زكريا محمد: الأمثال الجاهلية اختراع كهنة المعابد وليس اللغويين

الشاعر الفلسطيني يعيدها إلى سياقها التاريخي وأصلها الديني

TT

يسعى الشاعر الفلسطيني زكريا محمد إلى إعادة الأمثال الجاهلية إلى سياقها التاريخي وأصلها الديني، مرجحا أنها تنتمي إلى الكهنة قبل أن تتداول في الحياة وتكتسب شهرتها، داعيا إلى بذل الجهود لفهم مغزى الأمثال التي تحولت إلى ألغاز بعد انقطاعها عن هذا الأصل. ويقول إن تجاهل الأساس الديني للأمثال الجاهلية نقلها من ملكية كهنة المعابد حيث بيت الأساطير وطقوس العبادات، إلى ملكية كهنة اللغة الذين «حولوا كل مشكلة تعرض لهم بسببها (الأمثال) إلى نكتة لغوية»، وإن هذا يفقد الباحث «مفتاحا مهما من مفاتيح أديان العرب قبل الإسلام» إضافة إلى طقوس الديانة في الجاهلية.

ويشدد في كتابه «ذات النحيين.. الأمثال الجاهلية بين الطقس والأسطورة» على أن المثل هو روح الأسطورة، وأنه ليس من اختراع لغويين مهرة؛ بل كهنة ابتكروا الأمثال فأنقذوا الأساطير من الضياع ثم ضمنت الأسطورة الازدهار والانتشار للأمثال.

ويقع الكتاب في 447 صفحة كبيرة القطع وأصدرته «الأهلية للنشر والتوزيع» في عمان. والكتاب جزء من اهتمام المؤلف الذي قدم من قبل كتابا ذا صلة بقضية الدين والأساطير في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام بعنوان «عبادة إيزيس وأوزيريس في مكة الجاهلية».

ويقول المؤلف إن الأسطورة لا تقدم نفسها كأسطورة؛ بل كتاريخ عبر سرد واقعي وليس أسطوريا. ومن الأمثال التي تضمنها الكتاب «رماه بثالثة الأثافي» وهي قطعة ناتئة من الجبل يوضع فوقها القدر.

ويرى زكريا محمد أن التفسير السائد «غير المقنع بالمرة» والذي اطمأن إليه اللغويون يعني «رماه بأعظم الدواهي»، ولكنه يذهب في اتجاه آخر، قائلا إن التفسير اللغوي قاصر؛ إذ لم يدرك اللغويون «المعنى الميثولوجي للمثل» وأن ثالثة الأثافي هي الحد الثالث من كل ثالوث.

ويقول إن الثالوث المكي المعروف باللات والعزى ومناة «قدر كونية يقف عليها الكون. لكن الأثفية الثالثة في هذا القدر؛ أي مناة، قدر ترمز للموت والهلاك. وجذر (مني) الذي هو أصل كلمة (مناة) يعني الموت» الذي هو المنية. ويستشهد ببيت من الشعر «يؤكد» فيه علقمة بن عبدة أن ثالثة الأثافي ترمز للموت لا للضخامة؛ إذ يقول: بل كل قوم وإن عزوا وإن كثروا عريفهم بأثافي الشر مرجوم