فيلم «هلأ لوين» يعرض لأهل الصحافة والإعلام في بيروت

نادين لبكي: نعم.. أثق بقدرة المرأة العربية على بناء الأوطان

مشهد من فيلم «هلأ لوين» وفي الاطار المخرجة اللبنانية نادين لبكي (أ.ب)
TT

لبى أهل الصحافة والإعلام دعوة المخرجة اللبنانية نادين لبكي لحضور العرض الأول لفيلمها الجديد «هلأ لوين»، الذي حصد جائزة «فرنسوا شاليه» في مهرجان كان السينمائي عن فئة «نظرة ما» كأفضل عمل روائي طريف لمؤلف أبدع في إبراز حقيقة عالمية.

استهلت حفلة العرض بكلمة ألقتها لبكي المشاركة كممثلة أيضا في الفيلم، شاكرة الحشد الإعلامي الذي حضر وقد أحاط بها فريق الممثلين المشاركين في الفيلم، فقدمتهم فردا فردا ليتعرف إليهم الحضور، لا سيما أن معظمهم يقف لأول مرة أمام الكاميرا، أمثال إيفون معلوف وأنطوانيت نفيلي وجوليان فرح وعلي حيدر وغيرهم، إضافة لممثلين آخرين معروفين، كعادل كرم وانجو ريحان وخليل بوخليل وفؤاد يمين. ورافق نادين زوجها خالد مزنر، الذي وضع موسيقى الفيلم، وشقيقتها كارولين التي تلعب دورا ثانويا فيه، إضافة لمساعدتها والمسؤولة الإعلامية في مكتبها، زينة صفير، ومن ثم بدأ عرض الفيلم الذي استغرق نحو الساعة وخمسين دقيقة تابعه الحضور بانسجام تام، وتفاعلوا مع أحداثه، فضحكوا لبعض المشاهد الطريفة وسقطت دموعهم لمشاهد أخرى مؤثرة لامست مشاعرهم بشدة وانتهى العرض بتصفيق كبير استمر لدقائق عبر فيه المدعوين عن مدى إعجابهم به.

وتجري أحداث «هلأ لوين» في بلد مزقته الحرب، فيروي قصة نساء عقدن العزم على حماية قريتهن المعزولة والمحاطة بالألغام من القوى الخارجية التي تتسلل إليها، وتبث فيها روح الفتنة فتهدد بتدمير مجتمعهن من داخله، الأمر الذي يدفع بهن للاتفاق على هدف واحد. وخلافا لكل التوقعات، فإن صداقتهن القوية تسمو بهن فوق الخلافات العقائدية، فيحكن خططا مبتدعة وغير تقليدية، غالبا ما تكون طريفة لصرف انتباه رجال القرية عن الحرب وتهدئة أي توتر جاهز للاشتعال بين أتباع الدينين؛ من مسيحيين ومسلمين. وتتوالى أحداث الفيلم لتضع براعة النساء على المحك في تفادي تبعات الحرب القديمة، ولتطرح السؤال: إلى أي مدى يمكن للنساء أن ينجحن في منع إراقة الدماء وإحلال الخراب عندما تضحي الأحداث مأساوية. ويأتي الجواب في نهاية الفيلم مفاجئا لأي توقع قد يخطر على بال المشاهد.

يُذكر أن نص الفيلم كتبته نادين نفسها، وقد شاركها في ذلك كل من جهاد حجيلي ورودني حداد وتوماس بيديجان، في حين اهتمت كارولين لبكي (شقيقة نادين) باختيار الملابس للممثلين، وهو من إنتاج مشترك ما بين لبنان وفرنسا ومصر وإيطاليا، وقد بلغت تكلفته 4 ملايين يورو.

جسدت نادين لبكي في الفيلم دور الفتاة (آمال) التي تغرم برجل ينتمي إلى دين آخر، فأدّت الشخصية بالعفوية التي عرفت بها كممثلة، واستطاعت في أحد المشاهد التي تطلبت منها أداءا مزدوجا فيه خليط من الثورة والحب أن تخطف انتباه المشاهد، الذي تسمرت عينيه على الشاشة الكبيرة لدقائق طويلة دون أن يرف له جفن متابعا لكل حركة وكلمة قامت بها متفاعلا معها، فشعر وكأنها تقف أمامه مباشرة وهو واحد من كومبارس الفيلم.

