رجال السياسة اللبنانيون يلونون برامج الحوارات التلفزيونية المنوعة

وئام وهاب وهادي حبيش وآلان عون وعمار حوري الأكثر طلبا عليهم

النائب الطرابلسي مصباح الأحدب («الشرق الأوسط»)
TT

تشكل استضافة برامج الحوارات التلفزيونية المنوعة لرجالات السياسة في لبنان أحدث ظاهرة يدخلها منتجو هذه البرامج في عالم التلفزيون، فصارت بمثابة عنصر أساسي في عدد منها يروج له إعلاميا وينتظره المشاهدون على جميع القنوات التي اعتمدتها أمثال محطات «المستقبل» و«إل بي سي» و«إم تي في» وغيرها.

وجاءت هذه الظاهرة لتلون البرامج المنوعة، ولتضفي إليها نكهة جديدة كان المشاهد اللبناني قد بدأ يفتقدها في خضم التكرار الذي وقعت فيه بعض هذه البرامج، من ناحية الضيوف الذين تستقبلهم، أو المواضيع التي تتناولها.

وعلى الرغم من أن برامج قديمة عرضت مثلا على شاشة «إل بي سي» في السابق كبرنامج «الليلة ليلتك»، واستخدمت بخجل بعض وجوه السياسة الذين عرفوا في حقبة فائتة على الساحة السياسية، فإن العامين الأخيرين شهدا كثافة استضافات من هذا النوع في برامج تلفزيونية لاقت صدى واسعا على الصعيد الجماهيري كـ«حديث البلد» الذي كان السباق في اعتماد هذه الخطوة عبر شاشة «إم تي في» ومن ثم كرت السبحة لتشمل برامج أخرى بينها: «من الآخر» على القناة نفسها، و«الليلة السهرة عنا وبدون زعل» على «المستقبل» وأخيرا «أحلى جلسة» على «إل بي سي».

أما الشخصيات السياسية التي اختيرت في هذه الإطلالات فتنوعت بين وزراء ونواب من مختلف الأحزاب والكتل النيابية، مع الإشارة إلى أن بعضهم تحول إلى وجه تلفزيوني معروف، بعدما تكررت استضافته في أكثر من برنامج منوعات وأحيانا على القناة نفسها، فأصبح الأشهر في هذا الإطار والأكثر طلبا عليه بعدما لوحظ نجاحه في استقطاب المشاهدين من خلال الوجه الآخر الذي كشف عنه بعيدا عن السياسة ومشاكلها. وهكذا حصد هؤلاء ألقابا من نوع آخر وضعتهم في خانة «أهضم سياسي» و«أجمل سياسي» و«أهدأ سياسي»، إضافة إلى خانات أخرى كـ«صاحب أجمل صوت غنائي» و«صاحب أفضل لوك» و«صاحب أفضل ابتسامة» وغيرها من الألقاب التي أزاحت عنهم الانطباع السائد لدى المشاهد عند متابعته لهم في برامج سياسية تظهر هذا بأنه يتكلم كثيرا وذاك يصرخ غالبا وآخر يحلل باستمرار.

ويعتبر النائب وئام وهاب، أحد أشهر ضيوف هذه البرامج؛ إذ نراه يتنقل بين المحطات التلفزيونية تارة في «أغاني عمري» على «إل بي سي» وتارة أخرى في «من الآخر» على «إم تي في» أو في «بيروت مع غابي» على «نيو تي في» وأخيرا في البرنامج الجديد لطوني بارود «أحلى جلسة» على «إل بي سي»، وهو يمتاز بسرعة البديهة وبحس الطرافة والابتسامة الدائمة ولا تغيب معه اللطشات السياسية المعروف بها، فيطلقها عفويا دون التوقف عندها، وقد وصفته إحدى المشاركات في تقديم برنامج «من الآخر» بأنه فاجأها بشخصيته الطبيعية المختلفة تماما عن تلك التي يظهر بها في الحوارات السياسية الساخنة.

ويقول طوني بارود لـ«الشرق الأوسط»: «إن حلول رجال السياسة ضيوفا على برامج المنوعات يعرفنا إلى الوجه الآخر لهم، وهم بالفعل يلونونها بأحاديثهم البعيدة عن أجواء السياسة التي تسودها غالبا العفوية وروح النكتة، فنلاحظ أن ذلك يجذب المشاهد الذي يحب الوقوف على شخصية السياسي العادية. ويضيف: «هذه الإطلالات لا شك خدمت أهل السياسة بطريقة أو بأخرى، وزادت من شعبيتهم حتى لدى الأشخاص الموجودين في المقلب الآخر من خطهم السياسي».

