«بازار رمضان» في جدة يعرض عادات وثقافات الشعوب العربية والإسلامية

بمشاركة عدد من الجاليات المقيمة في السعودية

الركن الفلسطيني («الشرق الأوسط»)
TT

تميز «بازار رمضان»، الذي انطلق لأول مرة في نادي جدة لليخوت عن غيره من المهرجانات التي أقيمت ضمن فعاليات صيف جدة 32، بمشاركة الجاليات العربية والإسلامية المقيمة داخل السعودية، لعرض تراثهم وثقافاتهم فيه.

غالية رياض، مسؤولة العلاقات العامة في الشركة المنظمة للبازار، رأت أن الهدف من مشاركة تلك الجاليات والسفارات تعريف وتثقيف الجيل الحديث بالعادات المختلفة للشعوب العربية والإسلامية، كونهم أمة واحدة يربط بينهم رباط الدين والأخوة، مؤكدة أنهم يطمحون إلى تكرار البازار في رمضان المقبل والمناسبات ليتحقق هدفهم.

وبينت أن عدد المشاركين في الفعالية بلغ 70 مشاركا، وقالت: «المشاركات تعتبر رائعة لا سيما أننا في ثلاث أسابيع فقط، استطعنا أن نستقطب هذا العدد، إضافة إلى تجهيزنا للمكان في وقت وجيز، حيث إننا قررنا إقامة البازار قبل رمضان بـثلاثة أسابيع، وقمنا بالاتفاق مع الشركة المنظمة وحددنا المكان والجهات المستهدفة».

واستطردت: «وجدنا إقبالا بشكل سريع من قبل المشاركين من خلال إعلان عبر (فيس بوك)، وتلقينا من خلاله طلبات كثيرة للمشاركة، إضافة إلى توجيه الدعوة للسفارات والجاليات العربية والإسلامية لعرض تراثهم وثقافتهم، وكنا نطمح لأن تشارك جميع السفارات، ولكن نظرا لضيق الوقت لم نتمكن من ذلك»، لافتة إلى أنهم يطمحون لتحقيق ذلك في الفترات المقبلة.

وأكدت رياض أن حجم الإقبال على البازار كان رائعا جدا، خاصة أنهم يستقبلون يوميا أكثر من 2000 زائر من مختلف الجنسيات من الرجال والنساء، لا سيما أن البازار يضم جاليات مختلفة كالسودانية والفلسطينية والماليزية وغيرها، التي قدمت عروضا فلكلورية، إضافة إلى عرضات شعبية تراثية لبعض مناطق السعودية، كما شاركت كثير من السيدات السعوديات وسيدات الأعمال ببعض منتجاتهن، وشهد البازار حضورا لبعض الجمعيات الخيرية والأسر المنتجة لعرض أعمالهم.

وكشفت أنهن عمدن إلى تخصيص البازار للعائلات، ليحظى بمشاركة المرأة والرجل، وليتسنى للجنسين التثقيف ومعرفة تراث وعادات وتقاليد الشعوب في الدول المجاورة، لا سيما أن الهدف من هذا البازار الرمضاني مساعدة ومساندة هذه الجاليات حيث إن ريع بيع هذه المنتجات يعود إلى الأسر المحتاجة في الدول المشاركة.

وأشارت أسماء موسى، إحدى الزائرات التي تستمتع بالذهاب للمعارض والبازارات وتتسوق من خلالها، إلى أن ما يميز هذا البازار، هو وجود منتجات ومعروضات لدول مختلفة تشعرك وكأنك تنتقل من بلد إلى الآخر، لا سيما أن أغلب المنتجات يتم صنعها يدويا داخل الدول العربية والإسلامية المشاركة.

وفي نفس السياق، أوضحت سميرة عبد الباقي، إحدى المشاركات في البازار وتعمل في المكتب التنفيذي للتراث السوداني لـ«الشرق الأوسط»، أن الجالية السودانية المقيمة داخل السعودية والتابعة للقنصلية السودانية بدأت العمل منذ عام في هذا المجال؛ (نشر ثقافة وعادات وفلكلور الشعب السوداني).

وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «نعمل على نشر التراث والموروث السوداني لتعريف الشعوب بماهية عاداتنا وتقاليدنا ومنتجاتنا، وأن هذه تعتبر المشاركة الرابعة لهم في معارض وبازارات داخل السعودية، فالمنتجات السودانية تلاقي رواجا وإقبالا من كل الجمهور العربي الذي يهتم ويسأل عنها».

