الباركور.. رياضة الحركات الخارقة وتحدي الحواجز

بدأت منذ 10 أعوام وانتشرت في أنحاء العالم.. ووصلت إلى مصر في 2008

الباركور رياضة غير مقيدة بمكان وتتغير تكتيكاتها بحسب البيئة المحيطة باللاعب
TT

تحدي قوانين الجاذبية الأرضية والتحليق في الهواء وتخطي الحواجز.. هي ببساطة مبادئ رياضة الباركور، بلا أدوات أو معدات وحتى دون الحاجة إلى زمان أو مكان، يمكن لأي فرد أن يمارس تلك الرياضة المميزة التي تلقى قبولا واسعا في الأوساط الشبابية خاصة بعد انتشارها في العالم العربي من خلال أفلام الحركة وانتشار أخبارها عبر الإنترنت.

ورغم أن بعض الناس يرون أنها لعبة تقوم على المخاطرة والمغامرة فقط، فإنها تستند في الواقع إلى فلسفة عظيمة، وهي إيمان ممارسها بقدرته على تخطي أي شيء وأي حاجز سواء كان أسوارا أو أشجارا أو صخورا أو قضبانا وتفننه في كيفية ربط النقاط ببعضها، والانتقال من مرحلة لأخرى بتخطيط سريع لحظي.

تعتبر لعبة الباركور مصنفة ضمن ألعاب الفنون القتالية تحركها فكرة «الهروب» وتعرف الباركور وسط ممارسيها باسم «ترايسورز traceurs»، الذي تقاس مدى مهارته بقدرته وسرعته على الحركة ولياقته البدنية العالية، ويعتبر ديفيد بيل هو مؤسس اللعبة، اشتق اسم الباركور من اسم تدريب عسكري شهير هو parcours du combattant وهو تدريب عسكري تقليدي في الجيش الفرنسي، أما ترايسور Traceur فهو لفظ مشتق من الفعل تراسر tracer أو «تتبع الأثر to trace» الذي يترجم أحيانا إلى «الانطلاق بسرعة to go fast».

يقول إيهاب تاج، أحد أعضاء فريق باركور إيجيبت، لـ«الشرق الأوسط» بدأت رياضة الباركور في مصر في شهر مارس (آذار) من عام 2008 عندما تكون فريق «باركور إيجيبت» وهو أول فريق مصري متخصص في رياضة الباركور و«الفري راننغ» أو الجري الحر، لكن بداية اللعبة نفسها بدأت في فرنسا على يد مؤسس اللعبة الفرنسي ديفيد بيل عام 2001 الذي بدأ بتدريب رجال المطافئ على تخطي الحواجز من دون مخاطر ثم ذاع صيت اللعبة بعد الاستعانة به في الفيلم الوثائقي «قفزة بريطانيا» والفيلم الفرنسي «المنطقة الثالثة عشرة».

وينوه تاج بأن الإنترنت ساهم في تكوين الفريق حيث قرر أعضاء الفريق الالتقاء للتدريب وتم تطوير منهج تدريبي مناسب لطبيعة الشباب المصري ومناسب للطبيعة الجغرافية المصرية التي تختلف كثيرا عن مثيلاتها في البلاد الغربية، ويقول تاج: «خلال عام ونصف تقريبا، قام الفريق بتنظيم تمرين In door (التمارين في الأماكن المغلقة) في صالات مجهزة وتمارين الأماكن الخارجية Out door التي تكون في بعض الأماكن مثل ملاعب مدرسة السعيدية بالقاهرة، ومنطقة جبل المقطم، كما يتم التدريب في الإسكندرية على شاطئ كليوباترا خلال الصيف».

وعن أعضاء فريق «باركور إيجيبت» الذين اختاروا النسر شعارا للفريق والنسور عنوانا لهم، يقول تاج: «أصبح الفريق مكونا من 12 عضوا مؤسسا، ومنهم مجموعة إدارية على مستوى عال من المهارة لتنظيم أعمال الفريق وترتيب اللقاءات وأماكن ومواعيد التمرين والتعامل مع مختلف الجهات وعمل الشراكات مع أكبر الفرق العالمية، مثل: (باركور جينيريشنز) في بريطانيا و(أميركان باركور) في الولايات المتحدة الأميركية، وهناك مجموعة إعلامية خاصة بأعمال التصوير الفوتوغرافي والغرافيك والمونتاج وإخراج الفيديوهات الخاصة بالفريق، هذا فضلا عن مجموعة التدريب المسؤولة عن تدريب اللاعبين الجدد ووضع المناهج والطرق التدريبية طبقا لأحدث أساليب التدريب العالمية وعلى أسس علمية وبما يتناسب مع طبيعة المصريين وطبيعة الأماكن، ومجموعة الأداء التي تقوم بتصميم العروض والإعلانات والمطاردات وأدائها».

ويشير تاج إلى أن رياضة الباركور فريدة من نوعها حيث لا تتطلب شروطا معينة أو قيودا عمرية، ولكنها تستند لثلاث قواعد أساسية يجب على اللاعب أن يضعها في اعتباره وهي: الدقة والكفاءة والسرعة.

