النائب العام الفلسطيني يثير جدلا كبيرا بعد قراره وقف البرنامج الساخر «وطن على وتر»

أبطال العمل: سنعرضه في الشوارع

أثار قرار منع البرنامج الكوميدي الساخر «وطن على وتر» جدلا بين الفلسطينيين بين مؤيد ومعارض (أ.ف.ب)
TT

أنهى النائب العام الفلسطيني جدلا استمر لأكثر من 15 يوما حول البرنامج الكوميدي الساخر «وطن على وتر»، الذي يبث على شاشة تلفزيون فلسطين يوميا بعد الإفطار، بين مؤيد ومعارض، فأمر بوقف بث البرنامج، غير أنه أشعل جدلا من جانب آخر حول علاقته (النائب العام) بالأمر، وإلى أي حد مس ذلك بحرية الرأي والتعبير.

واتخذ النائب العام قرارا بوقف «وطن على وتر» بعد تلقيه 3 شكاوى من نقابة الأطباء وقيادة الشرطة ورئيس هيئة مكافحة الفساد، إثر بث حلقات طالت أساليب عمل كل منهم.

وقال الفنان خالد المصو، أحد أبطال «وطن على وتر» إلى جانب كل من عماد فراجين ومنال عوض: «هذه سابقة خطيرة».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «غدا سيتدخل النائب العام لإيقاف مسرحية أو مقال أو صحيفة، هذا يدق ناقوس خطر، وسيقودنا إلى دهاليز الظلام وكتم الأفواه، في وقت تشهد فيه الدول العربية ثورات شبابية وديمقراطية، ما بيصير، بدنا نمشي لقدام». ودافع المصو عن «وطن على وتر»، وقال إنه في كثير من الأحيان أسيء فهم مقصده.

وأوضح: «لدينا أخطاء طبية ولا يمكن تجاهل ذلك، لدينا سكارى في الشوارع ولا يمكن تجاهل ذلك، بعض المعالجات لهذه القضايا فُسرت خطأ».

وكان «وطن على تر» انتقد الأخطاء الطبية في فلسطين، كما انتقد ظاهرة السكارى في الشوارع وطريقة تعاطي الشرطة الفلسطينية معهم، من ضمن مواضيع آخر كثيرة، تطرقت إلى الوضع الاقتصادي السياسي والاجتماعي وقضايا الفساد.

وقال المصو: «(وطن على وتر) غير مسيس وغير حزبي، ليس بوقا لأحد، وحاول أن يعالج كل القضايا»، وأضاف، «يتهموننا في أحيان كثيرة بأننا رجال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه، بصفته المسؤول عن (تلفزيون فلسطين)، لسنا رجال ياسر عبد ربه، نحن فنانون ولدينا موقف ورسالة».

وتعهد المصو بإكمال عمل «وطن عل وتر»، وقال: «سنواصل على الرغم من القرار، سنصور ونبث الحلقات عبر (يوتيوب)، وفي الشارع أيضا، لن نتوقف».

وكان النائب العام أمر بوقف «وطن على وتر»، بسبب «تكرار إساءاته وأخطائه وهفواته وركاكة مضمونه.. ولتحقيره للمقامات، وإساءة في النص والتعبير». ورد كاتب النصوص والممثل فراجين، على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» على قرار النائب العام: «عار عليكم عار». كما هاجم ياسر عبد ربه القرار، واصفا إياه بـ«سابقة خطيرة في تاريخ السلطة الوطنية».

ونقلت صحيفة «الأيام» المحلية عن عبد ربه قوله «إن النائب العام نصب نفسه مسؤولا عن الأعمال الفنية، وبات هو المرجعية في البلد، بل والمسؤول عن الذوق العام، وبناء عليه اتخذ القرار وهو ما يؤسس لمرحلة في غاية الخطورة تتعلق بالحريات العامة، وخاصة الأعمال الفنية والإبداعية».

وفورا أنشأت مجموعات شبابية صفحات على «فيس بوك»، ضد قرار إيقاف «وطن على وتر»، وكتب مناصرون للبرنامج: «لا لكاتم الصوت»، وتبادلوا آراء مختلفة.

وعلق صحافيون وسياسيون على قرار النائب العام، وقال بسام الصاحي، أمين عام حزب الشعب ووزير الثقافة السابق، «إن أمر منعه ليس شأنا للنائب العام، ولا يجوز تكريس هذا الأسلوب كمظهر للتعامل مع حرية الرأي والإعلام (...) أن يصبح النائب العام هو الحكم بحجة قذف المقامات العليا، فهذا سلوك غير مسبوق يجب وقفه فورا».

وكتب الصحافي أسامة العيسة: «لم أكن أعلم أن لدى النائب العام في السلطة الفلسطينية، التي تسعى لأن تصبح دولة الشهر المقبل، حاسة نقدية، أو اهتمامات أدبية تجعله يصف مسلسل (وطن على وتر)، بأنه، ركيك وكثير الهفوات، ولكن لا شك فإن ذلك من حقه كمشاهد ومواطن. وأنا أتفق معه وكنت أتمنى على الصديق خالد المصو، أن يحافظ على مستواه وتاريخه الفني، أما أن تكون الركاكة أحد أسباب قراره بوقف المسلسل فهذه الطامة الكبرى، ولا تبشر بخير حول وضع الفن في دولة سبتمبر (أيلول) المقبلة. أما الطامة الصغرى فإنه برر موقفه بوقف المسلسل أيضا بأنه (لما فيه من إساءة للمجتمع الفلسطيني، وتحقير للمقامات وإساءة في النص والتعبير)». وأضاف متسائلا: «مقامات؟! أي مقامات؟!».

كما اعتبرت الجبهة الشعبية، القرار «تعسفيا ويمس حق التعبير»، وأعربت الجبهة عن تخوفها من أن يصبح هذا الأسلوب وسيلة للزجر والمس بحق التعبير عن الرأي حين يجري اتخاذه بهذه الطريقة الأوامرية، بعيدا عن الطرق القانونية والتقاليد والأعراف المتبعة».

لكن في المقابل عبر آخرون، عن امتنانهم للنائب العام. أنشأوا صفحات «فيس بوك»، تؤيد القرار؛ أحداها تحت عنوان «عاهاتك في (وطن على وتر)». وأيد مسؤولون أمنيون على «فيس بوك» وقف البرنامج، كما عبرت بعض النقابات عن ارتياحها للقرار، وأهمها نقابة الأطباء ونقابة الموظفين العموميين، وقالت نقابة الموظفين «إن المجلس يعتبر هذا القرار التزام من النائب العام بالقيام بمهامه وصلاحيته وتنفيذا للقانون واستجابة لإرادة الشارع الفلسطيني ومطالب المتضررين من شخصيات ورموز والشرطة والأطباء».

وكتب بهاء رحال مقالا قال فيه: «لقد أنصف هذا القرار المشاهد الفلسطيني الذي كان هذا المسلسل يسيء إلى صورته أمام جمهور كبير وواسع من المشاهدين في العالم».

وأضاف: «ما تم عرضه من حلقات في برنامج (وطن على وتر) لا علاقة له بالحرية، لأن الحرية لا تعني تقديم فن هابط، ولا علاقة له بالدراما، لأنه لم يحمل أي مضمون ولم يحقق أي أهداف، ولم يحك مشكلات بطابع كوميدي، وقد كان فقط يعتمد على أسلوب الاستهزاء بكل طبقات المجتمع، والسخرية من مؤسساته بطريقة مسيئة وجارحة وهابطة».