أميركيان وأسترالي ـ أميركي يفوزون بجائزة نوبل للفيزياء

اكتشفوا تسارع تمدد الكون وإمكانية تحوله إلى جليد

TT

قالت لجنة نوبل للفيزياء بالأكاديمية السويدية الملكية للعلوم، أمس (الثلاثاء)، إن ثلاثة علماء فازوا بجائزة نوبل في الفيزياء لعام 2011 لاكتشافهم المذهل لتسارع التمدد الكوني، وهو ما يعني أن الكون قد يتحول يوما إلى جليد.

الفائزون الثلاثة الذي نشروا أعمالهم التي أحدثت ثورة عام 1998، في دراستين منفصلتين هم الأميركيان سول بيرلموتر وآدم ريس، والأميركي - الأسترالي بريان شميت. وعرف العلماء منذ عشرينات القرن الماضي أن الكون يتمدد نتيجة الانفجار العظيم الذي حدث قبل نحو 14 مليار عام، لكن اكتشاف أن هذه العملية آخذة في التسارع لا التباطؤ، كما ظن كثيرون، هزت المجتمع البحثي.

وقالت لجنة نوبل في بيان: «إذا استمر التوسع في التسارع فسيتحول الكون في النهاية إلى جليد». وقال ستافان نورمارك، الأمين العام للأكاديمية الملكية السويدية للعلوم: «تتعلق جائزة نوبل في الفيزياء لهذا العام بالكون بأكمله.. قررت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم أن يذهب نصف جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2011 إلى سول بيرلموتر والنصف الآخر إلى بريان شميت وآدم ريس؛ لاكتشافهم تسارع التمدد الكوني من خلال مراقبة نجوم بعيدة تنفجر».

وقد أوضحت لجنة نوبل أن الفائزين الثلاثة «درسوا العشرات من النجوم المتفجرة التي تدعى سوبرنوفا، واكتشفوا أن الكون يتوسع بوتيرة متسارعة أكثر فأكثر»، مشيرة إلى أن اكتشافهم غير فهم الإنسان للكون، وأتت أعمالهم لتؤكد نظرية طرحها بداية ألبرت آينشتاين وأطلق عليها اسم الثابت الكوني (الكوزمولوجي).

وقالت لجنة نوبل إن هذا الكشف تحقق من خلال مراقبة نجوم بعيدة تنفجر، وبدلا من أن يزداد بريق النجوم كان ضوؤها يخفت، «النتيجة المدهشة هي أن التمدد الكوني لا يتباطأ بل على العكس يتسارع». وهناك اعتقاد أن هذا التسارع وراءه طاقة داكنة، وإن كان علماء الفلك لا يعرفون كنهها، وهم يقدرون أن هذه الطاقة هي جاذبية عكسية تبعد المادة التي تقترب منها وتشكل نحو ثلاثة أرباع الكون.

وقال الأسترالي الأميركي بريان بي شميت إنه تلقى نبأ فوزه بالجائزة هاتفيا، واصفا رد فعله عند سماع النبأ: «فوجئت بالخبر بالتأكيد، ولم أكن أتوقع كل ذلك..».

وقال شميت من منزله في كانبيرا بأستراليا: «كنت أقول إن شعوري يشبه ما أحسست به عندما ولد أطفالي.. أشعر بضعف في ساقي وبالإثارة الشديدة، وأظن أنني مندهش من الموقف.. كانت النصف ساعة الماضية مثيرة للغاية». ومشيرا لاكتشافه ظاهرة تمدد الكون بفعل انفجارات نجوم المستعر الأعظم (سوبرنوفا)، قال شميت إنه أصيب بالدهشة هو وزملاؤه عندما توصلوا إلى هذه النتيجة. وروى لأحد الصحافيين كان يجري مقابلة معه من ستوكهولم عبر الإنترنت: «آدم ريس وأنا حاولنا أن نفهم هذه النتيجة المذهلة والمجنونة، وكنا نحاول بجهد أن نعرف ما المشكلة.. بدا الأمر مستحيلا جدا ليكون صحيحا.. كنا خائفين بعض الشيء».

رأى عالم الفيزياء الألماني لوتس فيسوتسكي أن الحاصلين على جائزة نوبل للفيزياء هذا العام، أثروا كثيرا على صورتنا عن العالم، وقال الأستاذ بمعهد الفيزياء والفلك التابع لجامعة بوتسدام الألمانية، أمس الثلاثاء، عقب الإعلان عن الفوز، إن ما اكتشفه هؤلاء العلماء الثلاثة غير الساحة العلمية برمتها.

كما رأى البروفسور مارتين بول، عالم الفيزياء الفلكية في مركز ديزي في مدينة تسويتن بولاية براندنبورغ (شرق ألمانيا)، أن العلماء أثبتوا من خلال هذا الكشف أن تصورنا القديم عن الكون ليس كاملا. ولخص سول بيرلموتر على صفحته الخاصة في موقع جامعة كاليفورنيا في بيركلي: «أعمالنا حول السوبرنوفا كانت تهدف في الأساس إلى قياس تراجع سرعة توسع الكون بتأثير من الجاذبية، إلا أننا أظهرنا تسارعه».

وأوضح: «هذه النتيجة غير المتوقعة تشير إلى أن الجزء الأكبر من الكون، أي 75 في المائة، قد يكون مؤلفا من طاقة لم تكن معروفة في تلك الفترة، وتدعى الآن (الطاقة السوداء) المسؤولة عن تسارع توسع الكون».

وهذه الطاقة «القاتمة» أو «السوداء» تتحكم بدينامية الكون منذ مليارات السنوات، وبحسب الاكتشاف الذي توصل إليه الفائزون الثلاثة فهذه الطاقة هي بمثابة قوة مضادة للجاذبية، الأمر الذي فتح أمام علماء الفيزياء حقول أبحاث جديدة لفهم الكون.

وهذا النوع من السوبرنوفا يعتبر ضوءا مرجعيا في الكون، وهو انفجار نجوم يعرف العلماء بالتحديد قوة إشراقها وتستخدم لقياس المسافات في الكون.

وفاز بيرلموتر المولود عام 1959 في ولاية إيللينوي الأميركية بنصف المكافأة المالية البالغة عشرة ملايين كورونة سويدية (1.48 مليون دولار)، فيما سيتقاسم شميت وريس المولود عام 1969 النصف الآخر، على ما أوضحت لجنة نوبل. ويعمل بيرلموتر أستاذا لمادة الفيزياء الفلكية في جامعة بيركلي في كاليفورنيا. أما ريس المولود في واشنطن فيدرس علم الفلك والفيزياء في جامعة جونز هوبكينز في بالتيمور. وولد بريان شميت (44 عاما)، في ميسولا (ولاية مونتانا الأميركية)، وهو يقود فريق أبحاث حول السوبرنوفا في جامعة ويسترن كريك الوطنية الأسترالية.

وسيستلم العلماء جائزتهم في ستوكهولم في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) في ذكرى وفاة العالم ألفرد نوبل، مؤسس هذه الجوائز، عام 1896.