تركيا تعيد استخدام الموسيقى الشرقية في العلاج

الأطباء يحاولون استعادة مناخ المستشفيات في القرون الوسطى في العالم الإسلامي

TT

أصبح العلاج بالموسيقى أحد أشكال الطب المكمل، إذ أسهمت الموسيقى في استعادة وتحسين الحالة الصحية والنفسية والفسيولوجية والروحية للكثير من المرضى الذين يعانون من مشكلات تختلف في طبيعتها وأسباب حدوثها. فقد بدأ الأطباء في مستشفى تركي في إسطنبول في استخدام الموسيقى الشرقية لمساعدة المرضى على الشفاء في ما يعتبر عودة إلى التقاليد الشرقية القديمة التي كانت تستخدم الموسيقى لعلاج الأمراض.

وقال الدكتور بينغور سونميز الذي يتولى الإشراف على المشروع في المستشفى التذكاري في إسطنبول: «توجد مقامات مختلفة لكل حالة مَرضية وكل مشكلة صحية، فهناك مقام يؤدي إلى الإثارة، وآخر يساعد على الاسترخاء. ونحن لا نفعل شيئا جديدا، فالتأثير الإيجابي للعلاج بالموسيقى كان معروفا منذ أكثر من 900 سنة». إلا أنه أكد أن استخدام الموسيقى في العلاج عملية تكميلية وليست بديلة للعلاج الطبي التقليدي.

وأضاف أن الأطباء يحاولون استعادة مناخ المستشفيات في القرون الوسطى في العالم الإسلامي، حيث كانت المستشفى تشيّد حول ساحة بها نافورة. وذكر أن «صوت المياه وألوان زجاج النوافذ وكثافة الضوء ونوعية النباتات والزهور، كانت جزءا من العلاج التكميلي للمرضى».

وتحتفظ الحضارة الإسلامية بكثير من الأمثلة حول أهمية الموسيقى في العلاج، ولا سيما الأمراض النفسية، كما تذكر كتب التراث. فقد قسم الكندي - على سبيل المثال - الألحان أقساما في كتاب «المصوتات الوترية» من ذات الوتر الواحد إلى ذات الأوتار العشرة. وقد تناول النغمات والأوتار والإيقاعات، حيث أورد تأثيرها على أعضاء الجسم.

كما أن الشيخ الرئيس، ابن سينا، يوضح أن بعض النغمات يجب أن تخصص لفترات معينة من النهار والليل، لأن الإنسان يمر بحالات نفسية مختلفة، بل ومتناقضة أحيانا في اليوم الواحد تبعا لظروف حياته ونمط معيشته من الاستيقاظ حتى النوم.

كما يشير «العقد الفريد» عن علاقة الموسيقى بالطب في قول ابن عبد ربه: «زعم أهل الطب أن الصوت الحسن يسري في الجسم ويجري في العروق، فيصفو الدم ويرتاح له القلب، وتهش له النفس، وتهتز الجوارح وتخف الحركات».

وقد استمر استخدام الموسيقى في العلاج حتى فترات ليست بالبعيدة، فقد شاهد علماء الحملة الفرنسية في مصر في القرن السابع عشر المستشفيات التي كانت موجودة في القاهرة، حيث كانت الموسيقى تستخدم لعلاج المرضى، وبالذات الأمراض النفسية والعقلية. فقد ذكر واحد من علماء الحملة، وهو العالم غومارا، أنه «أنشئ في القاهرة، منذ قرابة خمسة أو ستة قرون، عدة مارستانات تضم المرضى والمجانين، ومنها مارستان قلاوون. وقد كان في الأصل مخصصا للمجانين، وصرف عليه سلاطين مصر مالا وافرا… حيث يقال إن كل مريض كان له شخصان يقومان بخدمته، وكان المؤرقون من المرضى يعزلون في قاعة منفردة، يشنفون فيها آذانهم بسماع ألحان الموسيقى الشجية أو يتسلون باستماع القصص يلقيها عليهم القصاص. وكان المرضى الذين يستعيدون صحتهم يُعزلون عن باقي المرضى، ويتمتعون بمشاهدة الرقص. وكانت تمثل أمامهم الروايات المضحكة».