ويؤكد بارود أن الحوارات المستعملة مع السياسيين في برامج المنوعات ليس من شأنها التقليل من صورتهم الاجتماعية بل على العكس تماما؛ إذ تظهر خفة ظلهم أو حبهم لهواية معينة أو عن آرائهم حول موضوع ما، وتكون مهمتنا الابتعاد عن التجريح بهم أو التحدث معهم في مواضيع سياسية؛ لأن هدفنا هو تقديمهم في قالب مغاير عن الذي اعتدنا أن نراهم به في نشرات الأخبار أو «التوك شو» السياسي. ويشير بارود إلى أن بعض السياسيين يسألونه قبيل استقباله لهم في برنامجه «أحلى جلسة» الذي بوشر عرضه أخيرا على «إل بي سي» عن نوعية الثياب التي يجب أن يرتدوها، فيبدون ارتياحهم عندما يعلمون أنها من نوع الاسبور البعيدة عن الثياب الرسمية التي يرتدونها عادة في إطلالاتهم في البرامج السياسية.

وكما وئام وهاب، كذلك النواب هادي حبيش وعمار حوري وآلان عون وسليم الصايغ، الذين يعتبرون من أكثر السياسيين المطلوبين في برامج المنوعات التي تابعنا بعضا منها في موسم رمضان الفائت كـ«الليلة السهرة عنا» على قناة «المستقبل» أو «بالهوا سوا» على قناة «إم تي في» فاستطاعوا أن يجذبوا انتباه المشاهدين.

ويقول محمد المصري، المنتج المنفذ لبرنامج «الليلة السهرة عنا» على «المستقبل»: إن الوجه الآخر للسياسيين، خاصة الشباب منهم، استقطب اهتمام المشاهد عامة وفتح الأبواب أمامهم للتطرق إلى مواضيع جديدة لم يسبق أن تحدثوا بها، فولدت هذا التناغم المفقود بينهم وبين الناس العاديين، لا سيما أن السهرة التي يقضونها معنا تجري ضمن أجواء بسيطة وكأنها دعوة ما بين الأصدقاء تدور فيها مختلف النقاشات التي يشارك بها جميع الموجودين، ويقول: «لا أذيع سرا إذا قلت إن هذا التلوين أسهم في زيادة نسبة المشاهدين من جميع الشرائح، كما أشارت الدراسات والإحصاءات التي وردتنا من الشركات التي تتولى هذه المهمة». ومن بين السياسيين الذين استقبلهم البرنامج عاطف مجدلاني وحكمت ديب وإيلي ماروني وبلال محمد وماريو عون وسامر سعادة وغيرهم من أعضاء البرلمان اللبناني، الذين ينتمون إلى فئة السياسيين من الصف الثاني ما دامت شخصيات سياسية أخرى من الصف الأول لا تستطيع المشاركة في هذا النوع من البرامج؛ نظرا لظروفها الأمنية الدقيقة التي تمر بها والتي تمنعها من التنقل بحرية.

وعن الشروط أو المطالب التي يضعها هؤلاء قبل الموافقة على الظهور في برامج المنوعات، يرد محمد المصري: «بالنسبة لنا لم تواجهنا أي صعوبات في هذا الموضوع، حتى إن أحدا منهم لم يعتذر عن عدم الحضور أو اعترض على وجود ضيف آخر أو على أي موضوع يطرحه البرنامج ضمن أقسامه الستة». ويعتبر النائب الطرابلسي مصباح الأحدب من النواب الذين يحققون نسبة مشاهدة عالية في برامج المنوعات التي يظهرون فيها، لا سيما لدى الجنس اللطيف؛ إذ يجدونه بهي الطلعة وجذابا، وقد استطاع تحقيق ذلك في أحدث إطلالة له ضمن برنامج «أغاني عمري» عبر شاشة «إل بي سي»، فأدى أكثر من أغنية، وبينها أغنية للمغني العالمي خوليو إيغليزياس.

ولم تقتصر استضافات البرامج المنوعة لأهل السياسة على النواب أو الوزراء؛ إذ لجأت بعضها إلى زوجاتهم، وذلك من باب التغيير وعدم الوقوع في فخ التكرار، لا سيما أن عدد الشخصيات السياسية التي تنطبق عليها مواصفات الضيف المروج لهذا النوع من البرامج لا يفي بحاجتها وبكمية الطلب عليها، نسبة إلى انتشارها على عدد من المحطات المتلفزة وعرضها أسبوعيا.