترونية «جيمز. كوم».. المستقبل لـ«الألعاب الاجتماعية» و«الجوالة»

23 مليون ألماني يلعبون بشكل منتظم على الكومبيوتر

شاب يرتدي نظارة ثلاثية الأبعاد أثناء تجربة إحدى الألعاب في جناح «سوني بلاي ستيشن» (رويترز)
TT

تحدث رئيس معرض «جيمز. كوم» الدولي للألعاب الإلكترونية، الأكبر من نوعه في العالم، عن تحول ألعاب الفيديو والكومبيوتر إلى ألعاب اجتماعية عائلية بعد أن كانت ممارستها حكرا على الشباب واليافعين. لكن رئيس المعرض تيم اندرز تعرض إلى «هجوم» واسع النطاق شنته جبهة دعاة البيئة والسلام بسبب تحول معرض هذا العام إلى دعاية «عسكرية» تدعو إلى العنف والحروب.

وانصبت الانتقادات على سماح المعرض لشركة «دايس» بنقل طائرة «ميغ 21» روسية الصنع كي تعرضها في جناحها القريب من نهر الراين. وذكر دعاة السلام أن عرض الطائرة كدعاية للعبة «باتيلفيلد3» سيحول المعرض بالتدريج إلى معرض أسلحة، خصوصا أن ألعاب الحروب والعنف تحتل مكانة واضحة بين ألعاب المعرض. في الوقت ذاته، جرى في المدينة، وعلى جوانب الترامات والحافلات، خصوصا الخط رقم 13، الإعلان عن «عالم المدرعات» بإعلانات ملونة كبيرة حولت المدينة إلى ساحة حرب.

«جيمز. كوم» 2011 سجل مشاركة 550 شركة عالمية (505 عام 2010) من 39 دولة (33 في العام الماضي). ومع توسع المعرض ينتظر أن يرتفع عدد الزوار إلى أكثر من 250 ألفا، عدا عن 100 ألف إنسان، معظمهم من الشباب، من المتوقع أن تجتذبهم آلاف الألعاب الكومبيوترية التي ستنشرها الشركات في الشوارع المعروفة والساحات في حفل يستمر طوال أيام المعرض الممتدة بين 18 و21 من أغسطس (آب) الحالي.

ومعروف أن تهمة «ترويج العنف» أضرت كثيرا بمنتجي الألعاب الإلكترونية الكبار لأن الكثير من الألعاب الجديدة تحمل أسماء حروب. وفي معرض العام الماضي وعدت تانيا ييسن، من شركة «إيبك» المعروفة، أنصار لعبة «غيرز وورز3» بـ«عاصفة من الرصاص». وتعرضت ييسن بالتالي إلى انتقادات دعاة السلام والبيئة.

ويأتي هذا النقد في وقت تتحدث فيه إدارة المعرض عن تحول نوعي في الألعاب الإلكترونية التفاعلية لصالح ألعاب الرياضة والألعاب العائلية والاجتماعية التي وصلت إلى «البيوت». ولهذا فقد كان «دخول المجتمع» أحد الشعارات الرئيسية لمعرض «جيمز. كوم 2011»، وهذا ما كشفته دراسة نشرتها شركة «بيتكوم» بمناسبة معرض 2011، حينما توصلت إلى أن ألعاب الكومبيوتر قد تحولت إلى «رياضة شعبية»، بل إنها تسللت إلى أكثر أفراد المجتمع بعدا عنها، ونقصد النساء.

في دراسة مماثلة لجمعية أبحاث السوق تبين أن 33 في المائة من الألمان يلعبون على الكومبيوتر أو الأجهزة الحديثة، منهم 23 مليون إنسان يلعبون عليها بشكل منتظم. وحققت الألعاب قفزة نوعية حينما ارتفعت نسبة النساء اللاتي يمارسن اللعب على الألعاب إلى 44 في المائة، وترتفع هذه النسبة إلى 51 في المائة في حقل ألعاب التسلية الجماعية والرياضة والتفكير.

ظاهرة الهواتف والألواح الإلكترونية المتنقلة دخلت هذا المعرض من أوسع أبوابه بواسطة الألعاب المناسبة للعب على الكومبيوتر الثابت والكومبيوتر الدفتري (اللاب توب) والأجهزة الجوالة. ويبدو أن المستقبل مفتوح لتقنية الـ«سمارت فون» التي تتحول مع مرور الزمن إلى أجهزة إلكترونية لكل شيء.

