الولايات المتحدة تخلد ذكرى مارتن لوثر كينغ بين رموز التاريخ الأميركي

تدشين أول نصب تذكاري وطني في واشنطن غير مخصص لرئيس أميركي.. أو حرب خاضتها أميركا

تمثال مارتن لوثر كينغ وخلفه مجسم لجبل يمثل جبل المصاعب التي تخطاها للدفاع عن حقوق الأميركيين المدنية
TT

تعتبر المعالم الوطنية والرموز التاريخية التي تزين العاصمة الأميركية أبرز الأسباب لزيارة واشنطن، من تمثال الرئيس الأميركي الأسبق إبراهام لينكون، الذي يطل على واشنطن، إلى معلم «مونيومانت»، الذي بات أطول بناء فيها. ويضاف إلى تلك المعالم هذا الأسبوع معلم جديد وفريد من نوعه يخلد ذكرى المدافع عن الحقوق المدنية للأميركيين من أصول أفريقية، مارتن لوثر كينغ جونير. والنصب التذكاري المخصص لكينغ يشمل تمثالا للزعيم المدني الأميركي طوله 30 قدما، ومصنوع من الرخام الأبيض، بالإضافة إلى حدائق وشلالات وجدار يحمل أشهر واهم أقوال كينغ. ويحيط الهدوء بالنصب التذكاري؛ حيث صوت المياه من الشلالين الصغيرين يضفيان المزيد من السكينة على المنطقة.

ويحمل مشروع بناء النصب التذكاري لمارتن لوثر كينغ شعار «بناء الحلم»، في إشارة إلى خطاب كينغ الشهير الذي يحمل عنوان «لديّ حلم» وكان الحلم لتحقيق المساواة بين جميع الأميركيين، خاصة بين البيض والسود في البلاد.

ومن اللافت أن النصب التذكاري المخصص لذكرى كينغ يدشن في عهد أول رئيس أميركي من أصول أفريقية، باراك أوباما. وقد تحدث أوباما مرات عدة عن حبه لكينغ وامتنانه للمعارك التي خاضها كينغ من أجل حقوق الأميركيين من أصول أفريقية، والتي يؤكد أوباما أن من دونها لم يصل هو إلى البيت الأبيض. ويقوم أوباما بافتتاح النصب التذكاري رسميا يوم الأحد المقبل، في حفل رسمي يحضره كبار المسؤولين الأميركيين ومدافعون عن الحقوق المدنية في الولايات المتحدة. ويصادف يوم الأحد المقبل يوم 28 أغسطس (آب)، وهو موعد ذو أهمية؛ إذ ألقى كينغ خطابه الشهير من أمام نصب لينكون يوم 28 أغسطس 1963. وتم اختيار هذا اليوم تحديدا للاحتفال بنصب كينغ نفسه. ومن اللافت أن النصب التذكاري لكينغ هو الأول من بين المعالم الوطنية في العاصمة الأميركية لرجل لم يكن رئيسا للولايات المتحدة، كما أن «ناشيونال مول»، المخصصة للمعالم الوطنية الأميركية، فيها نصبا يخلد الحروب التي خاصتها الولايات المتحدة، مثل الحرب العالمية الثانية والحرب الفيتنامية والحرب الكورية. إلا أن هذا النصب التذكاري مخصص للسلم ويحمل عبارات تدعو إلى السلام والابتعاد عن الحرب.

ويقع النصب التذكاري لمارتن لوثر كينغ على ضفة حوض نهر الباتوماك، جنوب العاصمة الأميركية، ويطل مباشرة على النصب التذكاري لتوماس جيفرسون، الرئيس الثالث للولايات المتحدة كاتب «إعلان الاستقلال» للبلاد. وتم اختيار موقع النصب التذكاري ليكون في وسط خط مستقيم بين نصبي جيفرسون ولينكون. وشرح ناطق باسم «خدمة الحدائق العامة»، المسؤولة عن جميع النصب التذكارية الأميركية، بيل لاين: «هذا النصب يقع في خط مباشر بين نصبي لينكون وجيفرسون، وهو يقف بين رمزين تاريخيين للولايات المتحدة، فجيفرسون هو العقل المفكر وراء الدستور الأميركي والحقوق المنصوص عليها، بينما لينكون هو الموحد الكبير للبلاد». وأضاف لاين لـ«الشرق الأوسط»: «من الملائم أن يكون هذا النصب هنا، فقبل 150 عاما، كان لينكون يقود البلاد في الحرب الأميركية الأهلية وكان يطمح إلى جلب الحقوق المدنية للأميركيين». وشدد لاين على أن «هذا أول نصب تذكاري لا يخصص لرئيس أميركي أو يرمز إلى حرب ما، ونحن كأميركيين فخورون بذلك وسعداء جدا».

وصباح أمس كان العمال يضعون اللمسات الأخيرة للنصب التذكاري، مثل زراعة آخر الزهور في الحديقة الخاصة به. وسيكون النصب جاهزا لاستقبال الرئيس الأميركي وعائلته يوم الأحد، بينما بدأ الزوار من العامة زيارته منذ ظهر أمس. ولقد تم انتظار هذا النصب سنوات عدة، بعد أن أصدر الكونغرس قرارا عام 1996 بتخصيص معلم لمارتن لوثر كينغ في العاصمة الأميركية.

يُذكر أن آخر معلم دُشن في منطقة «ناشيونال مول» في العاصمة الأميركية دشنه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش لتخليد ذكرى الحرب العالمية الثانية. وبعد الانتهاء من نصب مارتن لوثر كينغ، هناك مشروعان إضافيان يتم العمل عليهما وبعدها ستنتهي عمليات البناء في المنطقة التاريخية للعاصمة الأميركية. والمشروعان الآخران هما المتحف الوطني للأميركيين من أصول أفريقية، ومركز وطني لحرب فيتنام. وأوضح لاين: «بعد الانتهاء من هذين المشروعين، سيكون العمل مع (ناشيونال مول) قد انتهى». وأضاف: «هذا المعلم يرمز للأمل.. وكل ما نطمح إليه كوطن».