اللبنانية لميا حداد ترسم «ذرات الحياة» من خلال وجوه الأصدقاء

جمعت في ملامحهم ذاكرة الماضي وصورة الحاضر

منحوتات لميا حداد إلى جانب رسوماتها في معرض «ذرات الحياة»
TT

في معرضها البيروتي «ذرات الحياة» الذي يدخل إلى حيوات صديقاتها وأصدقائها بشخصياتهم المختلفة من خلال وجوههم، أرادت الرسامة اللبنانية لميا حداد أن تجمع سنوات حياتها في رسوم هؤلاء الذين كان لهم الأثر في هذه المسيرة. شخصيات تعتبر حداد أن «في وجوههم تكمن النظرة الأولى»، وإن كانت في معظمها وجوها لنساء وفتيات، إلا أنها كانت كافية لأن تعكس مجتمعة نظرة فنية خاصة تزاوج فيها ذاكرة الماضي وصورة الحاضر، الطفولة مع الشباب في بعض الأحيان والشباب مع النضوج في أحيان أخرى، مع ما تحمله هذه التغيرات من انعكاسات في ملامح الوجه بتفاصيلها المرئية وربما غير المرئية. هي رسوم بألوان الـ«اكواريل» الهادئة حينا والصاخبة أحيانا أخرى، لكنها تبقى محتفظة بـ«روح» هذه الشخصية أو تلك التي نجحت حداد في إيصالها من خلال تصوير الوجوه بتعابيرها المبتسمة مرة أو المتأملة والحالمة مرة أخرى.

أما بداية فكرة هذا المعرض فانطلقت من «وجوه الأصدقاء» الذين عادت والتقت بهم على شبكة الإنترنت وبالتحديد الـ«فيس بوك»، حيث شكل لها فرصة لتعود بذاكرتها إلى أيام خلت لا سيما وجوه هؤلاء وتفاصيلها التي تكاد تختصرها حداد في الـ«العينين والابتسامة»، كما ألفتها منذ عشرات السنين على مقاعد المدرسة أو الجامعة، أو في وجوه طلابها بين عامي 1980 و1985، وشكلت في الوقت عينه مساحة كي تختلط فيها ذكريات الماضي بوقائع الحاضر و«تنتج» وجوها جديدة من خلال نظرة حداد الفنية والشخصية. وكما كانت الانطلاقة كذلك كانت النهاية من خلال الهدف الذي استطاعت أن تصل إليه في هذا المعرض بوجوه أبطاله المعلقة على الجدران، فها هي السيدة اللبنانية مهى تأتي مع زوجها الهولندي لتتنقل بين عدد من محلات منطقة الصيفي في وسط بيروت ومعارضها، فإذا بمعرض «ذرات الحياة» في قاعة «piece unique»، يدخل ضمن هذه الزيارات عن طريق الصدفة، لكن المفاجأة كانت عندما «اصطدمت» مهى بصورة إحدى صديقاتها التي تربطها بها علاقة مميزة منذ عشرات السنين تبتسم لها من على أحد جدران المعرض. مشهد حقيقي عفوي كان كفيلا بأن يعكس الهدف الذي انطلقت منه حداد منذ الخطوة الأولى لمشروعها الذي يحاول جمع هذه الحيوات في مكان واحد وزمان واحد. الوجه المبتسم هذا هو لـ«بلقيس»، الصديقة المشتركة، صاحبة الابتسامة التي لا تنسى. تعبر مهى عن فرحتها، وتقرر أن تكون اللوحة بمثابة الهدية المفاجأة التي ستقدمها لصديقة عمرها المغتربة عندما تعود إلى لبنان.

كذلك وإضافة إلى وجوه أصدقاء حداد، كان لمنحوتاتها التي أطلقت عليها اسم «السكون» حضور بين أعمالها التي لم تكن بعيدة كثيرا عن فكرة المعرض الأساسية، فأتت منسجمة مع هذه الوجوه من خلال مجسمات لأشخاص تختصر بحسب حداد الإنسان الواحد في هذا العالم.

ولهذه المنحوتات المعروضة ولمنحوتات أخرى لم تستطع حداد إحضارها من فرنسا حيث إقامتها، لوحاتها بل صورها المائية أيضا التي اختارت أن ترسمها بأسلوب خاص يمزج ويجزّئ الأشكال ليعيد صياغتها بالألوان من جديد.