«الأساتذة المجهولون» تفوز بجائزة جميل للفنون

فاز بها الخطاط الجزائري رشيد قريشي

رشيد قريشي «السادة المخفيون» وبيتا غيزيلاياغ «ذكريات من اللباد» وعمل للفنانة سودي شريفي بعنوان «عرض أزياء»(متحف فيكتوريا أند ألبرت)
TT

اقتنص عمل الخطاط الجزائري رشيد قريشي «الأساتذة المجهولون» جائزة جميل للفنون والتي شهدت تنافس عدد من الفنانين في جميع المجالات وأقيمت في رحاب متحف فيكتوريا أند ألبرت بلندن.

وتمنح الجائزة التي أسست عام 2009 وقيمتها 25 ألف جنيه استرليني لأفضل عمل فني دولي مستوحى من التقاليد الإسلامية وقام حسن جميل بتسليم قريشي الجائزة في حفل أقيم بالمتحف أمس حضره مارتن روث مدير المتحف وعضو البرلمان إد فيزاي.

عمل قريشي «الأساتذة المجهولون» هو عبارة عن منسوجة ضخمة مطرزة تحمل كتابات تدور كلها حول دائرة تحتل المركز من المنسوجة، تفوق على باقي الأعمال المشاركة في المسابقة والتي اعتمدت التراث الإسلامي.

ويستخدم قريشي في عمله حروف الخط العربي مقترنة بالرموز والأرقام لخلق منظومة فنية تحاكي صحائف التراث وتضيف إليها أبعادا معاصرة. استخدام لغات وتراث حضارات مختلفة متضافرة مع الإيحاءات العربية يعمل بشكل فني رفيع على التأكيد على أن العالم الإسلامي رحيب ومتسع الأرجاء ويتسامى عن محاولات تقليصه وحصره في جانب واحد، ولعل التعددية الثقافية التي عكسها عمل قريشي تتحدى بقوة الحاضر المعيش الذي يعج بتصورات تربط بين الإسلام والعنف. ومما يعزز تصور قريشي استخدامه لكتابات المفكرين المسلمين ضمن منسوجته وتنسيقها بشكل بسيط وجاذب للعين والروح أيضا، ومن خلال الدوائر المطرزة والمنسوجة تتضافر كلمات ابن الرومي وابن عربي، فهؤلاء هم الأساتذة المجهولون الذين يعنيهم قريشي في عنوان عمله فهم قد تركوا بصماتهم على أجيال تليها أجيال. كما تتشبع المنسوجة بالرموز العربية والأمازيغية وحروف التيفيناغ والمربعات السحرية وأرقام الطلاسم كالرقم سبعة وكذلك رسوم الكف والعلامات الإيقاعية للفن الحجري.

وعبر المعرض الذي يقام في متحف فيكتوريا أند ألبرت تبارت 10 أعمال لعشرة فنانين تم اختيارهم للمنافسة ومن بينهم الفنان المصري حازم المستكاوي، والباكستاني نور علي شاجاني، والفنانة الإيرانية منير شهروردي، ومن العراق الفنانة هاييف كهرمان.

ومن 20 عملا ضمها المعرض تنوعت أعمال الفنانين المشاركين لتشمل الأزياء التقليدية إلى تمثال مصنوع من القوالب الطينية اليدوية، ومن الموزايك إلى الملصقات الرقمية المستوحاة من الرسومات المنمنمة الإيرانية التقليدية. واختلفت موضوعات كل فنان لتغترف من البيئة المحلية أهم عناصرها وتقدمها لزائر المعرض في قالب فني موح ويحمل من المعاني ما يمتد عبر الأجيال ويصله بالواقع المعاصر. ومن الأعمال المعروضة عمل للفنانة بيتا غيزيلاياغ والتي تعتمد على اللباد وتعرض ثلاث قطع من سلسلة «ذكريات من اللباد» استوحتها من تقليد صناعة القمصان التي كان المحاربون القدماء يلبسونها للحماية. ولكن القميص بحسب ما صنعته غيزيلاياغ يتحول من قميص يرتديه السلطان أو المحارب تحت ملابسه إلى رداء يحمل صورا صغيرة لشهداء ومفاتيح معدنية وتيجان وزهور تيوليب ورموز أخرى تتضافر مع جمل بالفارسية لتغطي سطح القماش بالكامل وتحوله إلى رسالة فنية بها من المعاني ما يحير الزائر.

أما عمل باباك غولكار والمعنون «العيش جنبا إلى جنب» فيثير الكثير من الأسئلة المرتبطة بالواقع الحالي وخاصة ما ارتبط منها بأحداث سبتمبر وتأثيرها على العالم الإسلامي والعربي وقضية التعايش بين الحضارات والتسامح أيضا. العمل يقوم على مبنى ناطحة سحاب بيضاء تقف على صندوق زجاجي في أسفله سجادة فارسية حمراء، التركيب بشكله الحالي يطرح سؤال التعايش بين النموذجين الغربي والشرقي بشكل واضح وصريح ويطرح فكرة الحوار بين الحضارات. ويعتمد كثير من الأعمال على خلفية خاصة بالفنانين تقوم على ومزج ما بين القديم والجديد، وما بين التقليدية والعصرية، وما بين الوطن والمنفى.

ويعتبر المعرض تجسيدا رائعا للتراث الفني الإسلامي، حيث تهدف الجائزة إلى إبراز التفاعل بين الممارسة المعاصرة وهذا التراث التاريخي. وأسهمت الجائزة كذلك في نشر المعرفة بالثقافة الإسلامية ومكانتها في العالم.