ويأتي ديفيد بيل مؤسس اللعبة في أعلى قائمة لاعبي الباركور الأشهر في العالم، والقائمة أيضا تضم «يان هنوترا» و«ديفيد مالجون» والإخوة «فيجروكس» و«سباستيان فوكون» الذي قدم مشهد المطاردة المعروف في فيلم «جيمس بوند» المسمي «كازينو رويال» Casino royal.

أما عن أشهر فرق الباركور، فيقول تاج «في الفرق الأجنبية: فريق إربان فري فلو (Urban Free Flow)، وباركور جينيرايشنز (Parkour Generations) وثري ران (3 run)، وعلى مستوى العالم العربي إلى جانب فريقنا (باركور إيجيبت) هناك فريق (أكروشي توا) و(سبن هم) في المغرب، وفريق (بي كي جاجوارز) في الكويت، ويمكن ممارسة الباركور أيضا بشكل منفرد» ويقول تاج: «أحد أحسن الذين رأيتهم يمارسون الباركور بشكل منفرد هو محمد طه دياب الذي أظنه من الإمارات».

ويوضح تاج هدف فريق «باركور إيجيبت» الذي يتخطى نشر اللعبة في مصر والعالم العربي، إلى محاولة المشاركة في تطوير الفن عالميا بالتعاون مع أكبر الفرق في الخارج وبالتواصل الدائم مع المؤسسين الأصليين مثل: فريق «باركور جينيرشنز» كما تم في لقاء سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة الأميركية بعنوان «YouTube live» الذي أذيع مباشرة على موقع «يوتيوب»، وفي لقاء «القفزة العملاقة» بالتعاون مع منظمة «ساند باج». ويضيف «هدفنا إقامة أكبر أكاديمية لتدريب الباركور والفري راننغ في الشرق الأوسط بأكمله مقرها مصر على أن يكون لها فروع في جميع الدول وتأسيس اتحاد عربي للرياضة والمشاركة في تأسيس الاتحاد العالمي لها بإذن الله».

اللعبة مبنية على تحديات جديدة تتطلب فكرا خلاقا من اللاعب أو التريسور، فكل عقبة تخلق تحديا مختلفا وتتطلب منه أن يستخدم ويطوع ما تعلمه من حركات بل والإضافة إليها، هكذا تحدث الكابتن عمرو موسى، أحد التريسورز بفريق «باركور إيجيبت»، مؤكدا أن هناك عدة حركات أساسية معروفة ومنها: الهبوط Landing، والدحرجة rolling، والتوازن Balance، وتوازن القط Cat Balance (وهو عبارة عن المشي باتزان على حاجز باستخدام الأطراف الأربعة)، ومخلب القط cat leap، (وهو عبارة عن القفز باتجاه حاجز رأسي)، وأيضا القفزة الدقيقة precision jump، والقفزة السريعة speed vault، وقفزة القرد monkey vault وقفزة كينغ كونغ kong vault. ومن أشهر حركات الباركور: الجري على الحائط wall run، والقفزة العكسية reverse vault وقفزة الـ360 360 vault.

ولكن الأمر اللافت في تلك الرياضة أنها غير مقيدة بمكان وتتغير تكنيكاتها بحسب البيئة المحيطة باللاعب، ولا تتطلب زيا معينا أو ملابس معينة، ويمكن لأي فرد ممارستها، خاصة أن أسعار التدريب في متناول جميع الطبقات، فعليك أن تدفع 5 جنيهات للتدريب في المرة الواحدة.

ويقول الكابتن ناصر محمود عيد، كابتن فريق «إيجيبت باركور»، إن مدة التدريب التي يحتاجها اللاعب لا تزيد على ساعتين يوميا، وليس هناك فترة تأهيل أو إعداد محددة فقدرات ولياقة كل لاعب تختلف عن الآخر ولكن هناك فترة لا تقل عن 3 شهور يتم تعلم الأساسيات فيها يمكن بعدها أن يصبح تريسور محترفا، ولكن من المهم أن ينفصل اللاعب عن حياته الشخصية ويجعل كل تركيزه في الحركات التي يمارسها لتقليل مخاطر الإصابة نتيجة قيامه بحركات غير دقيقة.

ويمكن للفتيات ممارسة الباركور أيضا إلا أن معوقات كثيرة تقف أمامهن ويقول عيد «ما يعوق ممارستهن للباركور عدم وجود مدربات في الأساس، كما أن الكثيرات منهن يعتقدن أنها خطرة في حين أن بها نفس نسبة الخطورة التي تنطوي عليها أي رياضة أخرى مثل الجمباز».

وقد شهدت رياضة الباركور رواجا في الآونة الأخيرة نتيجة الاستعانة ببعض ممارسيها في الإعلانات والأفلام المصرية مثل فيلم «فاصل ونعود» لكريم عبد العزيز، وفيلم «بلبل حيران» لأحمد حلمي.