أمسية ثقافية في بيروت تتضامن مع الشعب السوري

المنظمون لا يريدون إسقاط النظام.. وإنما مساندة المقهورين

الفنان السوري علي فرزات
TT

التهديدات التي تلقاها المخرج المسرحي اللبناني، روجيه عساف، بتحطيم مسرحه «دوار الشمس» إن هو أصر على استقبال الأمسية الثقافية التي ينظمها شبان لبنانيون وسوريون تضامنا مع الشعب السوري، لم تثنه أو تخيفه، على ما يبدو. وبقيت الاستعدادات مستمرة حتى بعد ظهر أمس، للحفلة المسائية ولاستقبال الراغبين في التضامن والتكافل مع إخوانهم في سوريا، الذين يتعرضون للضغط والقمع والقتل. ووسط حضور أمني لتأمين سلامة المسرح ورواده، وهو ما لم يعتده اللبنانيون في احتفالاتهم الثقافية، أقيمت الأمسية.

وقالت نضال أيوب، وهي صاحبة فكرة تنظيم الأمسية، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، وقبل ساعات قليلة من بدء العروض على المسرح: «نحن لا نريد التدخل في شؤون سوريا الداخلية، وليس هدفنا تغيير النظام هناك؛ فهذا أمر يقرره الشعب السوري وحده، وإنما نريد أن نقول إننا ضد القهر والتعذيب اللذين يتعرض لهما الناس». وتتحدث نضال عن ولادة شرارة الفكرة عندما كانت في سوريا، والتقت معتقلين خارجين من السجون السورية، وقد بدت عليهم آثار التعذيب والتنكيل. تشرح نضال: «لقد كانوا مشوهين، ومع ذلك بينما كنت أقوم بلقاءات معهم، وجدتهم يسخرون ويضحكون وهم يتحدثون عن الطرق الوحشية التي استُخدمت لتعذيبهم، لكنهم لا يستطيعون منع غصة كبيرة وهم يتحدثون عن لا مبالاة الشعب اللبناني بهم. إحدى الفتيات لم تتمكن من منع دمعة فرت من عينها وهي تحدثني عن هذا الأمر. حينها قلت لا بد من عمل شيء، كي لا تكون بيروت غصة في قلب سوريا».

الأمسية التي شهدها مسرح «دوار الشمس»، مساء أمس، ذات طابع فني ثقافي، وهي ما يشبه الاستكمال لمسيرة «طريق الشام» التي شارك فيها، منذ ما يقارب الشهر، مثقفون لبنانيون احتجاجا على ما يتعرض له السوريون المطالبون بالحرية.

كانت نضال أيوب قد تعرفت على منظمي المسيرة وتحدثت معهم عن رغبتها في تنظيم الأمسية، وهكذا بدأ العمل الجماعي. وتجمع لبنانيون وسوريون، مساء أمس، في مسرح دوار الشمس، حول معرض لفنان الكاريكاتير علي فرزات؛ حيث عرضت له 50 لوحة، تتناول مواضيع الحرية، الاستبداد، المرأة، فلسطين، السلطة والمواطن. يقام هذا المعرض بالتنسيق مع الفنان الذي تعرض لاعتداء كاد يودي بحياته. وهو اعتداء ضج له الرأي العام، ويأتي هذا الاحتفاء بأعماله تحية له من بيروت.

لكن الأمسية لا تقتصر على المعرض، بل انطوت على برنامج فني مدته أكثر من ساعتين؛ حيث قدمت كارولين حاتم رقصة معاصرة مدتها 10 دقائق، تحكي عن امرأة ترفض الخضوع للألم وتبني على تماسك الذات، على وقع موسيقى بدوية، شرقية، سورية، عراقية.

وعلى لائحة البرنامج فيلم قصير مدته دقيقتان، بعنوان «كان يا ما كان ما عاد في مكان»، يروي كيف أن الشهداء لم يعد لهم من مكان يتسع لكثرة عددهم. وهو فكرة الأخوين أحمد ومحمد ملص. وضمن البرنامج أيضا مسرحية تعرض للمرة الأولى، وهي مستوحاة من ميلودراما سبق للمخرجين محمد وأحمد ملص أن قدماها على مدار 125 عرضا، مما قربها من دخول موسوعة «غينيس». والمسرحية المقدمة في الأمسية تأخذ شخصياتها من الميلودراما؛ حيث هناك أبو هاملت ونجم اللذان يطالبان بحريتهما، وهما على مسرح، بينما تحاصرهما الدبابات من كل ناحية.

وإضافة إلى الفيلم القصير جدا ثمة فيلم آخر، لكنه طويل، للمخرج الراحل عمر أميرالاي مدته ساعة ونصف الساعة، يحمل عنوان «حياة في قرية سورية» يتحدث عن معاناة قرية نائية في ظل النظام.