وبينت أن هناك الكثير من المنتجات السودانية التي تجد رواجا وتستخدم بشكل مستمر عند معظم شعوب العالم، لا سيما المنتجات الغذائية كالكركديه والبن، إضافة إلى الملبوسات المصنعة من الجلود الطبيعية كالأحذية والمحافظ والصمغ العربي الذي يتميز بخواص طبيعية ويستخدم كعلاج طبيعي لإزالة الشحوم من الجسم.

وفي الركن الآخر من الجزء الخاص بالجالية السودانية، عرضت المشاركات «الحنة السودانية» التي يتفاءل بها أهالي السودان وترتبط لديهم بالرقص والغناء، أوضحت ذلك المشاركة سوسن محمد وقالت إن الحنة تعتبر من أهم طقوس العرس السوداني الذي يسبق حفل الزفاف، مشيرة إلى الطرق المختلفة للحنة السودانية، التي تميزها عن البلدان الأخرى.

وبينت أن للعرس طقوسا خاصة حيث يسبقه وجود ما يعرف «بالحنانات» يعملن ليوم كامل نظرا لما تتطلبه المهنة من دقة وإتقان، وتحنى العروس إلى نصف الساق، ونصف الساعد في اليد، لافتة إلى أن غالبية النساء السودانيات في هذه المهنة يعملن عن طريق الهواية وتناقل الخبرات.

وبينت أن المرأة السودانية تستخدم الحنة بشكل أكبر بعد الزواج، فلا تكاد تخلو أكفها وأقدامها من الحناء التي تعد من أقدم أدوات الزينة، مشيرة إلى أن شجر الحنة يزرع في شمال السودان ويتم تصديرها لدول كثيرة.

وأشارت مها أحمد، إحدى زائرات المعرض، التي تفضل استخدام الحنة للزينة كونها طبيعية، أن الحنة السودانية تعتبر الأفضل لأنها تميل للسواد وتبرز النقوش، الأمر الذي يعطي جمالا أكثر للمنطقة المحناة، لافتة إلى أن هناك بعض العطور التي تضاف للحنة، وتعمل على إعطائها اللون الداكن.

ومن التراث والفلكلور السوداني الذي يحرص السودانيون على المحافظة عليه ونقله للشعوب الأخرى ما يسمى بـ«الجبنة السودانية»، وأفادت سوسن محمد بأن كرم الأسرة السودانية يظهر في تقديمهم للقهوة، لا سيما أن لها طقوسا جميلة تصاحب صناعتها.

من جهته، أكد حاتم سر الختم، نائب رئيس الجالية السودانية لـ«الشرق الأوسط»، أن مهمتهم كمسؤولين عن التراث السوداني نقل الموروث والتراث السوداني الموجودة لديهم، لافتا إلى أن الدول العربية لا تهتم بعرض تراثها للآخرين، وبالتالي المعرفة بينهم متوقفة من خلال الزي فقط، مشيرا إلى أن التراث يعكس الوجه الحسن لكل دولة، وقال: «نحن بمشاركتنا في البازارات والمعارض المختلفة نستطيع أن نظهر التراث السوداني لتتعرف شعوب العالم على السودان وأهله وعاداته وتراثه»، واستطرد: «يتميز السودان بعرضه لحضارتين؛ الأفريقية والعربية، كوننا مزيجا من العرب الأفريقي».

وأمام بوابة البازار عرضت الجالية الفلسطينية مشاركتها المتمثلة في منتجات الأسر داخل الأراضي المحتلة، وأوضحت إيمان الوزير، التي تعمل ضمن برنامج تمكين الأسر المنتجة في فلسطين، أن البرنامج يتم تمويله من جهات كثيرة، مثل صندوق الأقصى والصندوق السعودي للتنمية، وبرنامج دول مجلس التعاون الخليجي لإعمار غزة.

وبينت أن هذا البرنامج يقوم بتمويل مشاريع متنوعة داخل فلسطين كورش العمل ومعامل الخياطة والنجارة، لافتة إلى أن أكثر ما يحرصون على إنتاجه هو التراث الفلسطيني الذي لم يجد سوقا كبيرة داخلها.

وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «قررنا أن نخرج منتجات الأسر الفقيرة إلى الدول العربية المجاورة حتى يتم تصريفها، ونحقق الهدف المرجو من عمل هذه الأسر، وتتحول من أسر فقيرة إلى منتجة».

