اليوم الأخير لمصارعة الثيران في برشلونة قبل سريان مفعول منعها

سعر البطاقة في «لقاء الوداع» يقفز إلى 1600 يورو

TT

خيم الحزن على أنصار مصارعة الثيران لقرب موعد إغلاق ساحة الثيران المعروفة باسم «مونومينتال» في برشلونة نهائيا أمام هذه اللعبة، وكان المئات قد اصطفوا أمام شباك التذاكر لشراء بطاقات الدخول، حتى نفدت في غضون ساعات، وما إن توقف البيع حتى قفز سعر البطاقة في السوق السوداء، وفي الإنترنت أيضا، وأخذ في الارتفاع بسرعة. ففي الوقت الذي يتراوح فيه سعر البطاقات الرسمي بين 24 إلى 135 يورو، فإن السعر في السوق السوداء وصل إلى ما بين 1000 و1600 يورو.

المصارعة التي أقيمت أمس، السبت، وتستكمل اليوم، الأحد، تعتبر الأخيرة في تاريخ هذه الساحة، التي تتسع لنحو 20 ألف متفرج. ولم يقتصر الأمر على هذا فقط بل إن المعجبين أخذوا ينتزعون ملصق مصارعة الثيران من شوارع المدينة، وذلك للاحتفاظ به باعتباره يخلد آخر الملصقات حول مصارعة الثيران في برشلونة، قبل دخول قانون منع هذه المصارعة في كتالونيا الذي يبدأ تنفيذه اليوم الأول من عام 2012. وسيشارك 3 من أبرز مصارعي الثيران في إسبانيا في «لقاء الوداع» اليوم، وهم: خوسيه توماس، وسيرافين مارين، وخوان مروا.

وساحة «مونومينتال» التي افتتحت عام 1914، باسم السبورت، وكانت تسع لـ800 مقعد، تم توسيعها عام 1916، حيث قام المهندسان اغليسياس ماس موريل ودومينغو سوغرانيس بإعادة تصميمها، وهو الشكل الذي تحتفظ به اليوم، حيث حاولا إضافة مسحة من فن البناء البيزنطي والبناء المدجن (الفن الذي تميز به ما بقي من المسلمين الذين عاشوا تحت النفوذ الإسباني) على واجهتها.

ولساحة «مونومينتال» تاريخ طويل وعريق، فقد شهدت نشاطات متنوعة عديدة، ومنها نشاطات سياسية من قبل أتباع الجمهوريين في الحرب الأهلية الإسبانية (1936 - 1938) وفيها أقيمت الحفلة الوحيدة التي قدمتها فرقة «البيتلز» في إسبانيا، عام 1965، وكان من أبرز النشاطات السياسية التي عقدت في هذه الساحة، لقاء رئيس الوزراء الإسباني الأسبق، فيليبي غونثاليث، مع مؤيدي الحزب الاشتراكي عام 1977. وبالإضافة إلى ذلك فإن الساحة تحتفظ بمتحف خاص حول مصارعة الثيران، وفيه أنواع الملابس والأدوات، ووثائق تاريخية تخص مصارعة الثيران. وشهدت أيضا لقاء أشهر مصارعي الثيران في إسبانيا أمثال: مانوليتي، وجاماكو، وكورو روميرو، وفرانثيسكو ريبيرا، والخولي.

وقد استغل أنصار مصارعة الثيران الفرصة هذه الأيام لتقديم طلب إلى البرلمان المحلي في مقاطعة كتالونيا لإعادة النظر في قانون منع مصارعة الثيران واعتبارها جزءا من التراث الوطني الذي يجب المحافظة عليه، إلا أن مؤيدي منع هذه المصارعة، خصوصا جمعيات الرفق بالحيوان والقوميين الكتالونيين يعارضون هذه الدعوة بشدة. ولا تزال الآراء في إقليم كتالونيا مختلفة حول هذه المسألة. يذهب فرانثيسك دي كاريراس، أستاذ القانون الدستوري، إلى أن الشعور القومي الكتالوني لعب دورا مهما في إقرار مشروع المنع، يقول: «إن مشروع منع مصارعة الثيران الذي تقدمت به جمعيات الدفاع عن الحيوان إلى البرلمان ما كان ليقره السياسيون لولا تأثير الشعور القومي». ويذهب سانتي بيلا، رئيس بلدية فيغيريس إلى أن «مصارعة الثيران هي جزء من التراث الكتالوني، ولكن الجنرال فرانكو حولها إلى رمز للقومية الإسبانية، وبالتالي فقد لعب هذا السبب دورا كبيرا في أن يقرر السياسيون منعها في كتالونيا»، ويرى جوزيف أوليبار ألونسو، أستاذ الاقتصاد التطبيقي، أنه بالإضافة إلى الأسباب السياسية فإن هناك سببا اقتصاديا أيضا وهو أن «مصارعة الثران بدأت تفقد جاذبيتها عند الجيل الحديث، حتى إننا بالكاد نرى من بين الشباب تحت سن الثلاثين ممن يهمه مشاهدة هذه المصارعة في ساحة (مونومينتال) في برشلونة».

وتتميز برشلونة باهتمامها الكبير بمصارعة الثيران وبتاريخها، وفيها مدارس لتعليم هذه المصارعة، ولا يعرف بالضبط ما هو مستقبل هذه المدارس بعد سريان مفعول منعها رسميا ابتداء من 1 يناير (كانون الثاني) من العام المقبل.