«أدوار».. مبادرة شبابية للحفاظ على التراث المصري

ورش تدريبية تعتمد على العمل اليدوي تحت شعار «وعي.. مشاركة.. إبداع»

من مشغولات الورش التدريبية
TT

مبادرات شبابية عديدة دشنت من وحي ثورة 25 يناير، أخذت على عاتقها تغيير عادات المجتمع المصري، من بينها مبادرة «أدوار»، التي انطلقت بمدينة الإسكندرية بهدف الحفاظ على الحرف التراثية والتقليدية وجعل المنتج المصري منها في المكانة التي يستحقها، التي قد تكون في كثير من الأحيان صناعات تراثية تخصص فيها المصريون على مدار سنوات، لكنها توشك الآن على الانقراض وحل محلها المنتج المستورد نتيجة لعدم وجود أيدٍ عاملة جديدة مدربة على هذا المنتج.

والمقصود بكلمة «أدوار»، بحسب القائمين على المبادرة، أن كل شخص له دوره المؤثر والمفيد في المجتمع، وكل شخص بداخله طاقات كثيرة لو خرجت للنور لأسهمت في ثراء المجتمع ولأضافت إليه الكثير، لذا كان الشعار الذي قامت عليه المبادرة هو (وعي.. مشاركة.. إبداع).

ومن أكثر المنتجات التي تستهدف المبادرة إحياءها، السبحة وفانوس رمضان والمشغولات اليدوية، إلى جانب إضافة لمسات تراثية على بعض المنتجات العصرية التي يستخدمها الفرد في حياته اليومية، مثل «التي شيرتات» والإكسسوارات وحقائب اليد الخاصة بالسيدات والوسائد والدفاتر الورقية والميداليات.

إنجي عبد العزيز، المنسق العام لمبادرة «أدوار»، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «منذ بدايتنا ونحن نحاول الحفاظ على التراث المصري، وسعينا لنشر فكرة قبول العمل اليدوي بين الشباب، وفي النهاية دعم الاقتصاد المصري من خلال تقليل الاعتماد على منتجات تستورد من الخارج دون أي داع، حيث يمكن تصنيعها بأبسط الإمكانيات وبأيد مصرية، ونتعامل طبقا للإمكانيات والظروف المتوافرة وبالجهود الذاتية».

وتبين إنجي أن المبادرة أنشأها مجموعة من الشباب المصري المتطوع في جمعيات أهلية مختلفة، اجتمعوا معا في مشروع نظمه معهد «غوته» بالإسكندرية بعنوان مفهوم التقدم في الثقافات المختلفة عام 2005، وهو مشروع تم تطبيقه في أكثر من دولة وبأكثر من أسلوب وحدثت مناقشات عديدة حول موضوعات مختلفة مثل الهوية وحقوق الإنسان والبحث العلمي والدين والسياسة والرياضة وعوائق التقدم والإعلام، ومن ثم نتج عن تجربة هؤلاء الشباب فكرة مبادرة «أدوار».

وتشير إلى أن مبادرة أدوار قامت بالعديد من الأنشطة على مدار الأعوام الماضية، يأتي على رأسها فكرة دعم مفهوم التطوع والعمل التطوعي، سواء من خلال الوقت أو الجهد أو المال. وتضيف: «لكن مع قيام الثورة اكتسبت المبادرة روحا جديدة، حيث بدأ التركيز على الصناعات الصغيرة والحرف التراثية، التي قل بشدة الاهتمام بصناعتها وقلت الأيدي العاملة المدربة عليها، وتم إغراق الأسواق بالمنتجات المستوردة وخاصة «الصينية» حتى في الأشياء المتعلقة بثقافتنا، لذا رفعنا شعار «صنع في مصر» أمام مقاومة الغزو الأجنبي للأسواق المصرية».

تتابع إنجي: «إحياء هذه الحرف والصناعات يكون من خلال إقامة ورش عمل لتدريب الشباب المتطوعين على هذه الصناعات، ومن ثم يصنعونها بأنفسهم، ويسوقونها من خلال المعارض المتتالية، التي كان آخرها معرض أقيم بمكتبة الإسكندرية وآخر بأحد المراكز التجارية الكبرى. وقد تم الترويج لها من خلال الإنترنت وبالجهود الذاتية عن طريق المشاركين في المبادرة، فنحن نتواصل بشكل أساسي مع الجمهور من خلال شبكة الإنترنت وتحديدا من خلال صفحتنا على موقع (فيس بوك)، والتي من خلالها عرف كثير من الناس عن المبادرة وانضموا إليها وشاهدوا صورا لمنتجاتنا واهتموا بشرائها. وقد حققت منتجاتنا في الفترة الماضية نجاحا كبيرا حتى أن بعضها أصبح يطلب من المتاجر».

وتوضح: «لإيمان المشاركين في المبادرة بما يقومون به؛ فإنه في حالة عدم توافر مكان لعقد الورش التي ننظمها، نقيمها في مكان عام مثل حديقة عامة أو مكان مفتوح، ويساهم الأعضاء في شراء المواد الخام التي نحتاجها، ثم نوفرها في المرة التالية من أرباح ما تم بيعه من منتجات قام الشباب بتنفيذها».

وتبين إنجي أن نشاط أعضاء المبادرة لا يقتصر على نشاط المنتجات التراثية وتنظيم الورش التعليمية، بل يمتد لمجالات أخرى «فقد قمنا بعدة نشاطات أخرى، من أهمها إقامة عدة نماذج محاكاة لجامعة الدول العربية، وأيضا منتدى شباب يعيد تشكيل المستقبل وذلك بمكتبة الإسكندرية، وصالون أدوار الثقافي. فمن أهم أهدافنا توسيع دائرة المشاركة الإيجابية بين الشباب وتنمية مهارات الحوار والقيادة والقدرة على تقبل الاختلافات الفكرية والعقائدية عن طريق تداول الأفكار والآراء المختلفة وتعزيز ثقافة الحوار كوسيلة للتقريب بين وجهات النظر المختلفة، وإرساء قيم العدل والمساواة والتسامح وتقبل الآخر، وكلها أهداف نسعى إلى تحقيقها من خلال نشاطات وفعاليات متعددة ومختلفة».

وتختتم إنجي حديثها بالإشارة إلى أن ما يأمله أعضاء المبادرة في المرحلة المقبلة هو زيادة الأنشطة ونشر فكرة «أدوار» بشكل أكبر بين المصريين، وذلك لتحقيق أهداف الفريق التي يعملون عليها ويسعون إلى تحقيقها منذ بداية انطلاقهم، فالمبادرة تأمل في أن تزيل الغبار عن الطاقة المهدرة من خلال نشر الوعي وتفعيل ثقافة الإيجابية والمشاركة بين الشباب، ومن ثم خلق فرص للإبداع والابتكار تنعكس في النهاية على الواقع وعلى المجتمع المصري.