السيرك يعود إلى بغداد.. لكن الجمارك تمنع أسوده ونموره

عراقيون يخاطرون بأمنهم وجيوبهم لحضور عروضه

إحدى فعاليات فرقة السيرك الدولية في بغداد (أ.ب)
TT

كان بالع السيف قد وصل، واستعد حاوي الثعابين، وكل ما كان ينقص السيرك عندما وصل إلى بغداد هو الأسود والنمور التي تأخرت للأسف لأن مفتشي الجمارك كانوا يخشون السماح بدخول القطط الغريبة للعراق.

ولم يسع علوان غازي، الذي اصطحب أطفاله الثلاثة لمشاهدة العرض المرح بعد سنوات من المعاناة في ظل الحرب، إلا الضحك على هذه المفارقة. وقال غازي «تجد السيارات المفخخة والأسلحة طريقها بسهولة إلى العراق، لكن جلب حيوانات السيرك إلى هنا يعتبر مهمة أكثر صعوبة».

وكان من المتوقع أن تصل الأسود والنمور إلى بغداد في غضون أسابيع، حيث من المتوقع أن تستمر عروض السيرك ستة أشهر. وحسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس» يعد هذا أول سيرك يقام في بغداد منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في خريف عام 2003.

ويأمل غسان محمد، مدير السيرك، أن يترك مفجرو القنابل السيرك لحاله، ويقول إنه أصبح مستعدا لإقامة السيرك في بغداد، بعد التجربة التي قام بها في مدينة البصرة بجنوب العراق، والتي حققت الكثير من النجاح. ويرى أن العاصمة قد أخذت أكثر من نصيبها العادل من الكآبة على مر السنين، وأنه قد حان الوقت لإدخال القليل من البهجة على نفوس سكانها، هذا طبعا بالإضافة إلى الربح الذي سيحصل عليه. وقال محمد، وهو يقف على أرض السيرك، في حي الجادرية الذي يضم خليطا من السنة والشيعة والواقع في جنوب شرق بغداد، يفحص مولدات الكهرباء ويتواصل مع المؤدين ويجري المكالمات على هاتفه المحمول «شعرنا بأن الوقت قد حان للمجيء إلى العاصمة الآن، بعدما تحسن الوضع الأمني هنا». وأضاف «بغداد مدينة كبيرة مليئة بالفرص التجارية».

وقد بدأت أعمال العنف في الانحسار في العاصمة، على الرغم من التفجيرات المميتة وحوادث إطلاق النار التي لا تزال تحدث كل يوم تقريبا. لكن بريق السيرك كان لا يزال غير كاف لإقناع العديد من اللاعبين بالمخاطرة بالمجيء إلى بغداد، حيث وافق 27 فقط من الـ200 لاعب الذين حاول محمد الاستعانة بهم. وجميع اللاعبين من الأجانب باستثناء عراقي واحد يقوم بأداء الخدع السحرية. وقال إيفاك سوباتايف، وهو لاعب أكروبات كازاخستاني، يبلغ من العمر 22 عاما، إنه كان يشعر بالقلق من القدوم إلى العراق. وأضاف «كنت أسمع الكثير من الأخبار حول المشاكل الأمنية في العراق، وكنت خائفا، لكنني وجدت الواقع مختلفا».

وقال بالع السيف المصري، محمد عطية، إنه يرغب في أن يساعد السيرك العراقيين على نسيان الماضي القاتم ولو لليلة واحدة. وأضاف عطية، الذي يبلغ من العمر 24 عاما «نأمل أن يتمكن السيرك من مساعدة العراقيين على نسيان الحروب والتفجيرات، ويمنحهم لمحة جديدة من الأمل والسعادة».

ومع غياب الأسود والنمور، اكتفى السيرك بتقديم عرض للاعبي الأكروبات وهم يتأرجحون على أراجيح «الترابيز»، وعرض للخدع السحرية والألعاب النارية، وعرض لراقصة شرقية يلتف ثعبان سميك حولها، وعرض لكلب صغير يرتدي ملابس ويمشي على قائميه الخلفيين.

وقال حاتم علي، البالغ من العمر 22 عاما، ووجهه يشرق بالإثارة «إنها تجربة ممتعة للغاية. لماذا تتمتع الدول الأخرى بفرصة ذهاب السيرك إليها، بينما نحرم نحن من ذلك؟». ويوافق عمار فاضل، وهو من سكان حي المنصور في بغداد، وأكثر سكانه من السنة، والذي جاء إلى السيرك مع أبنائه الثلاثة، على أن السيرك كان يستحق المخاطرة. ومع ذلك، فقد كلفه الذهب إلى السيرك تكلفة كبيرة، حيث بلغت أسعار التذاكر نحو 12 دولارا للبالغين، و6 دولارات للمراهقين، وكان دخول الأطفال مجانيا. وتعد هذه التكلفة كبيرة في بلد تبلغ نسبة البطالة به 15 في المائة، ولا يتعدى متوسط دخل العامل فيه بضع مئات من الدولارات في الشهر.

لكن فاضل يقول وابتسامة عريضة على شفتيه «لقد حققنا الغرض المطلوب، فقد كان الجميع سعداء».