«ومضة».. تحفة فنية لإعادة بناء ما هدمه 11 سبتمبر

السعوديان رنيم فارس وقصورة حافظ يستعينان بالقرآن للعبور إلى السلام

الفنانان السعوديان رنيم فارس وقصورة حافظ («الشرق الأوسط»)
TT

«أردناها ومضة من نوع آخر تعيد بناء ما هدمه 11 سبتمبر (أيلول) وتوضح مفهوم الإسلام» بهذه الكلمات فسر الفنانان السعوديان رنيم فارس وقصورة حافظ الرسالة الفنية التي أطلقاها من لبنان، وبالتحديد من معرض «Qcontemporary» في وسط بيروت تحت عنوان «ومضة»، والتي قدما فيها مجسما فنيا يمثل البرجين التجاريين اللذين سقطا في الولايات المتحدة إثر هجمات 11 سبتمبر وقد بنياهما على طريقتهما ضمن مربع «2مx2م» محددا بالشرائط الصفراء التي خيطت على واجهتين، منهما آيتان من القرآن الكريم، تعود إحداهما لسورة البقرة، وأخرى لسورة المائدة، واللتان تحثان على نشر السلام والمحبة والعمل الصالح فتنقلان معاني الإسلام الحقيقية. وتقول رنيم فارس، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إنها الومضة التي تسبق كل تغيير وتحصل بثوان قليلة، وهذا ما جرى بالفعل في 11 سبتمبر من عام 2001 عندما تبدلت نظرة الآخرين للإسلام ولأهله، واختلط على أهل الغرب المفهوم الحقيقي لديننا، الذي هو كأي دين سماوي يدعو إلى البناء والسلام وليس إلى العكس». وأردفت: «(ومضة) هو عمل فني مفاهيمي هدفه إيصال رسالة معينة توضح الوجهة الصحيحة لرسالتنا الدينية والاجتماعية وترتكز على البناء وليس الهدم».

وعن الآيتين المرافقتين للعمل، قالت رنيم: «نلاحظ تكرار الآيتين المذكورتين في سورتين منفصلتين (البقرة والمائدة)، مما يعني مدى إصرار الدين الإسلامي على دعم الوسطية وليس العداوة، وهذا ما أردنا إيصاله للآخرين».

وعمدت الفنانان إلى إعادة بناء البرجين ليكونا شفافين (مصنوعان من مادة البليكسي) وقد رصت فيهما عشرات النسخ من المصحف الكريم، فيما تألفت المنصة التي رفع عليها المجسم من مسطحين متفاوتي الحجم، أحدهما أسود وقد زنّر بالشرائط الصفراء من جهاته الأربع معلّقة ببعضها بعواميد سوداء أيضا مزخرفة على الطريقة العربية سجل على كل منها رقم السورة المكتوبة على النصب الفني المعروض فيشعر الناظر بأنه أمام معلم تاريخي وحديث في الوقت نفسه نسبة للألوان والمواد المستعملة فيه من ناحية والآيات المكتوبة بالخط الكوفي من ناحية ثانية، وقد خيطت على الشرائط لترمز إلى التشبث بمعناها، وإلى أهمية ما تقترفه أيدينا، خصوصا أن الخياطة يلزمها الدقة في التنفيذ.

ولكن لماذا اختار الفنانان لبنان لإطلاق فكرتهما هذه؟ يقول قصورة حافظ المولود في جدة، الذي تخصص في إدارة الأعمال في الولايات المتحدة الأميركية ومن ثم في الهندسة الداخلية عبر الإنترنت: «من المعروف أن لبنان بلد التقاء الحضارات ونشر الثقافة، وفي الحقيقة فإن أصحاب صالة العرض هم من اختارونا بعدما تعرفوا إلى عملنا ووجدنا أن الفرصة مواتية لنقل هذه الرسالة الآن في الذكرى العاشرة لهجمات 11 سبتمبر». وتابع قصورة حافظ حديثه لـ«الشرق الأوسط» قائلا «لا أعتبر أن الرسالة جاءت متأخرة أبدا بل في الوقت المناسب فاليوم باستطاعة الغرب أن يسمعنا بصورة أفضل بعدما هدأت النفوس إلى حد ما ونحن من خلال عملنا الفني هذا ندعو الجميع إلى قراءة القرآن بتأن وبدقّة ليعرفوا أن الإسلام شامخ وكبير وقد استعملت طريقة رص المصاحف لأقول إن البناء هو هدفه وليس كما حاول البعض أن يصوّره بأنه دين هدّام وعدواني». أما عن استعمال الشرائط الصفراء، فأوضح أن معناها الطبيعي عندما نراها في فيلم أو مكان ما هو للدلالة على وجود مسرح جريمة وعلى الطرفين أخذ الحذر. وتابع: «نعم حصلت جريمة استنكرناها جميعا إن كان ذلك في المجتمع الدولي أو الإسلامي، ولكن هناك جريمة أخرى ارتكبت في المقابل أطاحت بمفهوم الإسلام الحقيقي فكان علينا التنبيه لذلك». وعما إذا ما كان لديهما النية في عرض عملهما الفني في أميركا أو أي دولة غربية أخرى، رد بأنهما يتمنيان حصول ذلك وأن هذه المهمة تقع على عاتق منظمي المعرض. ووصف قصورة عمله الفني الذي بدأت فكرته ترتسم في ذهنه في عام 2006 بالرسالة الصامتة، فبرأيه الصراخ هو لغة الضعيف، واستخدام القوة هو لغة الخائف، وأن شريكته في العمل رنيم فارس التي تخصصت في الإنتاج الفني على أنواعه وتدربت في أهم المتاحف والمعاهد الفنية العالمية .

استطاعت أن تكمل تقديم الفكرة بالصورة البصرية اللازمة لتحمل إلى مشاهدها المعنى الحقيقي لها.