معرض الفن المعاصر (آرت فاير) في مراكش يتبوأ مكانة «الحدث الفني الأساسي»

بمشاركة 48 رواقا من 11 دولة

من الأعمال المشاركة في معرض الفن (آرت فاير) بمراكش («الشرق الأوسط»)
TT

شكل تنظيم الدورة الثانية لمعرض الفن المعاصر (آرت فاير) بمراكش، فرصة أمام المهتمين وعشاق الألوان للوقوف على جديد الممارسة الفنية، عربيا وعالميا، ووضع المقارنات بين مختلف التجارب الفنية. وشدد المنظمون على أن التظاهرة تتوخى النهوض بالحركة الفنية بالمغرب، وخلق مجال أوسع لتداولها، والتعريف بأشكال وتعابير فنية لم تجد مجالها بعد في الساحة الفنية بالمغرب، وعلى رأسها فن الفيديو والتصوير، الذي منحته دورة هذه السنة مكانة خاصة، حيث خصصت له معرضا، تحت شعار «صور متحررة»، وهو معرض يقدم مجموعة من الصور وأفلام الفيديو لفنانين من العالم العربي.

وحول انطباعاته عن المعرض قال بن سالم حميش، وزير الثقافة المغربي لـ«الشرق الأوسط»: «هناك انضباط وحفاظ على تنظيم هذه التظاهرة الفنية المهمة، في موعدها، وأنا أرى أن هناك، بين الدورتين الأولى والثانية، أشياء مهمة قد أنجزت، سواء من حيث عدد الفنانين أو الأروقة، فضلا عن إدراج الصورة الفنية والفيديو في البرنامج العام، غير أن أهمية التظاهرة تكمن في أنها فرصة للتعارف بين الفنانين وأصحاب الأروقة، كما أنها تمكن الفنانين المغاربة من تسويق أعمالهم والتعريف بالفن المغربي في بلدان أخرى، وبالتالي فإن من شأن هذه التظاهرة أن تدفع بالشأن الفني المغربي إلى الأمام». من جهته، وصف الفنان المغربي ماحي بنبين التظاهرة بأنها «الحدث الفني الأساسي في المغرب»، وتوقع أن تتمكن التظاهرة، في الدورات المقبلة، من منافسة أكبر التظاهرات في هذا المجال، مشيرا إلى أن المعرض يشكل فرصة للاحتكاك بين الفنانين المغاربة والأجانب.

وقال حمزة صيرفي، عن رواق «أثر»، من جدة، بالمملكة العربية السعودية: «نحن نتابع الحراك التشكيلي في العالم العربي، وزرنا الدورة الأولى من معرض مراكش ووقفنا على قيمته، ولذلك قررنا المشاركة في دورة هذه السنة، حتى نعطي صورة عن قيمة التجربة التشكيلية في المملكة العربية السعودية». وأضاف صيرفي أن الفكرة العامة للأعمال المعروضة في الرواق السعودي «تعكس مفهوم الحرية، على المستوى الشخصي والاجتماعي»، وأنها «تعكس، بذلك، المناخ الثقافي في المملكة، ومن خلاله، حرية التعبير والحوار والثقافة المعرفية، والتساؤلات المطروحة علينا كأمة، وخاصة سؤال كيف نكون أفضل من خلال الحوار والنقاش البناء».

أما هشام الداودي، مؤسس المهرجان، فتوقف عند الصفحة الجديدة التي فتحها المعرض، في دورته الثانية، من خلال منح أهمية أكبر لفن الفيديو والصورة الفنية في البرمجة، خاصة أمام ما يشهده العالم، اليوم، من تحولات لعبت الصورة والثقافة الرقمية دورا أساسيا فيها. ويرى الداودي أن المعرض ليس سوقا اعتباطية للفن، بل هو معرض متخصص، اشتغل عليه منظموه على مدار السنة، واختاروا الأعمال الفنية المعروضة فيه بكل عناية، كما عملوا على أن تكون السينوغرافيا الخاصة به بسيطة وفي متناول الجميع، لأن همّ المنظمين، حسب قوله، هو حث الجمهور على تذوق الفن والتساؤل بخصوصه، وليس اعتباره شيئا ثانويا.

وشدد الداودي على أن هدفهم، في لجنة التنظيم، يروم التعريف بالفن المغربي، بشكل خاص، وخلق مجال لتسويقه، خاصة فن الفيديو والصورة، الذي انتعش بفضل الثورة الرقمية، مشيرا إلى أن الجمع بين مختلف الأشكال التعبيرية الفنية، في هذه التظاهرة، هو اختيار وتحدّ في الوقت نفسه، لأن المنظمين يسعون إلى دمقرطة الفن، وتداوله من طرف أكبر عدد ممكن من الجمهور، عوض أن يظل حكرا على النخب الميسورة.

وتميزت الدورة الثانية بمشاركة أوسع، مقارنة بالدورة الأولى، وذلك بحضور 48 رواقا، يمثلون فرنسا وأميركا وتركيا ومصر وروسيا وإسبانيا وإيطاليا والسعودية والإمارات وتونس والمغرب، بينها أروقة «جيروم دونوارمونت»، و«جون كابرييل ميتران»، و«جون برولي»، و«دي ميو»، و«دومينيك فيات»، و«ماجنين أ» من فرنسا، و«لو فيولون بلو» من تونس، و«إيدوين هوك» من نيويورك، و«إيدن» من موسكو، و«هوتيس» من ميلانو، و«فضاء الفن» من دبي، و«أثر» من جدة، بالإضافة إلى 13 رواقا مغربيا، هي «لاغالري 38» و«غالري إف جي» و«لارتوتيك» و«إنتيغرال غالري أرت» و«سوسول أرت غالري» و«فويس غالري»، إضافة إلى «غالري 127» و«لاتوليي 21» و«ديفيد بلوش غالري» و«لوفت أرت غالري» و«ماتيس» و«شارت غالري» و«فونيس كادر».

وعرفت التظاهرة تنظيم ندوات وموائد مستديرة، تناولت مواضيع، بينها «الربيع العربي والفن المعاصر» و«دور المعارض والبيناليات»، شارك فيها عدد من الباحثين والمتخصصين في المجال الفني، كما أعطت أهمية أكبر لفن الفيديو والتصوير الفني، فضلا عن إطلاق جائزة «السعدي للفن المعاصر»، وهي عبارة عن منحة من أجل الإنتاج قدرها 15 ألف يورو، كدعم لجيل جديد من الفنانين، وتشجيع الطاقات والكفاءات الشابة ومساعدتها على الاستمرار في مجال الفن، همت جميع الأنشطة الفنية الممثلة في المعرض، مثل النحت والصورة والفيديو والرسم، وغيرها، وأشرف على الجائزة لجنة تحكيم مكونة من مجمعين ونقاد فنيين وباحثين متخصصين في مجال الفن. كما فتحت، خلال التظاهرة، أبواب مؤسسة «فورتو»، ومنازل بعض المجمعين، أمام الزوار، إضافة إلى الإقامات الفنية، مثل «المقام»، المحدثة من طرف الفنان المغربي محمد مرابطي؛ من أجل الفنانين المغاربة بتحناوت، و«دار المأمون».

وتميزت فقرة العروض بتقديم فيلم «علي زاوا» للمخرج نبيل عيوش، وفيلم «زيدان، بورتريه من القرن العشرين»، إضافة إلى مجموعة من أفلام الفيديو لمخرجين عرب وأتراك.