افتتاح «ربيع السينما العربية» في باريس

مهرجان صغير بميزانية شحيحة ونيات شاسعة

نادين لبكي في فيلمها الجديد «هلق لوين؟» و المخرجة المغربية ليلى كيلاني
TT

بجهود شبه فردية من أعضاء جمعية السينما العربية الأوروبية، وبعمل متواصل ودؤوب من مجموعة تعد على أصابع اليدين من عشاق - وبالأحرى عاشقات - الفن السابع، بدأت في صالة «لا كليه» في باريس أمس عروض «ربيع السينما العربية». وتشمل هذه المبادرة التي تعتبر تحديا معنويا حقيقيا ومغامرة مالية بميزانية متواضعة، قائمة طويلة من الأفلام الروائية والوثائقية الطويلة والقصيرة التي تتناول، بشكل مباشر أو موارب، الثورات والانتفاضات المطالبة بالحرية، منذ مطلع العام الحالي، في أكثر من بلد عربي.

وإذا كان عدد من هذه الأفلام قد وجد طريقه إلى المهرجانات السينمائية هنا وهناك، فإنها المرة الأولى التي تتضامن فيها صالة باريسية مع أحداث الربيع العربي، وتفتح أبوابها لجمهور عام من مختلف الفئات والانتماءات. كما نجحت المجموعة الراعية لهذه التظاهرة في الحصول على أفلام تعرض للمرة الأولى، لا سيما من النوع الوثائقي الذي اقتنص مخرجوه اللحظة العربية الفريدة وسجلوا غليان الشارع والتقطوا نبض الرجال والنساء الذين كتب كل منهم لافتته بخط يده ونزل بها إلى الميدان، مشاركا الجموع التي أرهقتها عقود من الفساد وتكميم الأفواه وتكسير الأقلام وحجب الكاميرات عن تصوير ما لا يرتضيه أهل الحكم، أو ما يشوه الملصق الزائف الذي تروج له دعايتهم.

«ربيع السينما العربية» في باريس، الذي يأتي مع إطلالة الخريف على العاصمة الفرنسية، يتميز بسهرتين استثنائيتين، الأولى مع حفل الافتتاح بفيلمين، الأول «حكاية ثورة» للمخرج المصري ناجي إسماعيل، والثاني «على ظهر السفينة» للمخرجة المغربية ليلى كيلاني. أما السهرة الثانية فستكون مع اختتام هذا المهرجان الصغير، مساء الأحد المقبل، الثامن عشر من الشهر الحالي، بعرض فيلم «هلق لوين؟» للمخرجة اللبنانية المتفوقة نادين لبكي. وستعقب العرض حفلة موسيقية غنائية للمغنية التونسية عبير النصراوي التي صدحت حنجرتها في أكثر من مناسبة، لتكون صوت ثورة الياسمين في باريس.

وكما سبق فإن الميزانية المتواضعة لهذا المهرجان، التي قدمها مركز السينما الفرنسي، لا تسمح بترف دعوة المخرجين للحضور إلى باريس والالتقاء بالجمهور. لكنّ عددا منهم سيكون حاضرا لأنه موجود هنا، لأسباب شخصية أو سياسية، مثل المخرجتين السوريتين هالة محمد وهالة عبد الله وزميلهما هيثم حقي، والمغربية ليلى كيلاني التي تقيم ما بين باريس وطنجة، والمصري ناجي إسماعيل، والإيطالي ستيفانو سافونا، واللبنانية كاتيا جرجورة. وفي ما يخص هذين المخرجين الأخيرين، فإن من الأفلام التي انتظر الجمهور مشاهدتها، الفيلم الوثائقي الطويل «تحرير» لسافونا، المخرج المولود في باليرمو والمقيم في فرنسا، وكذلك فيلم «باي باي مبارك» لجرجورة التي لاقت الويل وهي تتابع تصوير مشاهده في عز الثورة المصرية.

أكثر من 50 فيلما جمعها المنظمون لهذا الربيع العربي - الباريسي القصير الذي لن يدوم لأكثر من 4 أيام، لكنه سيكون مناسبة للحوار وللكثير من التساؤلات التي تشغل الناس، أهل هذه البلاد التي تقع على الضفة الشمالية للبلدان المنتفضة، حول مستقبل الثورات العربية وعن ألغاز الأفق الذي ينفتح عليه المشهد المقبل.