وفي حديث أجرته «الشرق الأوسط» مع نادين لبكي إثر انتهاء حفلة عرض الفيلم، أكدت أنها تثق بقدرة المرأة العربية على بناء الأوطان، وأن الفيلم هو ترجمة لقناعاتها في هذا الصدد، لافتة إلى أن الفكرة من الفيلم هي التأكيد على أنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح، وأن ما تزرعه المرأة في إرادة أولادها ومن هم حولها لا بد أن تحصده عند الحاجة. وعن سبب اختيارها دائما لوجوه جديدة تشارك في تمثيل شخصيات أفلامها، ردت لبكي قائلة: «لأنني أحب اللعب مع الواقع فأضع أشخاصا واقعيين في مواقف واقعية وأدعهم يخلقون ضمنها واقعهم الخاص، وأعتقد أن اللجوء إلى ممثلين غير محترفين هو مغامرة فيها الكثير من المخاطرة والمتعة وتجعل المشاهد يشعر بأنهم يشبهونه وكأنهم جيرانه أو من معارفه»، وروت نادين كيف تم اختيار الممثلة التي أدت دور زوجة المختار في الفيلم، وهي في الواقع زوجة رجل في إحدى القرى التي صور فيها الفيلم، وأنها أثناء تفقدها لموقع التصوير قصدتهم (الزوجة) لترحب بهم في قريتها، فأقنعتها بأداء الدور وكانت النتيجة رائعة. وأشارت إلى أن طريقة اختيار هؤلاء الممثلين تجري على عدة مراحل، وأنها في النهاية تتبع إحساسها في أخذ القرار الأخير لاختيارها لهذا أو لذاك من بينهم. وعن أماكن تصوير الفيلم، أوضحت لبكي أنه جرى في ثلاث قرى لبنانية وهي: «الطيبة» وتقع في منطقة البقاع وتضم في الواقع مواطنين لبنانيين مسلمين ومسيحيين، ويتجاور فيها المسجد والكنيسة تماما كما تروي أحداث الفيلم، وأنها أرادت بذلك الالتزام بالواقع قدر الإمكان، إضافة إلى قريتي «دوما» و«مشمش» وتقعان في منطقة المتن. أما بالنسبة للديكور الذي صممته مع المسؤولة عنه في الفيلم سينتيا زهار فقد عملت على تقديم حقبة زمنية خاصة فيه يشمل مرور الزمن والفقر والعزلة من خلال استعمال مواد مختلفة من الجدران إلى الأخشاب والأقمشة إذ تجري أحداث الفيلم في قرية عانت من الحرب، ووجدت نفسها في عزلة عن العالم الخارجي بلا تلفزيون أو هاتف، ولا يربطها بالدولة سوى جسر مفخخ بالألغام ومدمر بفعل القذائف.

ومن المقرر أن يبدأ عرض الفيلم رسميا في الصالات اللبنانية في 22 من الشهر الحالي، وكذلك في فرنسا، وبعدها في باقي الدول الأوروبية التي اشترت حقوق عرض الفيلم، وبينها برلين وبروكسل.

والتقت «الشرق الأوسط» خالد مزنر (زوج نادين لبكي) واضع موسيقى الفيلم وأغانيه، الذي وصف موسيقى الفيلم بـ«رفيقة النص»، كونها تتنقل ما بين الحزن والفرح تماما كما مجرياته، موضحا أن الأغاني كتبتها تانيا صالح، وأن الأداء جاء أنثويا بامتياز، كونه يتأثر عادة بزوجته نادين التي تتمتع بنسبة عالية منها، فتكون الموسيقى رقيقة وناعمة شبيهة تماما بها.

إيفون معلوف من جهتها، التي مثلت دور زوجة المختار، رأت أنها محظوظة، لأن تجربتها السينمائية الأولى لها جاءت على يد نادين لبكي، واصفة إياها بـ«المخرجة التي لن تتكرر»، وأكدت أنها لم يسبق أن وقفت أمام الكاميرا سابقا وأن نادين جعلتها تتحرك بطبيعية قصوى مما جعل أداءها حقيقيا، ولم تصدق هي نفسها أنها أنجزته بكل هذه العفوية.

أما الممثلة انجو ريحان، فشددت على الرسالة التي يحملها الفيلم، الذي يبرز دور المرأة في مجتمعنا ويسلّط الضوء على أهمية نضالها فيه، داعية اللبنانيين لحضور الفيلم الذي هو صناعة لبنانية بامتياز.

وفي دردشة سريعة مع الوجهين الجديدين؛ أنطوانيت نفيلي وليلى حكيم، أكدتا لـ«الشرق الأوسط» أنهما تقدمتا لـ«الكاستينغ» عن طريق الإعلانات، وأنهما شاركتا في الفيلم دون أن تعرفا مسبقا طبيعة الشخصيتين اللتين ستجسدانها ووصفتا نادين لبكي بـ«المرأة الخارقة»، نظرا للإبداع الذي يسكنها وللعفوية المطلقة التي تدير بها عملها كي يأتي حقيقيا.