رئيسة أكاديمية «غونكور» تعلق على كتاب أميركي يتهم كوكو شانيل بأنها كانت جاسوسة نازية

إدموند شارل ـ رو تتحدث عن «زلة مروعة» ارتكبتها أيقونة الموضة الباريسية

صورة من الأرشيف للمصممة الفرنسية كوكو شانيل (أ.ف.ب)
TT

في أول رد فعل فرنسي على كتاب صدر في الولايات المتحدة ويتهم مصممة الأزياء كوكو شانيل بأنها كانت عميلة للألمان، وصفت الكاتبة إدموند شارل - رو السيرة التي وضعها الصحافي الأميركي هال فوغان لأيقونة الموضة الباريسية الراحلة بأنها «قنبلة موقوتة». وأضافت في مقابلة مع إذاعة محلية بأن المؤلف قدم أدلة ثابتة لتواطؤ خطير بين المدموازيل شانيل والألمان.

تأتي تصريحات إدموند شارل - رو لتعزز صدمة الفرنسيين من المعلومات المنشورة في كتاب صدرت طبعته الإنجليزية، أول من أمس، بعنوان «في الفراش مع العدو.. الحرب السرية لكوكو شانيل». ذلك أن شارل - رو كاتبة وصحافية تجاوزت التسعين من العمر ومعروفة برصانة آرائها وانتخبت رئيسة لأكاديمية «غونكور» منذ عام 2002، مانحة أرفع جائزة أدبية فرنسية. كما أنها ابنة السفير فرانسوا شارل - رو الذي كان آخر مدير أجنبي للشركة العالمية لقناة السويس في مصر، قبل تأميمها، وزوجة للسياسي غاستون دوفير الذي كان من أشهر رؤساء البلديات في فرنسا. وتأتي مكانة إدموند شارل - رو من أنها كانت قد تطوعت كممرضة ومسعفة في الحرب العالمية الثانية وجرحت في معركة فردان، وحصلت على أوسمة شرف عديدة.. وهي أيضا صاحبة كتاب يروي سيرة كوكو شانيل، صدر عام 1974 بعنوان «غير المضبوطة».

أشارت شارل - رو بأن الصحافي الأميركي قصدها، أثناء تأليفه كتابه، للاستفادة من خبرتها في سيرة كوكو شانيل (1883 - 1971)، ذلك أنها كانت تلتقي بها بشكل شبه يومي على مدى السنوات العشر الأخيرة من حياتها. وقد عرض عليها الصحافي وثائق سرية وأوامر لمهمات مخابراتية لم تكن معروفة من قبل، وقد أفرجت عنها السلطات الألمانية في السنوات الأخيرة. وفي حين أن صداقات شانيل مع شخصيات ألمانية لم تكن خافية على معارفها، فإن الكتاب الجديد جاء ليؤكد تلك العلاقة بالتواريخ والتحركات ويثبت أنها تمتعت، بفضل علاقاتها مع ضباط الاحتلال الألماني لفرنسا، خلال الحرب العالمية الثانية، بالإقامة في جناح بفندق «ريتز» الفخم في باريس مع عشيق نازي من عشاقها، وهو أمر لم يكن مؤكدا من قبل. وعن هذه العلاقة تقول شارل - رو إن الحبيب الألماني كان «جاسوسا ومخبرا صغيرا من أولئك الذين يوجدون في العواصم الكبرى كافة لجمع المعلومات».

ورغم أن الكتاب الذي لم تصدر طبعته الفرنسية بعد يدين شانيل بالعمالة بما لا يقبل الشك، فإن إدموند شارل - رو تبدو متسامحة مع صديقتها السابقة؛ إذ ما زالت تصر على وصف «المدموازيل» بأنها كانت امرأة استثنائية و«لبوة» سلكت، ذات يوم، الطريق الخطأ، بسبب نقص محتمل في تربيتها. وهي ترى أن هذه القضية تمنح شخصية شانيل أبعادا إضافية قد تلهم مخرجي السينما والمسرح لاستعادة سيرتها. لكنها ترفض مزاعم المؤلف الأميركي بأن مصممة الأزياء الشهيرة كانت معادية للسامية وتؤكد أنها لم تسمع منها، مطلقا، آراء تشير إلى ذلك. أما عما ورد في الكتاب حول رحلة قامت بها شانيل إلى ألمانيا، في الأشهر الأخيرة للحرب، فإن شارل - رو تعتقد أن المصممة كانت تريد أن تصبح امرأة «مهمة»، وهو أمر لم يكن يتوفر إلا لمن يتعامل مع الألمان. وتضيف أن رحلتها إلى برلين كانت «زلة نهائية مروعة».

يذكر أن المعلومات الواردة في الكتاب أثارت ضجة في الأوساط الباريسية (أمس في «الشرق الأوسط»)، خصوصا أنها تأتي لتلقي الشبهات حول أسطورة من أساطير الموضة في فرنسا وتهدد «دار شانيل» بعد أن كانت «دار ديور» قد تعرضت لهزة مشابهة بسبب تصريحات ذات طابع عنصري ومعاد للسامية أطلقها المدير الفني للدار جون غاليانو وانتهت بفصله من وظيفته. كما اضطر مدير شركة «غيرلان» المرموقة للعطور الفرنسية إلى الاعتذار بعد تفوهه بعبارات عنصرية في تحقيق تلفزيوني. لكن زلة شانيل أدهى مما سبق، ولا يشفع لها سوى أنها فارقت الحياة منذ سنوات طوال. فحسب الفصول التي تسربت من الكتاب، فإن الصحافي الأميركي كتب أن «المدموازيل» كانت في السابعة والخمسين من عمرها عندما جندتها المخابرات الألمانية مع اندلاع الحرب لتكون العميل رقم 7124، وقد منحت اسما حركيا هو «وستمنستر». ويضيف الكتاب أن شانيل سافرت إلى إسبانيا، عام 1941 في مهمة لحساب المخابرات النازية بهدف تجنيد عملاء جدد هناك. وكانت الجاسوسة المفترضة تأمل أن تحصل، في المقابل، على أمر بإطلاق سراح ابن شقيقها الذي كان سجينا في معسكرات الاعتقال النازية.

يروي الكتاب، أيضا، أن «المدموازيل» وقعت في غرام ضابط ألماني يتعاون مع جهاز المخابرات العسكري، هو البارون هانز غونتر فون دينشلاغ، الشهير بـ «سباتز». وقد دامت علاقتهما سنوات طويلة. وبفضل حبيبها الألماني، تمكنت شانيل من الإقامة، طوال سنوات الاحتلال النازي لفرنسا، في الطابق السابع من فندق «ريتز» الفخم في باريس، المكان الذي كان يتردد عليه كل من القائد الألماني هيرمان غيورنغ ووزير دعاية هتلر جوزيف غوبلز.