«رمضان» يفتح نافذة التذوق ويوسع نطاق التعاضد والتكاتف

تحولت المباني السكنية إلى خلية توصيل الأكلات بين قاطنيها مع تزامن الإجازة والشهر الكريم

سعودي يحمل حافظة طعام في أحد المواقع التي تشهد تجمع إفطار وهو ما يعكس التلاحم والتعاضد في هذا الشهر الكريم («الشرق الأوسط»)
TT

أسهم تزامن دخول رمضان المبارك مع إجازة الصيف هذا العام في السعودية في تلاقح العادات والتقاليد في المناطق السياحية، خصوصا وقت وجبة الإفطار.

وينتشر هذا المزيج من العادات والتقاليد بشكل لافت هذا العام، لا سيما أن شهر رمضان يعتبر فرصة هامة للمزج بين السياحة الدينية في المناطق المقدسة والمناطق الساحلية التي تجاورها.

وتعتبر منطقتا جدة والطائف من أبرز المناطق التي يظهر فيها هذا التنوع لمجاورتها منطقة مكة المكرمة، إضافة إلى المدينة المنورة، إذ يتوافد السياح بشكل لافت على منطقة جدة والطائف، وذلك لاعتلال الأجواء هناك بالتزامن مع وجود مهرجانات سياحية أقامتها الجهات ذات الاختصاص.

أمام ذلك فإن عادة الإفطار لدى سكان محافظة جدة والمناطق المجاورة تستلزم تبادل الوجبات الرمضانية بين الجيران بعضهم وبعض، مما يشكل فرصة أمام الأسر السعودية للتعرف على الوجبات التي تتميز بها كل منطقة.

وتحولت المباني السكنية، التي يقطنها السياح إلى خلية نحل، وذلك عند قرب وقت الإفطار وتحديدا في محافظة جدة، إذ يعتاد السياح والزائرون إلى تلك المناطق إضافة إلى أهالي المحافظة على تبادل الوجبات الرمضانية.

وتعمد الأسر السعودية القاطنة هناك أو المقيمة إلى تحويل أبنائهم من وإلى بيوت بعضهم بعضا، إذ لا يقتصر حضور الأبناء لوجبات رمضان على سفرة طعامهم فحسب، بل يمتد إلى سفر الجيران، كما ينتظر الأطفال والأبناء حول الطبخ لحين تجهيز الأكل، واكتمال نضجه، ومن ثم توصيل شيء منه إلى الجيران.

هذا التنوع أسهم بشكل فاعل في تعرف الأسر السعودية على بعضهم الآخر وعلى الوجبات التي تتميز بها كل منطقة. وظهر عامل توجه الكثير من السياح إلى محافظة الطائف وباقي مناطق البلاد جليا نظرا للاضطرابات التي تعيشها بعض الدول العربية والأجواء المعتدلة التي تنعم بها المحافظة وقربها من مكة المكرمة. هذا ما أنعش السياحة الداخلية في محافظة الطائف ومحافظة جدة (غرب السعودية)، سواء من المواطنين أو من خارج البلاد.

ومنذ أن بدأ صيف هذا العام بدأت الكثير من الفعاليات بجانب تهيئة الأماكن السياحية بين مدن ومحافظات السعودية التي خلقت تنافسا لجذب المصطاف.

وتشهد محافظة الطائف هذه الأيام الرمضانية نهضة سياحية شهدت خلالها توافد نسبة كبيرة من المصطافين والزوار على المواقع السياحية والمتنزهات العامة المجهزة مسبقا لاستقبال السياح وتقديم الخدمات المختلفة لهم منذ بداية موسم الصيف لهذا العام، إذ توقعت مصادر سياحية استقبال محافظة الطائف أكثر من ثلاثة ملايين مصطاف وزائر خلال إجازة الصيف في هذا العام.

واستقبل القطاع السياحي في محافظة الطائف أكثر من 3 ملايين زائر ومصطاف ممن بدأت قوافلهم تتدفق مع شهر رمضان، إضافة إلى تسهيل حركة السير من وإلى المحافظة وتهيئة الشقق المفروشة والفنادق التي اكتظت بالمصطافين منذ بداية موسم الصيف.

وعززت الهيئة العامة للسياحة والآثار جهودها التعريفية بالإمكانات السياحية ومواقع الخدمات المختلفة عبر المنافذ. ويقدم مركز المعلومات السياحية في مطار الطائف الكثير من النشرات والمطويات والخرائط التي تشمل أبرز المواقع السياحية والمدن الترفيهية والمجمعات السكنية التي تسهل على المصطافين والزوار الوصول إلى المواقع التي يريدونها.

وبالعودة إلى هذا المزيج من الثقافات على سفرة الطعام في المناطق السياحية، فليس من المستغرب وجود أصناف كثيرة على سفرة الإفطار، فتتميز المنطقة الوسطى بوجبات شعبية منها الجريش واللقيمات والشوربة، إضافة إلى العصائر، ومنها عصير قمر الدين وعصير تمر الدين، في مقابل وجود أكلات الفول، والمنتو، واليغمش، والكبدة.

يشار إلى أن جدة ضربت هذا العام أرقاما قياسية من ناحية الانتعاش السياحي بحسب أرقام بثتها غرفة تجارة مدينة جدة في وقت سابق، التي تشارك في تنظيم المهرجانات، والتي أوضحت إذ استقبلت لنحو 4.5 مليون زائر، بزيادة ضعفين عن الموسم الماضي، وتحقيق نسبة إشغال كاملة لفنادقها وسط تقديرات بتجاوز معدل الإنفاق خلال الفترة 6 مليارات ريال، متجاوزة التقديرات الأولية بنسبة 150 في المائة.

إلى ذلك، ومع بداية شهر رمضان الكريم أطلقت المنطقة الشرقية، إحدى أهم المناطق السياحية الساحلية شرق البلاد، حملة «رمضانيات 1432»، وتهدف هذه الحملة الدينية الاجتماعية إلى إشاعة مزيد من الروحانية في الشهر الكريم. وتتبنى الحملة عددا من الرسائل الإيمانية والتثقيفية تنشرها عبر عدد من الوسائط، منها شاشات التلفزيون والإذاعة والإعلانات المباشرة في الشوارع والصحف، كونها إحدى أهم المناطق السياحية الهامة. وتشتهر المنطقة الشرقية عموما بعدد من الأكلات الرمضانية، منها الهريس، والجريش، والمطبق، واللقيمات.