كرنفال «نوتينغ هيل» يمضي قدما على الرغم من مطالبات بإلغائه هذا العام

أعداد قياسية لضباط الأمن ومخاوف من حدوث أعمال شغب

TT

على وقع أقدام راقصي «السالسا» و«السوكا» وأدخنة أكلة «الباييلا» أو الأسماك، انطلق مهرجان «نوتينغ هيل» السنوي في لندن متحديا اقتراحات بإلغائه هذا العام، بسبب مخاوف من اندلاع أعمال شغب، كالتي شهدتها بريطانيا مطلع هذا الشهر. وشهد الكرنفال، الذي يعتبر ثاني أضخم مهرجان في العالم، أعدادا قياسية من ضباط الشرطة الذين لم يشهد تاريخ المهرجان حضورا لهم بهذا الكم.

ونشرت الشرطة 5500 من عناصرها يوم أمس، وستنشر 6500 اليوم بزيادة نحو ألف شرطي وشرطية عن العام الماضي، للحيلولة دون وقوع أعمال شغب. كما قرر منظمو الكرنفال تقليص وقت المهرجان لتفادي أي مشكلات محتملة وقت حلول الظلام، بحيث تنتهي مسيرات الاستعراض قبل موعده بثلاث ساعات.

وقد قررت اللجنة المنظمة المضي قدما في المهرجان على الرغم من بعض الدعوات على مواقع الشبكات الاجتماعية، التي تشير بأن عصابات كانت عازمة على التسبب في مشكلات خلال الكرنفال. إلا أن منظمي الحدث رفضوا ذلك معتبرين أن إلغاءه سيكون بمثابة إعلان هزيمة أمام أعمال الشغب، لا سيما أن المهرجان نفسه بدأ كتعبير عن التحدي بالاحتفال في أعقاب أعمال شغب عرقية خلال الستينات.

وقال أنسيل باركلي، المشارك في إدارة الحفل، لوكالة الصحافة الفرنسية: «لن ندع أقلية تمنعنا من فعل ما نريد»، وأضاف: «إلغاء الحفل سيحمل دلالات سلبية ويبعث برسالة خاطئة قبل الأولمبياد التي ستشهدها لندن العام المقبل». كما حث رئيس بلدية لندن بوريس جونسون، المواطنين على «السماح لروح لندن الحقيقية بأن تظهر».

وقبيل المهرجان، شنت شرطة العاصمة اعتقالات لعصابات يعتقد أنها كانت تخطط للقيام بأعمال شغب. وصرحت شرطة اسكوتلنديارد بأنها اعتقلت 40 شخصا فبل المهرجان. وقال رئيس الشرطة ستيف رود هاوس «لدينا معلومات بأن بعض العصابات تريد الاندساس بين الحاضرين وإثارة الاضطرابات.

المعلوم أن الشرطة قررت استخدام البند 60 من قانون العدالة الجنائية والنظام، الذي يعطي صلاحيات للضباط لتوقيف الأفراد في حالة شكوك حول احتمال ارتكابهم جريمة.

من جانب آخر، وكالعادة، تجمع مئات الآلاف من السياح والزوار للاستمتاع بفعاليات المهرجان التي خصصت بالأمس للأطفال، وشهدت شوارع «نوتيغ هيل» وسط لندن ولمدة أربع ساعات مسيرة لفرق استعراضية من أفريقيا والبحر الكاريبي. وتزين الراقصون بأزياء تنكرية لافتة، زينتها المزركشات الملونة والريش بمصاحبة أصوات الموسيقى اللاتينة والـ«هيب هوب»، التي انبعثت من مكبرات صوتية ضخمة، وضعها البعض على سياراتهم.

وانتشرت أدخنة شي الدجاج واللحوم المقلية والأرز الجامايكي بين أكشاك للطعام.

وقالت هيجا أيلابول، أحد الزوار السود التي جاءت للاستمتاع مع أبنائها «منذ خمسون عاما كنا (السود) نكافح العنصرية، واليوم جميعنا سود وبيض نحتفل لنعبر عن رفضنا للشغب الذي طال بريطانيا».

أما ليزا (38 سنة) فقالت: «المهرجان جاء في توقيت رائع، حيث إننا نودع الصيف، أشعة الشمس التي ستفل قريبا».

هذا وعلى عكس الكرنفال الذي بدأ 1964، والذي يثبت تنوع وتعدد الثقافات التي تتميز بها بريطانيا، التي يشكل نسبة الأعراق فيها نحو 5 ملايين من أصل مجموع سكان بريطانيا، البالغ عددهم 60 مليون نسمة، يعيش جزء كبير منهم في لندن وحدها. وهذا بدا واضحا في نسبة المشاركة للجالية السوداء المقبلة من بلدان الكاريبي وأميركا اللاتينية إلى جانب أفراد الجاليات الروسية والبلغارية والبنغالية والهندية والكردية والبنغالية وحتى نسبة كبيرة من البريطانيين البيض.

الجدير بالذكر، أن الكرنفال قد بدأ كوسيلة للم شمل المهاجرين السود من جزر الكاريبي الذين كانوا يعيشون في منطقة «نوتينغ هيل» في لندن، ويقعون تحت وطأة الاضطهاد والتفرقة العنصرية، كما كانوا يعانون من قلة فرص العمل المتاحة لهم، فكانت وسيلة الترفيه هي تنظيم حفلات راقصة في مواجهة العنصرية. واليوم أصبح الكرنفال ثاني أكبر مهرجان في العالم بعد مهرجان «ريو» في البرازيل.

من ناحية أخرى، ووفقا لوكالة التنمية في لندن، يلعب مهرجان «نوتينغ هيل» دورا اقتصاديا كبيرا، إذ يسهم في نحو 93 مليون جنيه إسترليني سنويا لاقتصاد مدينة لندن. وينفق الزوار والسائحون على المهرجان عشرات الملايين من الجنيهات في شراء الطعام والشراب الذي يضم 250 موقعا تجاريا مرخصا له بالعمل، كما يشكل انتعاشا اقتصاديا لمنتجي الموسيقى ومصممي الملابس والتجار والشركات الأمنية، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية.