تعداد العالم ينقصه مولود ليصل إلى 7 مليارات نسمة

الأمم المتحدة: بمولده سيصبح هذا التاريخ ذا قيمة رمزية

روبرت غروفز مدير الوكالة الأميركية لتعداد السكان خلال مؤتمر صحافي هذا الأسبوع ليعلن نتائج الإحصاء العام (أ.ف.ب)
TT

سيحدث ذلك خلال الأيام المقبلة، وحسب قواعد الاحتمالات فلن يحدث في ألمانيا التي يتراجع عدد سكانها، بل في إحدى الدولتين اللتين يزيد عدد سكان كل منهما على مليار نسمة وهما الصين والهند. أي أنه من المحتمل أن يولد الطفل الذي يصبح عدد سكان العالم بمولده أكثر من سبعة مليارات نسمة في مكان ما بهاتين الدولتين.

ولكن الأمر ليس على سبيل الإطلاق، فربما كان المواطن الذي يكمل رقم سبعة مليارات قد وُلد بالفعل، فليس هناك نظام إحصائي في العالم دقيق بشكل يجعل من المؤكد معرفة موعد وصول هذا المواطن على وجه الدقة. غير أن الأمم المتحدة تتوقع أنّ غدا، الحادي والثلاثين من أغسطس (آب) الحالي، هو يوم ميلاد هذا المواطن ليصبح هذا التاريخ ذا قيمة رمزية.

وتعوّد خبراء السكان على أن يسبق الواقع تنبؤاتهم، لذلك فمن المنتظر أن يأتي المواطن المكمل لرقم سبعة مليارات إلى العالم قبل الموعد المحتمل.

زادت وتيرة نمو سكان العالم بشكل هائل على مر تاريخ البشرية، حيث بلغ تعداد العالم إبان فترة المسيح نحو 300 مليون نسمة، ثم كان المليار الأول من سكان العالم بعد عام 1800 بسنوات قليلة. وازداد سكان العالم في القرن الحادي والعشرين وحده بواقع مليار نسمة أخرى، وأصبح خبراء السكان يلتزمون الحذر بشأن أي تنبؤات أخرى، تماما كما يفعل خبراء الأرصاد الآن بشأن توقعات الطقس.

وعن ذلك قال ديفيد بلوم من كلية هارفارد للصحة العامة إن هناك عدة عوامل تصعب التنبؤات الدقيقة الخاصة بسكان العالم، منها الأمراض المعدية والحروب والتقدم العلمي والتغيرات السياسية وقدرة القائمين على القرار السياسي في العالم على التعاون بعضهم مع بعض.

ولكن وبصفة عامة فإن العلماء يتوقعون أن تتراجع وتيرة النمو السكاني، حيث تتنبأ الأمم المتحدة بأن لا يزيد عدد سكان العالم عن 8 مليارات إلى 10.5 مليار نسمة بحلول عام 2050.

ومن المؤكد أن الثقل السكاني في قارات العالم سيشهد تغيرا مدفوعا بمعدلات النمو السكاني المرتفعة في آسيا وأفريقيا. وقريبا ستحل الهند التي يبلغ تعداد سكانها حاليا 1.2 مليار نسمة محل الصين (1.3 مليار نسمة) وسيصل عدد سكان نيجيريا التي تعتبر الأكثر سكانا من بين دول أفريقيا حيث يعيش فيها الآن نحو 162 مليون نسمة إلى نحو ثلاثة أرباع مليار نسمة بحلول منتصف القرن الحالي.

مثال آخر: يعيش حاليا أكثر من 80 مليون نسمة في ألمانيا الصناعية ومثلهم في إثيوبيا النامية، ولكن من المتوقع أن يكون هناك نحو 174 مليون نسمة في إثيوبيا في غضون 40 عاما مقابل نحو 72 مليون نسمة في ألمانيا، وسيكون سكان ألمانيا أكبر سنا في المتوسط عن سكان إثيوبيا.

ومن بين نتائج ذلك تغير موازين القوى بين قارات العالم، حيث يتزايد نفوذ دول مثل الصين والهند والبرازيل في الوقت الحالي بالفعل، وهو ما دفع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مؤخرا، كما جاء في تقرير الوكالة الألمانية من برلين، أن تناشد الأوروبيين بالتماسك قائلة: «في عالم يعيش فيه سبعة مليارات نسمة علينا أن نحشد 500 مليون أوروبي بعضهم مع بعض.. وإلا فلن يكون من الممكن إنقاذ الرخاء والمبادئ في أوروبا..».

ومع تزايد سكان العالم تتزايد الحاجة إلى الأرض التي يعيشون عليها وإلى الأغذية والطاقة، تزيد المخاوف من تزايد ضراوة الحروب على الثروات الطبيعية الحالية. ولا يستبعد الكثيرون على سبيل المثال أن تحدث حروب بين الدول المتجاورة على الماء.

ورأى خبراء الصندوق العالمي للطبيعة أن سكان العالم سيحتاجون إلى ثلاثة أمثال كوكب الأرض بحلول عام 2050 إذا لم تتغير عادات سكان العالم، ومشيرا لذلك قال خبير الصندوق جيسون كلي: «علينا أن ننتج خلال الأربعين عاما المقبلة نفس كمية الأغذية التي أنتجت خلال الثمانية آلاف عام الماضية». أضف إلى ذلك أن سكان الدول الصناعية لا يزالون يرمون بالكثير من الطعام في سلة المهملات.

ولكنّ المتفائلين يشيرون إلى أن التوقعات المبالغة في التشاؤم بشأن تداعيات تزايد سكان العالم لم تتحقق حتى الآن ويرون أن الأحداث تطورت بشكل إيجابي من خلال التطور التقني والإنجازات الطبية التي حققها العالم وذلك خلافا للمخاوف. كما أن الرقم القياسي الحالي لسكان العالم يأخذ بُعدا آخر عندما نعرف أن أكثر من مائة مليار نسمة عاشوا على الأرض منذ ظهور الإنسان العاقل عليها، فماذا يكون سبعة مليارات نسمة في مقابل هذا العدد؟ هكذا ينظر المتفائلون.

ومن جانب آخر كشفت دراسة علمية حديثة عن أن تسعين في المائة من أنواع الكائنات الحية في العالم لم تكتشف أو توصف أو تصنف بواسطة البشر بعد. وقدرت الدراسة التي أجراها باحثون كنديون عدد أنواع الكائنات الحية بـ8.7 مليون نوع. تمكن العلماء من تطوير أسلوب جديد لتقدير إجمالي أنواع الكائنات في الكون ونشروا نتائج دراستهم في صحيفة «بلوس بيولوجي» العلمية في نسختها الإلكترونية.

يقول روبرت ماي أستاذ علم الحيوان بجامعة أكسفورد في بحث منفصل في نفس النسخة: «إن مدى جهلنا بعدد الكائنات الحية على الأرض اليوم مفزع للغاية... بل إن ذلك الجهل يزداد عند الحديث عن عدد الأنواع التي يمكن أن نفقدها من تلك الأنواع التي لا تزال توفر خدمات للنظام البيئي تعتمد عليها البشرية بشكل مطلق».

كانت التقديرات السابقة لأعداد أنواع الكائنات الحية تتراوح بين ثلاثة إلى مائة مليون نوع. الدراسة التي أجريت في جامعة دالهاوزي بهاليفاكس بكندا قدرت أن 86 في المائة من كل الأنواع البرية و91 في المائة من كل الأنواع البحرية لم تصنف بعد. وقدرت عدد أنواع الكائنات التي تنتمي إلى عالم الحيوان بـ8.7 مليون نوع، والنباتات بـ298 ألف نوع، والفطريات بـ611 ألف نوع، والحيوانات الأولية بـ36400، بالإضافة إلى 27500 نوع مما يعرف بالخلايا بدائية النوى والتي تضم الطحالب والعوالق وغيرها. وأضافت الدراسة أن نحو سبعة في المائة فحسب من الفطريات و12 في المائة من الحيوانات هي التي تم تحديدها، مقارنة بـ72 في المائة من النباتات. المنهج الذي اعتمدت عليه الدراسة استثنى الميكروبات والفيروسات واحتوى على هامش خطأ معياري يقدر بـ1.3 في المليون. كما قدرت الدراسة أن هناك 2.2 نوعا من الكائنات البحرية والباقي كائنات برية. وقال أستاذ علم الأحياء البحرية وأحد المشاركين في وضع الدراسة بوريس ورم، إن الأرض نظام يتكون من ملايين الأجزاء الحيوية، وكثير منها يختفي بشكل منتظم.