«مهرجان بيروت الدولي للسينما» يفتتح بفيلم «شجرة الحياة»

67 فيلما لمخرجين من 29 دولة.. والثورة التونسية حاضرة

من فيلم شجرة الحياة.
TT

سيكون عشاق السينما مساء اليوم على موعد مع افتتاح «مهرجان بيروت الدولي للسينما» في دورته الحادية عشرة، وبعرض لفيلم «شجرة الحياة» للمخرج الأميركي من أصل لبناني تيرينس مالك، حيث سيستمر هذا المهرجان حتى 13 من الشهر الحالي، بمشاركة 67 فيلما لمخرجين من 29 دولة، تتوزع على 7 فئات.

أفلام عديدة اختيرت لهذه الدورة، الثورة محورها، والمعاناة الإنسانية، سواء في فلسطين أو البوسنة أو كردستان أو حتى إيران، جوهرا لموضوعها. ومع ذلك، فإن مديرة المهرجان كوليت نوفل، لا تبدي رضا كبيرا، وتأسف لأن العديد من الأفلام التي صورت في الفترة الأخيرة حول الثورات العربية أو من وحيها كان يفترض أن تكون ضمن البرنامج، لكن تضارب مواعيد المهرجانات أو على الأصح تقاربها لا سيما مهرجان الدوحة، ومهرجان أبوظبي، حالا دون ذلك. وتشرح نوفل في اتصال لنا معها: «نحن لا مشكلة لدينا في أن نعرض بعض الأفلام التي لم يتسن لنا عرضها هذه المرة في الدورة المقبلة لنتيح للمتفرج اللبناني رؤيتها. وعلى أي حال العام المقبل لن يضيرنا أن نعقد دورتنا نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، لنحظى بالأفلام التي نريدها». وتشرح نوفل بأن مهرجانها لا يستطيع أن يدفع المبالغ التي تقدمها المهرجانات الخليجية، إضافة إلى أن هذه المهرجانات باتت تساهم في إنتاج بعض الأفلام وبالتالي لها الأولوية في عرضها. وتضيف نوفل مستدركة: «أنا أفهم خيارات المخرجين بالذهاب إلى هناك. فالجوائز مشجعة وتصل إلى 100 ألف دولار. وهذا يسعف المخرج العربي، ويشكل فرصة له، وهو أمر أقدره جيدا. على أي حال، تغيير موعد مهرجان بيروت سيكون أمرا جيدا لتفادي ما حصل معنا هذه السنة».

وهكذا، فإن «مهرجان بيروت الدولي للسينما» الذي عانى تكرارا سطوة الرقابة لمنع أفلامه، لم يتعرض هذه المرة – بحسب ما تشرح نوفل - لأي مضايقات تذكر، وهناك فيلم قصير للمخرجة الإيرانية مخملباف، لم يحظر عرضه كما حصل مع أحد أفلامها في مرة سابقة، على الرغم من أن الفيلم الذي سيعرض هذه المرة تم حظره في إيران، حاله حال الفيلم السابق. لكن هذا لا يعني أن كل شيء قد انتهى، وإنما علينا انتظار الأيام المقبلة - بحسب نوفل - لنعرف إذا ما كان المهرجان سيبقى بلا ممنوعات رقابية. فيلم الافتتاح «شجرة الحياة»، يعرض في صالة مسرح كركلا - حرج تابت، وسيكون فرصة للجمهور اللبناني لاكتشاف عمل يوصف بأنه «تحفة فنية» وحائز على «السعفة الذهبية» لأفضل فيلم في مهرجان كان الرابع والستين في مايو (أيار) الماضي. وهو من بطولة شون بن وفيونا شو وجيسيكا شستاينالي. الفيلم الذي شاهده الصحافيون في عرض خاص يوم الاثنين الماضي، يحكي قصة جاك، الأخ الأكبر بين ثلاثة إخوة، يعيشون في أميركا منتصف خمسينات القرن الماضي، حيث تنقلب حياة جاك فجأة بسبب تجربته مع الموت والمرض.

