فرق موسيقية بالجملة تترجم واقع الشباب اللبناني «بالعربي»

من بينها «مشروع ليلى» و«نشاز» و«فريق الأطرش» و«بند جزائي» و«مين»

فريق «نشاز» الموسيقي
TT

«مشروع ليلى»، «نشاز»، «فريق الأطرش» «بند جزائي»، «مين»، «أدونيس»، «ولاد البلد»، «رعمسيس الحمورابي» وغيرها، هي فرق موسيقية لبنانية تغزو ليالي بيروت حاليا، وتنتشر في شوارعها المكتظة بالشباب اللبناني كالحمراء والجميزة ومونو لتترجم انتقاداتهم اللاذعة لواقع يعيشونه، فيغنون له على طريقتهم وبالعربية.

نص محبوك يتضمن الكلمات والتعابير الشبابية وموسيقى تمزج ما بين العود والغيتار والطبلة والدرامز، هما العنوانان العريضان اللذان يسودان العروض الموسيقية التي تقدمها هذه الفرق لجمهورها العريض المؤلف من طلاب الجامعات بالدرجة الأولى، والتي تقام في ملاه وشوارع بيروتية ترتبط أسماؤها ارتباطا مباشرا بهم.

وتبلغ شهرة أعضاء هذه الفرق الذين يعملون في مهن أخرى أو ما زالوا يتابعون مشوارهم الجامعي ذروتها في الشارع الشبابي بحيث يطلبون بالاسم من قبل أصحاب مراكز السهر أو منظمي المهرجانات الموسيقية، كونهم يجذبون قاعدة شعبية لا يستهان بها تتابع أعمالهم وتصر على حضور حفلاتهم، ولا سيما تلك التي تقام الهواء الطلق وتستمر حتى ساعات متأخرة.

واللافت اختيار هذه الفرق أسماء طريفة تعبر عن موضوع أو سؤال أو شخصية تاريخية يهتم شباب اليوم بإثارتها ويدور حولها النقاش لساعات طويلة في أحاديثهم اليومية.

فريق «نشاز» الموسيقي الذي يتألف من خمسة أعضاء بينهم من تخصص في الهندسة المعمارية أو في الإخراج أو في التصميم الإعلاني أو الرياضيات، وهم رمضان على الـbase، وعلي دايف وفراس على الغيتار، ورامي على الدرامز، وميريام كمغنية جاءت انطلاقته منذ نحو عام بالصدفة من خلال أغنية بعنوان «حبك بلاستيك». وتقول كلماتها: «حبك بلاستيك مش صحي بس بدوم شو إنك ساركاستيك لئيم بس حنون»، والتي توزعت عبر موقع «يوتيوب»، فلاقت شهرة كبيرة دفعت بأعضاء الفريق إلى تأسيس الفرقة والعمل جديا على نشر أفكارهم الشبابية من خلالها. لماذا «نشاز»؟ يقول فراس لـ«الشرق الأوسط»: «لأن النشاز يحيط بنا من كل الجهات، سواء كان في مجال السياسة التي تحمل أحاديث أهلها نشازا في كيفية إلقائها أو تناولها، أو في مجتمعنا الذي تغزوه التصرفات الشبابية غير المقبولة، أو في الفن الذي تحول إلى عالم يكثر فيه النشاز، سواء كان من ناحية الغناء أو اللحن أو شخصيات أهله». ويتحدث فراس عن المواضيع التي تختارها الفرقة والتي تدور بمعظمها حول المشكلات التي يعاني منها شباب اليوم في مختلف الميادين مثل أغنية «سمعنا سكوتك»، ويتوجهون بها إلى كل شخص يتحدث بطريقة فوقية أو بفلسفة لا تتناسب واقعنا اليومي، أو أغنية «إذا بدك بيت»، والتي أرادت الفرقة من خلالها إلقاء الضوء على هذه المشكلة معنويا وماديا وفي مختلف معانيها، كون الجميع يفتقد إلى الأمان لأن الوطن هو أيضا بيت، وكذلك مركز العمل والضمان والمستشفى وغيرها، إضافة إلى معناها الأساسي لأن معظم الشباب اللبناني لا يستطيع الإقدام على خطوات مستقبلية (كالزواج) في غياب أي تسهيلات لها من قبل الدولة أو المؤسسات الخاصة في لبنان.