ومع طغيان ألعاب الكومبيوتر والأجهزة الجوالة تراجعت نسبة ألعاب الفيديو في المعرض إلى النصف. ومعها أيضا تضاءل عدد أجهزة التلفزيون المعروضة وأجهزة عرض الفيديو أيضا. وكما في قطاع الكومبيوتر فهناك سيادة واضحة للأجهزة التي لا تحتاج إلى كابلات وتستخدم تقنية النقل والتحميل الجديدة مثل «بلوتوث». النزعة الأخرى في عصر السرعة الإلكترونية هي نزعة شراء واقتناء وتحميل الألعاب من الإنترنت. فالشركات صارت توفر نسخا مدمجة وتقنيات تحميل سريعة تجنب اللاعب عناء شراء اللعبة (القرص) من رفوف المحلات. ومن الممكن هذا العام لعب الألعاب المشهورة مثل «ستار وورز» و«نيد فور سبيد» و«ماس إيفكت» بنسخ مجسمة.

وعموما هناك 300 لعبة جديدة ستطرحها الشركات في عالم الخيال العلمي والافتراضي الذي تمثله ألعاب الكومبيوتر عموما. وهذا رقم قياسي جديد لأن «جديد» المعرض السابق كان 200 لعبة فقط. وعلى هذا الأساس، ونقصد التاريخي، أي منذ إنتاج أولى الألعاب الإلكترونية في ستينات القرن العشرين، يقدم المعرض هذا العام عرضا استرجاعيا لأجهزة للألعاب وأجهزة اللعب. وهي نماذج منتقاة من مجموعة رينيه ماير الذي تخصص في أرشفة تاريخ هذه الألعاب، ويمكن مشاهدتها في القاعة 8 من المعرض.

صانع الأجهزة الإلكترونية «ل.ج» طرح جهاز تلفزيون لمشاهدة الألعاب والأفلام بأبعاد ثلاثية (مجسمة) وذلك من دون الحاجة لنظارات خاصة. وليس ذلك إلا تعبيرا عن نزعة الألعاب الإلكترونية المجسمة التي ينتظر أن تكتسح سوق الألعاب المتنامية.

شركة «سوني» عرضت بديلها النقال «بلاي ستيشن فيتا» في الجناح رقم 7 ضمن ما يسمى (الجيل الجوال المقبلNext Generation Portable). والجهاز مزود بأزرار عديدة وكاميرتين مدمجتين وبرنامج استشعار ذي أربعة محاور، هذا بالطبع إلى جانب شاشة لمس (توتش سكرين OLED-Multi). عدا عن ذلك فإن الشركة اليابانية تدخل سوق المنافسة هذا العام في مجال الحركة (موف) بواسطة «بلاي ستيشن دانس ستار بارتي» للرقص وتقليد نجوم الغناء العالميين، ناهيكم عن ألعاب «الإثارة» مثل «Uncharted» و«Resistance» الخاصين باللعب على جهاز «فيتا».

وكالمعتاد تدخل «نينتندو» عالم المنافسة ضد «سوني» من خلال مجموعة ألعاب جديدة لجهازها الجديد «3 دي سي» الذي أعلنت عنه في مارس (آذار) الماضي. بينها لعبة «ميتال جير سولد - سنيك ايتر» الثلاثية الأبعاد. ومن غير المتوقع أن تكشف «نينتندو» في «جيمز. كوم» 2011 عن جهازها الجديد «Wii u» الذي تعتبره الجيل الجديد من ألعاب «ويي» الرياضية، وهذا رغم أنها عرضته في الولايات المتحدة قبل أشهر في معرض لوس أنجليس.

ومن المتوقع أن تعوض «نينتندو» أنصارها عن «ويي يو» بنسخة جديدة من مغامرة «زيلدا» واسمها «سكاي وارد سوورد»، وهي لعبة بثلاثة أبعاد ولا يحتاج اللاعب فيها إلى نظارات خاصة كي يتمتع بعالمها الغرافيكي المجسم.

وينتظر أن تجتذب شركة «كونامي» اليابانية الآلاف من هواة لعب كرة القدم الإلكترونية بفضل لعبة «برو ايفوليوشن سوكر». وذكر جون مور، ممثل الشركة في أوروبا، أن اللعبة ستطرح للتجربة في المعرض أمام الزوار، وميزة النسخة الجديدة من «السوكر» هي أنها تعتمد «التحميل الاسترجاعي» وهو ما يتيح للاعب التدخل لإحداث نوع من التفاعل بين اللاعبين والجمهور. ويتميز لاعبو كوناني بالذكاء «الاصطناعي» الذي أسبغته عليهم التقنيات التفاعلية الجديدة، فهم قادرون على التفكير، والمناورة، واتخاذ المواقع المناسبة للهجوم أو الدفاع.

