معرض «فنون تركية».. الشرق والغرب مرة أخرى

معرض غير تجاري تقيمه دار «سوذبيز» في باريس

TT

على الرغم من أنها ستقيم مزادها المنتظر للفنون الإسلامية في لندن يوم الأربعاء 5 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، فإن دار مزادات «سوذبيز» قد استبقت الأحداث بمعرض منفصل يحمل الكثير من جمال الفن الإسلامي وقطعة المتفردة، ولكنها اختارت أن يكون الحدث محددا بموضوع بدلا من أن يعرض شتى أنواع الفنون الإسلامية من عصور مختلفة. فالمعرض المقبل لها في باريس الذي يقام في الفترة ما بين 19 إلى 22 سبتمبر (أيلول) الحالي ويحمل عنوان «فنون تركية» يركز على الثقافة العثمانية وما أخرجته من فنون ألقت بتأثيرها على حضارة أوروبا بشكل عام.

السؤال هنا لماذا اختارت «سوذبيز» إقامة هذا المعرض وقبل مزادها للفنون الإسلامية، ويرد على التساؤل إدوارد غيبس، المدير في «سوذبيز» ورئيس قسم فنون الشرق الأوسط والفن الإسلامي في الدار بقوله، إن «المعرض فني بحت لا يحمل الصيغة التجارية، فهو يقام بالتزامن مع الدورة الرابعة عشرة من فعالية المؤتمر الدولي للفنون التركية الذي تعقد كل عامين في كوليج دو فرانس وتعد حدثا ضخما يفد إليه كل المهتمين بالفن العثماني من كل مكان ولهذا قررنا في الدار أن نحتفل بهذا الحدث عبر معرض نقيمه في مقرنا بباريس».

كما يشير غيبس إلى أنها المرة الأولى التي تقيم فيها «سوذبيز» هذا المعرض. ويضيف «حيث إن المؤتمر يتناول الفنون التركية لهذا قررنا أن نتخذ أيضا التيمة العثمانية بدلا من أن نقيم معرضا للفنون الإسلامية بشكل عام».

المعرض لا يقفز إلى الزمن الحالي وبالتالي لا يسلط الضوء على الفنون التركية المعاصرة، فهو على حد تعبير غيبس يلتزم فترة محددة تبدأ من ظهور الدولة العثمانية في القرن الـ15 وحتى القرن التاسع عشر.

في مقدمة الكتيب الخاص بالمعرض يقول فريدرك هيتزل: «نحاول تتبع تاريخ تطور الفنون التركية وأعتقد أن هذا المعرض يعطينا فرصة حقيقية لوضع خارطة لهذا التطور ومعرفة المراحل التي مر بها وبذلك نكون أخذنا زمام المبادرة في هذا المجال».

المعرض يضم عددا من الأعمال الفنية الفضية والخزفيات والمنسوجات والخط إلى جانب مجموعة من «التركيات» وهي عبارة عن الأعمال الفنية التي تصطبغ بالصبغة التركية، حيث انتشر هذا النوع من الفن في أوروبا الغربية بين القرنين الـ16 – 18، حيث نشأت علاقات تجارية قوية بين الدولة العثمانية وأوروبا الغربية، وخاصة مدينة البندقية الإيطالية. وقد قاد هذا التواصل إلى إحداث ثورة في المفاهيم الفنية والأنماط الإبداعية. وتعززت أواصر هذه العلاقات مع القرنين السابع والثامن عشر، ولكن بمستويات وأشكال أكثر رقيا عرفت بـ«التركيات». وأسهمت عدة عوامل في إشعال سوق التركيات هذه وزيادة الإقبال عليها، منها: انتعاش التبادل الاقتصادي بين الجانبين، والبعثات الدبلوماسية التي عززت من التفاصيل الخاصة بأجواء الأبهة والفخامة، فضلا عن مفردات الحياة اليومية. وشاع تداول صور السلاطين على نطاق واسع، في إطار الرواج الذي لقيته هذه التركيات، وأخذت في بعض الأحيان شكل الأعمال النقشية، واللوحات الزيتية في أحيان أخرى.

ومن المعروف أن توسع الدولة العثمانية في دول البلقان ابتداء من القرن الرابع عشر وصولا إلى القرن السادس عشر، منحها فرصة الاستفادة من مناجم الفضة التي اشتهرت تلك الدول بإنتاجها، وهو ما أثمر أعمال مصنوعة من الفضة تنوعت في استخداماتها من الزينة إلى الاستخدام اليومي، ولكنها في جميع الأحوال حملت طابعا شرقيا بديعا أهلها للبقاء في مجموعات كبار المقتنين وفي صالات المتاحف.

وكنموذج لتلك الأعمال يضم المعرض إبريقا فضيا تزينه تموجات متناسقة على سطحه ومقبض على شكل رأس تنين وقد صنع هذا الإبريق في مدينة إسطنبول في القرن السادس عشر.

وعندما نذكر الفن العثماني فلن ننسى بالـتأكيد الخزف الذي اشتهر الأتراك بصنعه، وخاصة خزفيات إزنيق، إذ تعتبر هذه الفخاريات من أروع أعمال الفن التزييني التركي على الإطلاق. وصنع العثمانيون أيضا البلاط، وذلك في الأعمال الفنية الداخلية ضمن المساجد وتزيين الأضرحة والحمامات العامة. وقد جرى إنتاج هذه السلع على نطاق واسع وبأشكال متعددة تلاءم متطلبات السوق الداخلية والخارجية آنذاك.

ويحظى المعرض بوجود باقة مختارة من هذه القطع الفنية التي تعود إلى حقبة القرن السادس عشر مملوكة لأصحاب المجاميع الفنية الأوروبية. ويشارك ضمن هذه الفئة طبق من الخزف مزين بالقرنفل والزنبق وهي عبارة عن رسوم تزيينية مزججة نقشت على صفحة بيضاء صقيلة غير شفافة، صنعت في مدينة إزنيق بين عامي 1570 - 1575.