وعما إذا كان جيل اليوم تأثر بزياد الرحباني بالكلمة والموسيقى، فاستحدث هذا النوع من الفرق. يقول فراس: «أعتقد أنه مهما اجتهدنا فإننا لن نستطيع أن نصبح زياد الرحباني الذي استطاع أن يلامس في أغانيه الصغير والكبير على السواء، وجميعها كانت بالعربية وبالتحديد بلهجتنا اللبنانية، فنحن نتحدث بالعربية، ولهجتنا اللبنانية التي نغني بها تتضمن تعابير نستعملها نحن كشباب في جلساتنا اليومية أينما كنا ومن خلالها نستطيع أن نحكي بلسان الآخرين بطريقة بسيطة وعفوية يفهمها ويحفظها كل من يسمعها حتى أن الموسيقى المتبعة فيها تجمع ما بين أسلوب الروك والماتيل والشرقي فتصل للشباب بسرعة، لأنهم يحبونها». ويختم فراس: «لا شك أننا كلنا تأثرنا بزياد وأسلوبه، وهو شخص لن يتكرر وأعمالنا هي مجرد محاولات خجولة أمام أعماله العملاقة».

وتعترف غالبية أعضاء هذه الفرق إلى أن الربح المادي أو الهدف التجاري بشكل عام لا تهمها، ولذلك تكتفي بالغناء في الحفلات الموسيقية الحية، ولا تكترث كثيرا للفيديو كليب أو الألبوم الغنائي الذي يمكن أن تصدره في هذا الصدد.

وليد عكر صاحب ناد ليلي في شارع الحمرا (mojo) هو من المشجعين لهذا النوع من الفرق، إذ خصص أكثر من يوم في الأسبوع لاستقبالها في ناديه ليسنح الفرصة أمام رواد النادي أن يستمتعوا بالموسيقى الحية التي تقدمها تلك الفرق، مشيرا إلى أن قلة من تلك الفرق نجحت في الاستمرارية في أعمالها، سواء كان من خلال الكلمة أو الموسيقى التي يستخدمونها في أغانيهم، وإن شباب اليوم شغوف بالموسيقى الرحبانية وبأخرى لزكي ناصيف، لأنه يتذوق الفن الأصيل على عكس ما يعتقده البعض بأنهم غير مطلعين إلا على الموسيقى الغربية. وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «من خلال خبرتي في هذا المجال أستطيع القول إنه من أصل 40 فرقة استقبلتها في النادي 4 أو 5 فقط ما زالوا مستمرين في العمل الموسيقي لأن الاحتراف يتطلب التفرغ والجهد، وهما أمران لا يستطيع طلاب الجامعات الذين تتألف منهم هذه الفرق أن يؤمناها». وعن المردود المادي لها يقول: «100 دولار هو المبلغ الذي يناله كل من أفراد الفريق الواحد عادة، وقد يرتفع حسب احتراف الموسيقي وعدد الزبائن الذين يجذبهم». وهو يخصص الأربعاء للفرق الأجنبية المحترفة المستقدمة من الخارج والجمعة لفرقة زياد أحمدية التي تلعب كل أنواع الموسيقى، بينما يوم السبت يستقبل فيه جورج نعمة الذي يغني مع فريقه أغاني لبنانية قديمة للرحابنة وزكي ناصيف ونصري شمس الدين وقد سبق وعمل في الكورال المرافق لفيروز وأيضا مع زياد الرحباني منذ كان في السابعة عشرة من عمره.

نويل وميشال كسرواني، شقيقتان جامعيتان ألفتا سوية فرقة موسيقية تغني لشباب اليوم مواضيع وهواجس اجتماعية بدأتا فيها بالصدفة من خلال أغنية «جكل الـusek» وتناولتا فيها انتقادا لاذعا للشاب الجامعي الذي تهمه المظاهر والقشور الاجتماعية أكثر من أي شيء آخر. وتقول كلماتها: «أنا الشاب الكول بسمع فيفتي سنت سيارتي بتلمع وما بقفي أيفنت عندي شاليه فيللا بفاريا وملكة جمال لبنان أنا خيها.. أنا جكل الـusek (تلخيص لاسم الجامعة اليسوعية في لبنان) عيوني ملونين..».

وتقول نويل كسرواني لـ«الشرق الأوسط»: «أردنا أن نعبر ببساطة وعفوية وحرية عن ملاحظاتنا على مجتمعنا وبعد نجاح أغنيتنا الأولى طرحنا (سي دي) بعنوان (بالغلط) وفيه عدد من الأغاني بينها (مدام) و(بدي صير ستار)، وتتناولان السخافات الاجتماعية التي تحوز على اهتمام الفتاة اللبنانية. أما جمهورنا فيتراوح ما بين الشباب والصغار والكبار معا.