وطبيعي ألا تعرض «مايكروسوفت» ألعابها المتعددة من دون جديد يتمتع به الجمهور ويضاعف مداخيلها. وتعول «مايكروسوفت» هذا العام على الرياضة والحركة، تماشيا مع النزوع البشري الحالي نحو الرشاقة واللياقة، وتطرح نسخة جديدة من «ستار وورز» لمشغلها المعروف بـ«أوكس بوكس» (Xbox 360). هذا عدا عن لعبة «هالو» والنسخة الثالثة من لعبة المخلوقات الفضائية «جيرز أوف وورز»، ويستخدم الأبطال في هذه النسخة، لمزيد من الإثارة، أسلحة فضائية مزودة بمناشير كهربائية، لمقاتلة المخلوقات الفضائية الغريبة التي تهاجم الكوكب.

أكثر الألعاب انتشارا بين الشباب (من أعمار 14 - 26)، حسب إدارة المعرض الدولي للألعاب، كانت كالآتي: 1- «وورلد أوف ووركرافت» التي يستخدمها الملايين على الإنترنت.. 2- «كول أوف ديوتي» التي تعتبر من أنواع ألعاب «الايغو جيمز».. 3- «سبلنتر سيل» التي تعتبر قمة في الغرافيك والتقنية.. 4- «جيلد وورز» التي يصبح اللاعب فيها على الإنترنت بطل اللعبة.. 5- «تير ميليتاريز».. 6- «رولين جيمز» R.O.S.E,7 - غراند ثيفت أوتو.. 8- فيفا 2010.. 9- زيلدا.. 10- باتلفيلد. وواضح من أسماء الألعاب أن معظمها مشحون بالمعارك والحروب والعنف.

من ألعاب الإثارة الأخرى التي ستجتذب الجمهور إلى أجهزة العرض:Activision Blizzard,caticahlism, Deus Ex: Human Revolution, Batman:Arkham City والكثير الكثير غيرها.

النقد الموجه إلى المعرض لا يتوقف عند ألعاب الحروب والعنف، وتأثيرها على الشباب فحسب، وإنما يتعداه إلى انتشارها و«قابليتها على الحركة» (الأجهزة الجوالة) أيضا. فالقدرة على ممارسة اللعب على الأجهزة الجوالة، الذي تعتبره الشركات تطورا اقتصادية إيجابيا، بمعنى تحميل الألعاب على الـ«سمارت فونز»، يعتبرها العلماء التربويون مشكلة جديدة. فقطاع ألعاب الكومبيوتر متهم الآن ليس بافتراس نقود المراهقين والطلاب فحسب، وإنما وقتهم أيضا، لأن لعب الألعاب الجوالة ما عاد مقتصرا على البيت، تحت إشراف الوالدين، ويمكن للطفل ممارسته في الشارع وفي الحافلة المدرسية.

الشركات الكبرى لجأت إلى الـ«سمارت فونز» بالذات لحل مشكلة الزحام على الأجهزة في المعرض. فالجمهور، كما جرى ذلك في المعارض السابقة، يقف في طوابير طويلة كي يتمتع باللعب على الألعاب الجديدة مثل على «ديابلو3» و«كول أوف ديوتي» و«باتلفيلد3» و«لارا كروفت» خلال أيام المعرض، وأرادت من خلال بيع النسخ المخصصة للـ«سمارت فونز» والألواح والهواتف الجوالة تخفيف الزحام على الأجهزة.

على أي حال أصبح قطاع إنتاج وبيع الألعاب الإلكترونية أكثر قطاعات الأجهزة الإلكترونية تحقيقا للأرباح. وحقق قطاع الألعاب الألماني عام 2011 أرباحا قدرها 1,68 مليار يورو، أي بزيادة 3 في المائة عن عام 2009. وكان بيع الألعاب على الإنترنت أكثرها تطورا، لأن تحميل الألعاب وشراءها على الشبكة زاد بنسبة 45 في المائة خلال عام واحد حسب تصريح أولاف فولترز رئيس قطاع «سوفت وير» للتسلية التفاعلية في ألمانيا.