حملة لبنانية للتبرع بالشعر لصالح الأطفال المصابين بالسرطان

تحت عنوان «بالنسبة إلينا هو الشعر وبالنسبة إليهم هو الأمل»

طفلة اختارت أن تتبرع بشعر منها لطفلة أخرى تعاني من مرض السرطان
TT

لأن مساعدة الآخرين لا تقدر بقيمتها المادية وانطلاقا من مبدأ «إعطاء الآخرين من أنفسنا»، تسير جمعية «كروس توك» في نشاطها الذي نظمته يوم أمس للسنة الثالثة على التوالي، تحت عنوان «بالنسبة إلينا هو الشعر وبالنسبة إليهم هو الأمل»، لترسم البسمة على وجوه أطفال أفقدهم مرض السرطان زينة رؤوسهم. هي حملة إنسانية بامتياز استطاعت أن تجمع تحت هدف واحد متبرعين من مختلف الأعمار ولا سيما الشباب منهم، ليعملوا على تنظيم نشاط للتبرع بالشعر وتقديمه إلى مركز سرطان الأطفال «سانت جود» التابع للجامعة الأميركية في بيروت ليقوم بدوره بإكمال المسيرة وتحويله إلى شعر مستعار كي يصل في نهاية المطاف إلى رؤوس الأطفال بعدما فتك العلاج الكيميائي بشعرهم الطبيعي. وعن هذا الحدث، تقول مديرة الجمعية رانيا نصر الله لـ«الشرق الأوسط»: «في عام 2009 قرر المتطوعون في الجمعية أن ينطلقوا بنشاط وخطوة جديدة هدفها الأساسي العطاء من أنفسنا لأشخاص فقدوا أو لا يملكون ما نملكه، وكانت فكرة التبرع بالشعر لأطفال السرطان». وتضيف «قررنا الخوض في المشروع من دون معرفة ما إذا كان سينجح أم لا ولا سيما كيفية استجابة الناس لهذا النوع من التبرع، لكن وقبل ليلة واحدة من الموعد في عام 2009 كان لدينا لائحة بأسماء 60 شخصا ثم عاد ووصل عددهم في يوم النشاط إلى 103 أشخاص من مختلف الأعمار وبينهم بنات صغيرات، وفي هذا العام كاد عدد المتبرعين أن يكون مضاعفا، الأمر الذي شكل بالنسبة إلينا صدمة إيجابية عكست مدى تفاعل المجتمع مع موضوع إنساني من هذا النوع. ومن جهة ثانية لم يكن هذا اليوم بالنسبة إلينا ولكل المتطوعين يوما عاديا بل شعرنا خلاله بفرح داخلي لا مثيل له». وفي حين تلفت نصر الله إلى أن المشروع وإن خصص له يوم محدد في كل عام إلا أن هدف النشاط ومسيرته لا يتوقف طوال العام، إذ بات ما يشبه تقديم الشعر إلى الجمعية سلوكا طبيعيا بالنسبة إلى المتطوعين في الجمعية وللناس المحيطين في منطقة الربوة في المتن الشمالي، والأمر نفسه ينسحب على الحلاقين الذين يتطوعون لمساعدتنا في المهمة، إذ يعمدون بأنفسهم إلى تجميع الشعر وتوضيبه وإرساله لنا لتقديمه إلى مركز سرطان الأطفال. أما في ما يتعلق بنشاط هذا العام الذي نظم في أوتيل «لورويال» في ضبية حيث قدمت إدارة الفندق صالون الحلاقة الخاص مجانا وتبرع حلاقوه للقيام بالمهمة، فتلفت نصر الله إلى أن الإقبال عليه بحسب تجاوب الناس ولا سيما الفتيات والسيدات، كان أفضل من السنتين السابقتين. وهذا ما أظهرته أيضا المجموعة الخاصة بالنشاط على موقع «فيس بوك» والتي تحظى بتأييد وتشجيع المنضمين إليه، إذ عمدت مثلا إحدى السيدات إلى التواصل مع القيمين على النشاط مستفسرة عن كيفية إرسال شعرها إلى الجمعية لأنها لن تكون في اليوم المحدد في بيروت، فأتتها الإجابة بسرعة وأرشدت إلى الطريق الصحيح ووصل شعرها إلى حيث أرادت حتى قبل موعد النشاط. وفي حين تشير نصر الله إلى أنه يفترض على كل متبرع أو متبرعة أن تكون مستعدة لقص ما لا يقل عن 10 سنتيمترات من شعرها، وهو الحجم الذي يمكن أن يتحول إلى شعر مستعار يناسب طفلا صغيرا، تلفت إلى أن بعض المتطوعات في الجمعية ممن قصصن شعورهن العام الماضي قررن عدم القيام بالخطوة هذا العام كي يستطعن في العام المقبل قص جزء أطول منه ليناسب شعر طفلة صغيرة.

من جهتها، تثمن كارين خوري مسؤولة الإعلام والعلاقات العامة في مركز سرطان الأطفال في بيروت هذا النشاط الإنساني الذي يهدف إلى مساعدة أطفال المركز، وتقول «انطلاقا من أهداف المركز التي ترتكز على مساعدة الأطفال المرضى ليس فقط في العلاج المجاني بل أيضا على الصعيد المعنوي والنفسي، نعتمد ومنذ افتتاح المركز السياسة عينها التي تنطلق منها الجمعية في تأمين الشعر المستعار للأطفال وذلك عبر العاملين في المركز إضافة إلى تعاون عدد من الحلاقين الذين كانوا يعمدون إلى إرسال ما تيسر عندهم من الشعر، ونقوم نحن بدورنا بإرساله إلى شخص متخصص لتحويله إلى شعر مستعار بما يتناسب مع متطلبات الأطفال الصحية ولا سيما لجهة المواد التي قد تدخل عليها. ومما لا شك فيه أن تنظيم نشاط التبرع بالشعر السنوي ساهم في زيادة كمية الشعر لدينا وبالتالي تأمين الشعر المستعار لأكبر عدد من الأطفال».