واستطردت: «من خلال مشاركتنا في المعارض والبازارات نجحنا في تصريف المنتج ونطمح على تطويره بشكل أوسع؛ كأن يكون هناك جهات تتبنى فكرة تصريف المنتجات حتى لا تندثر، خاصة أن العدو يحاول أن ينسب هذه المنتجات لنفسه بوضع شعاره عليها، لذا قرر صندوق الأقصى أن يواجه خطط العدو في سلب تراثنا بأن يساعدنا لنشره ووضع شعار «صنع في فلسطين» على جميع منتجاتنا وتراثنا، مبينة الخطورة التي يواجهونها في نقل هذه المنتجات إلى خارج الأراضي الفلسطينية، التي كانت السبب الأكبر في عدم تمكنهم من إحضار كميات كبيرة من إنتاج الأسر بسبب ظروف الاحتلال.

وقالت: «وجدنا تمويلا من جهات كثيرة، ولكن الصعوبة تكمن في تصريف هذه المنتجات وإخراجها من فلسطين، ولكن متى ما خرجت المنتجات من هناك ووصلت للخارج، تسهل عملية تسويقها»، مشيرة إلى أن السوق العربية، غير قادرة على استيعاب السوق الفلسطينية».

ومما ميز الركن الفلسطيني أيضا داخل البازار وجود شاشة تلفزيون تقوم بنقل مباشر للأحداث من داخل الأراضي الفلسطينية، حيث توضح للعالم العربي والإسلامي الصعوبات التي يواجهها الفلسطينيون خلال شهر رمضان، لا سيما عند ذهابهم للمسجد الأقصى لتأدية صلاة التراويح، وكيفية تحدي الشعب الفلسطيني لقوة الاحتلال، إضافة إلى الضغوطات التي تُمارس على الشعب الفلسطيني، خاصة في المناسبات الدينية والأعياد».

وأشار أبو عمارة إلى أن القسم الثالث من الركن الفلسطيني عبارة عن عرض لأشهر المأكولات الفلسطينية، لا سيما الحلويات كـ«الكنافة النابلسية»، إضافة إلى المنتجات الغذائية التي تصنع داخل الأراضي المحتلة ويتميز بها الشعب الفلسطيني، كالزعتر وزيت الزيتون، مبينا أنهم يعرضون كل يوم صنفا مختلفا لأشهر المأكولات والحلويات الفلسطينية.

ولم يقتصر البازار الرمضاني على عرض منتجات الدول العربية، حيث كان هناك مشاركة من قبل الدول الإسلامية، حيث أخذت هيئة التطوير السياحي الماليزي ركنا خاصا للتعريف بأهم المدن الماليزية وتراثها وثقافتها، إضافة إلى المناظر الطبيعة التي تمتاز بها هذه المدن.

وبيّن صلاح الدين محمد، المسؤول عن المعرض الماليزي، أن مشاركتهم في البازار الرمضاني تهدف إلى تطوير السياحة الماليزية، لا سيما أنهم يعملون على تنظيم رحلات خاصة خلال شهر رمضان والأعياد، كما أنهم يطمحون لعمل زيارات خاصة للصحافيين العرب حتى يتمكنوا من الكتابة عن المدن الماليزية وطبيعتها الخلابة وعاداتها وتقاليدها.

وأشار إلى أن كل مدينة ماليزية تتميز عن الأخرى بوجود طبيعة وثقافة مختلفة على سبيل المثال تشتهر العاصمة كوالالمبور بوجود الغابة الممطرة «تروبيكا»، بينما تتميز ولاية «سراواك» ببيوتها الطويلة والمستطيلة المبنية من أوراق الشجر وأغصانها، وتنفرد مدينة جينتنج هايلاند بالهواء النقي والبارد إضافة إلى وجود الجزر كجزيرة لانكاوي وجزيرة بينانج وغيرها من الجزر، التي تجذب السياح لمشاهدة الأسماك والمرجان الطبيعية بألوانها المختلفة.

ولفت مسؤول هيئة التنشيط السياحي الماليزي إلى أن عدد السياح السعوديين في ماليزيا في تزايد مستمر، حيث بلغ، وفق آخر إحصائية، ما يقارب 86 ألف زائر، مشيرا إلى أهمية مشاركتهم في مثل هذه البازارات المعارض، وقال: «كوننا مسلمين فنحن نشترك في عادات وتقاليد متشابهة كثيرا، وبين أنهم يشاركون دائما في معارض بمختلف مناطق ومدن السعودية كالرياض والدمام، ولكن الإقبال الأكثر على ماليزيا في مدينة جدة».