انتشار محلات «الزبادي المجمد» في بريطانيا للحد من السمنة

حيث معدل البدانة الأسوأ في أوروبا ويعاني منها 24% من صغار السن

يقبل البريطانيون على الزبادي المجمد كبديل صحي عوضاً عن تناول الآيس كريم (تصوير حاتم عويضة)
TT

وسط تندر التقارير الصحافية البريطانية واصفة البريطانيين بـ«الشعب البدين»، في ضوء الدراسات الطبية التي تفيد بأن ما لا يقل عن ربع الشعب يندرجون تحت فئة «البدناء»، برزت أنماط غذائية جديدة تسعى إلى الحد من السمنة عبر تغيير السلوك الغذائي للأفراد، بدلا من اتباع حميات غذائية قد تفقد أجساد متبعيها معظم العناصر الغذائية والمعادن المفيدة. ومن بين هذه الأنماط الزبادي المجمّد، الذي يقبل عليه البريطانيون الآن كبديل صحي عوضا عن تناول المثلجات (آيس كريم) الغني بالسكر والدهون.

وتلفى هذه «الصرعة» الغذائية الجديدة رواجا كبيرا، بحيث أصبح ينظر للزبادي المجمد كمنافس لقطاع الآيس كريم الذي تقدر مبيعاته في المملكة المتحدة بـ1.3 مليارات جنيه إسترليني. ويعول مصنعو الزبادي المجمد أو Frozen Yogurt على طبيعته التي لا تتأثر كثيرا بالمواسم، لا سيما أنه مرغوب حتى في الشتاء.

ويتوقع المتابعون أن تزدهر هذه «الصرعة» الغذائية التي دخلت بريطانيا متأخرة على غرار ما حدث في الولايات المتحدة التي تنتعش فيها هذه الصناعة بحجم استثمار يعادل 4.9 مليارات جنيه إسترليني.

واليوم، يقبل عدد كبير من المستهلكين من مختلف الشرائح والأعمار في بريطانيا على تناول الزبادي المثلج، على الرغم من قصر عمره الاستهلاكي الذي يقدره العاملون في هذا القطاع بأقل من خمس سنوات. ويرجع سبب انتشاره إلى كونه لذيذ المذاق ولا تقل متعة تناوله عن متعة تناول الآيس كريم، إلا أنه منخفض الدهون بجانب تسويقه بذكاء طبعا.

وهنا أسهمت طريقة التسويق التي تعتمدها محلات الزبادي المجمد في بريطانيا بإغراء محبي الآيس كريم لتناوله فعلا، فعلى الرغم من دخوله للأسواق لأول مرة في 1970، فإنه لم يحظ بالنجاح إلا بعد عقد من الزمن، وتحديدا بعد اتباع طرق تسويقية باهرة تعتمد على العروض المقدمة على أصناف ونكهات الزبادي أو الطبقات المحلاة التي تزينها كشرائح الشوكولاته أو المكسّرات أو الفواكه.

وهناك أكثر من سلسلة محلات في بريطانيا متخصصة في تقديم الزبادي المجمد يغلب عليها طابع الخدمة الذاتية. فما على الزبون سوى تعبئة وعائه بالنكهات والطبقات التي يريد من خلال ماكينات متعددة تختص كل منها بنوعية الزبادي المفضل والطبقات، إلى جانب ماكينات أخرى لرش نكهات إضافية كـ«الكراميل» و«الفانيلا» و«الزنجبيل». ويبدأ سعر المائة غرام من الزبادي المجمد من 2.5 جنيه إسترليني، ويزداد السعر بحسب الوزن أو عدد الملاعق والإضافات. أما العنصر الأهم صحيا هو أنه قليل السعرات الحرارية؛ إذ لا يتجاوز 100 غرام منه 180 سعرة حرارية.

وتتخذ محلات الزبادي ديكورات مميزة يراها معظم الزبائن عنصرا مهما في عشقها، باعتبارها «صديقة» للعائلة وتغلب عليها الألوان الصارخة والإضاءات الملونة، كما تتسع بعضها لاستقبال عدد كبير من الزبائن؛ إذ تتوافر فيها مقاعد وجلسات للعائلة والأصدقاء تمكنهم من تبادل الأحاديث وتناول الحلوى المثلجة.

وعلى الرغم من التحذيرات الطبية والحكومية التي تؤكد على مسؤولية السمنة عن أمراض القلب والسرطان، ما زالت أعداد المبتلين بالسمنة في بريطانيا في ازدياد، وهذا كشفته إحصائية نشرتها صحيفة «الديلي ميل» البريطانية التي تشير إلى أن واحدا من أربعه بريطانيين يعاني من زيادة الوزن. وما يقلق أيضا أن السمنة تنتشر بين 24 في المائة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين سنتين إلى 15 سنة.

ويقول المدرب الشخصي وخبير التغذية لارس رودل لـ«الشرق الأوسط: «إن مؤشر كتلة أجسام عملائه في النادي الرياضي تتجاوز 30 مما يجعلهم ضمن نطاق البدناء. ويرجع رودل أسباب انتشار السمنة «إلى نوعية الطعام الذي يتناوله البريطانيون، وهو غالبا طعام معد التحضير مسبقا ويجري تسخينه وتناوله»، مشيرا إلى أن هذا النوع من الأطعمة مليء بالسعرات الحرارية، وبالتالي فإن الزبادي بديل جيد للآيس كريم لأنه يحتوي على مادة «البروبيوتيك» التي تدعم الجهاز المناعي الهضمي، ولكن يجب التنبيه لأمر مهم في هذه الوجبة المجمدة، موضحا أنه «صحيح أن الزبادي المجمد منخفض الدهون ويحتوي على سعرات حرارية تتراوح بين 35 و34 للكوب، إلا أن الإضافات تعتبر عالية السعرات ولهذا من الواجب الحذر من الأفراط في تناوله أو الاستعاضة به عن المأكولات الصحية.

وأشار إلى أن الفواكه بشكل عام تحتوي على سعرات حرارية لا تتجاوز 15، لكن ليست جميعا مناسبة للأشخاص الذين يرغبون في إنقاص أوزانهم؛ فمثلا حبوب التوت البري تحتوي على 96 سعرة حرارية للأونصة إلى جانب المكسرات.

وبينما تزن آنيا نوفوساد أكواب أحد الزبائن تقول: «معظم زبائننا من الإناث». وتراهم ينجذبون نحو شكل الكريمة، إلا أنهم لا يشعرون بالذنب من استهلاك الزبادي لأنه منخفض الدهون. وتضيف: «(صرعة) الزبادي المجمد ألهمت الكثير من الأشخاص لصنعها في المنزل».كل ما عليهم هو شراء زبادي ووضعه في الثلاجة 15 دقيقة ثم تناوله بعد رش نكهات أو طبقات تحبها؛ كالنعناع أو الفراولة أو الموز!».

ولا يبدو أن العائلات تستاء من تهافت أبنائها على شرائه الزبادي؛ ففي أحد المحلات وسط لندن، تجلس سارة مارويك مع أبنائها لتناول الآيس كريم، وتقول إن مسؤولية انتشار السمنة ليست مسؤولية الأفراد وحدهم. «فصناع المواد الغذائية يتحملون جزءا من المسؤولية»، مشيرة إلى أن الكثير من المنتجات الغذائية الموجودة في السوبر ماركت لا تسمي محتوياتها بشكل واضح، مما يبقي المستهلكين جاهلين لقيمة السعرات الحرارية، كما أنهم يسوقون الأغذية غير الصحية للأطفال بدلا من استغلال الميزانيات الضخمة لتسويق الغذاء الصحي.