خبير تونسي يدعو لزراعة «الكيناف» في بلاده

د. فرج لـ«الشرق الأوسط»: نبتة من فصيلة الخبيزة.. وربحها مضمون 100%

«الكيناف» هي من فصيلة «الخبيزة» وهي نبتة معروفة في تونس وتطبخ في الريف مع «الكسكسي» وبعض البهارات ويطلق عليها «الفرفوشة»، كما تعتبر غذاء طبيعيا للحيوانات
TT

من ضمن المبادرات الرائدة بعد الثورة التونسية لإيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية والبيئية، وكذلك إيجاد بدائل للموارد والمصادر الزراعية والصناعية ما يروج له الخبير التونسي الدكتور محمد فرج، من زراعة «الكيناف»، وهي نبتة يؤكد على أنها موجودة في تونس إلا أن الاستعمال العشوائي والإهمال قضى عليها. وبالتالي فإن إعادة زراعتها من جديد في تونس هي إعادتها لتربتها الأصلية في إطار توجه عالمي نحو المواد البيولوجية. وقال الدكتور محمد فرج لـ«الشرق الأوسط»: «(الكيناف) من فصيلة «الخبيزة» (نبتة معروفة في تونس وتطبخ في الريف مع «الكسكسي» وبعض البهارات ويطلق عليها «الفرفوشة»، كما تعتبر غذاء طبيعيا للحيوانات)، وهي طويلة وذات نمو سريع ويمكن أن يبلغ طولها 5 أمتار خلال 4 أشهر»، وتابع «جربناها في العديد من الأماكن بالبلاد التونسية وأثبتت التجارب أن الأرض التونسية بيئة صالحة لها، فتونس موطنها الأصلي قبل أن تنقرض بسبب سوء الاستخدام والإهمال»، وأردف «جربناها في ماطر، ( شمال غربي تونس) وفي مدنين (جنوب تونس) وفي العديد من الأماكن وحصلنا على نتائج باهرة». وذكر أن «النبتة تحتاج للماء وللعناية كانتزاع الأعشاب الطفيلية من محيطها، كما يمكن سقيها بنظام القطرة قطرة أو بالمياه المستعملة فذلك لن يؤثر عليها، بل كانت النتائج جيدة جدا».

ورغم أن مساعي الخبير محمد فرج لزراعة «الكيناف» في بلاده تعود إلى سنة 1998، فإن المناخ السياسي المتسم بالمحسوبية والفساد وقف حجر عثرة، كما يقول، في وجه إعادة نبتة «الكيناف» إلى تونس حيث تتمتع بزهور جميلة إلى جانب فوائدها الجمة، وأوضح «كان هناك مشروع تونسي - إيطالي يهدف إلى زراعة 40 هكتارا ولكن رموز الفساد في العهد السابق طلبوا حصتهم في المشروع قبل أن يبدأ، أي طلبوا رشوة»، وحول النبتة ومزاياها وما يمكن أن تجلبه من فوائد على الاقتصاد التونسي أكد فرج على أن النبتة «يمكن أن تزرع مرتين في العام فقد زرعناها في أبريل (نيسان) كما زرعناها في سبتمبر (أيلول) وكانت النتائج باهرة في كل من ماطر ومدنين وبنزرت (شمال تونس)».

ومن استخدامات «الكيناف» أنها «تحصد كعصي وترحى فيستخرج منها ألياف، ويصنع منها الورق، والقماش، أفضل أنواع القماش، و20 في المائة من النبتة زيوت من أفضل أنواع الزيوت المقاومة للكولسترول، فـ20 في المائة من النبتة زيوت فاخرة، كما تستخدم في صناعة السيارات والحبال والأكياس لنقل الحبوب وغيرها». ونقل عن مستثمر إيطالي قوله «زراعة نصف تونس بـ(الكيناف) لا تكفي ولا تستجيب بالكلية للطلب العالمي»، وأردف «زراعة (الكيناف) تعوض الكثير من الموارد الطبيعية المستنزفة التي يستغيث الخبراء للرفق بها كالغابات، أما (الكيناف) فهي غابة تتجدد باستمرار». كما أن «عروقها بمثابة أسمدة مفيدة جدا للأرض، فهناك 8 أطنان مادة جافة في الهكتار، كما تعد فواضلها أسمدة ويمكن استخدامها للتدفئة وكعلف حيواني».