بعد السهرة الافتتاحية، تنطلق عروض المهرجان بدءا من عصر بعد غد الخميس، في صالات «أمبير سوديكو سكوير» بحيث يترأس لجنة التحكيم المخرج الإيطالي لوكا غوادانينو، وتضم اللجنة الناقدة السينمائية في «مانيفستو» كريستينا بيتشينو، ومخرجة فيلم «غناء العروسين» الفرنسية كارين ألبو الحاصلة على جائزة سيزار، والمخرجة والمنتجة العراقية الأصل ميسون الباجه جي، التي تعيش حاليا في بريطانيا، والكاتبة السعودية رجاء الصانع، مؤلفة رواية «بنات الرياض».

وتتوزع الأفلام الـ67 على سبع فئات، ثلاث منها مسابقات، هي فئة الأفلام الشرق أوسطية الروائية (سبعة أفلام)، والأفلام الشرق أوسطية القصيرة (16 فيلما)، والأفلام الشرق أوسطية الوثائقية (ثمانية أفلام). ويتضمن برنامج الخميس 11 فيلما بينها اثنان ضمن مسابقات المهرجان. وتبدأ عروض الخميس، ثاني أيام المهرجان، بثلاثة أفلام في الخامسة من بعد الظهر، أحدها ضمن مسابقة الأفلام الروائية «الشرق أوسطية» وهو فيلم «فينوس السوداء» للمخرج الفرنسي التونسي عبد اللطيف كيكيش، وهو يتناول العبودية والعنصرية، نالت عنه بطلته الممثلة ياهيما توريس جائزة «سيزار» أفضل ممثلة واعدة، عن دورها كخادمة سوداء من جنوب أفريقيا، يأتي بها «سيدها» من بلدها ليعرض جسدها للجمهور اللندني وكأنها وحش. في التوقيت نفسه، يعرض في صالتين أخريين فيلمان وثائقيان من «البانوراما الدولية». ويعرض في صالتين أخريين، فيلمان وثائقيان من «البانوراما الدولية»، أحدهما «حب الكتب»، قصة من سراييفو لسام هوبكنسون، عن مجموعة من عشاق الكتب يخاطرون بحياتهم لإنقاذ أكثر من عشرة آلاف كتاب ومخطوطة إسلامية محفوظة في مكتبة في سراييفو وسط الحرب الطاحنة في البوسنة والهرسك في عام 1992. نال الفيلم جائزة «الجزيرة» الخاصة ضمن مهرجان «الجزيرة» الدولي للأفلام الوثائقية. الفيلم الثاني هو «ثقافات مقاومة» للأميركية البرازيلية يارا لي، الذي يستكشف كيف يمكن أن يكون الفن والإبداع سلاحا في المعارك من أجل الحصول على السلام والعدل، من إيران إلى بورما والبرازيل ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. والفيلم نال عددا من الجوائز في المهرجانات العالمية، منها جائزة أفضل وثائقي عن حقوق الإنسان في مهرجان Steps الدولي للسينما في عام 2010.

وفي اليوم الثاني أيضا، يعرض فيلم قصير يحمل عنوان «ياسمين والثورة» للفرنسية كارين ألبو، ويتناول «ثورة الياسمين» التونسية من وجهة نظر فتاة في الثامنة عشرة، وفيلم آخر للنمساوي ماركوس شلينزر يحمل عنوان «مايكل» عن وحش يعتدي جنسيا على صبي قاصر. وتشارك في المهرجان أفلام إيرانية وعراقية وأردنية وكردية كما مغاربية، إضافة إلى الأفلام اللبنانية العديدة بحضور 14 مخرجا لبنانيا، غالبيتهم من الشباب، وعدد من المخرجين الآخرين الذين أتوا خصيصا لمصاحبة أفلامهم، غالبيتهم من الشباب. مهرجان بيروت كانت له صعوباته، كالعادة في كل سنة، أضيف إليها هذه المرة أنه تم الاعتذار قبل ثلاثة أسابيع فقط عن استقبال حفل افتتاح المهرجان، كما حفل ختامه في صالة اليونيسكو، مما أربك المنظمين الذين كان عليهم أن يتدبروا أمرهم، ليس فقط بإيجاد صالة جديدة وإنما بتجهيزها أيضا.

يبقى أن نذكر بأن المهرجانات السينمائية اللبنانية تقام بجهد خاص، بعيدا عن دعم الجهات الرسمية. كوليت نوفل كما غيرها في مجال الثقافة في لبنان يعملون بظروف تزداد صعوبة، مع إهمال رسمي تشتد وطأته، ما دامت الأولوية من ماء وكهرباء لا تزال موضع جدل بين السياسيين.