وأشار إلى أن «طريقة الحصاد خفيفة وغير مكلفة، فآلة صغيرة بمبلغ زهيد يمكنها حصد 10 هكتارات». وبخصوص تكاليف وأرباح الهكتار الواحد من «الكيناف» أوضح أن «تكاليف زراعة هكتار واحد من (الكيناف) تتراوح بين 3 و3.5 ألف دينار ويصل أرباح الهكتار الواحد خلال 4 أو 5 أشهر فقط إلى 15 ألف دينار (7500 يورو).

ومن ناحية اليد العاملة، بيّن فرج أن مشروع زراعة النبتة «يتطلب يدا عاملة كثيرة كما أن بيع الطن الواحد من (الكيناف)، يتراوح بين 500 يورو إلى 700 يورو للطن الواحد».

ولا تعد زراعة «الكيناف» بديلا عن استنزاف الغابات فحسب، بل إن «أوضاع زراعة (الحلفاء) و(السباسب) (يصنع منها الورق والحبال والأكياس وغيرها) تضعف وتتدهور في تونس وبإمكان (الكيناف) تعويض (الحلفاء) أو (السباسب)، كما يمكن استخراج الأقمشة البيولوجية الطبيعية منها، والورق، واستخدامها حاليا في صناعة السيارات لكونها غير قابلة للاحتراق، وكذلك في الصناعات الإلكترونية ويمكن استخراج الزيوت منها. فـ20 في المائة زيت، و21 في المائة منها مواد بروتينية، وأعلاف غنية ومفيدة جدا للحيوانات، لقد جربناها العديد من المرات في إنتاج اللحوم والأبقار والماعز والحليب».

ويرى فرج أن مشروع نبتة «الكيناف» يأتي ضمن «مشروع تنمية شاملة، مشروع فلاحي - صناعي، أساسه نبتة (الكيناف) المنحدرة من أسرة (الخبيزة)، تزرع لاستخدامات كثيرة كما سلف». وذكّر الخبير الممارس المهتمين بأن «الكيناف» تحتاج للماء، ففي أي مكان يوجد ماء يمكنها أن تنبت وتترعرع وتنتج بشكل جيد جدا. وجميع أنواع الأراضي صالحة لاستقبال «الكيناف» إذا توافر الماء، فهي «تستهلك 4 آلاف متر مكعب للهكتار الواحد. ويستخرج منها 15 ألف طن للألياف الطويلة، والألياف القصيرة في حدود بين 30 و35 طنا. وينتج منها الطاولات الخفيفة والقوية في الوقت نفسه».

وأبرز فرج أن مبيعات الإنتاج مضمونة.. «الترويج مضمون ويمكن للمزارعين الحصول على قروض من الحرفاء الذين يمكن التواصل معهم بضغط على زر في الحاسوب» وبعملية حسابية «يستهلك الهكتار الواحد نحو 5 آلاف دينار تونسي (2500 يورو) ويدر 15 ألف دينار، أي إن صافي الربح 10 آلاف دينار خلال 4 أو 5 أشهر فقط». كما أنه «مشروع تنموي اقتصاديا واجتماعيا».

وحول كيفية إقناع المسؤول والفلاح في تونس بهذا المشروع استشهد بمثل أميركي يقرب من المثل العربي «ليس الخبر كالعيان»، وأردف «عندما ترى بعينك تقتنع، وهذا المشروع مجمد منذ 1998 ويمكن إحياؤه بعد الثورة في إطار برنامج تنموي شامل ينفع البلاد والعباد».