فيينا تستضيف معرض «أثر الفن الإيراني في الحضارة»

احتفالية لتوطيد «دبلوماسية السجاد الناعمة»

الحربش مع هدية قدمت لـ«أوفيد» بمناسبة مرور 35 عاما على إنشائه الصندوق صنعت من الحرير الخالص
TT

بدعوة من سليمان الحربش، مدير عام صندوق الـ«أوبك» للتنمية الدولية «أوفيد»، والسفير الدكتور علي أصغر سلطانية، مندوب إيران لدى المنظمات الدولية العاملة بالعاصمة النمساوية فيينا، جرت مراسم افتتاح معرض «أثر الفن الإيراني في الحضارة» في أجواء مفعمة بزخم الثقافة والفنون، مما جسد لرهف الدبلوماسية ومهارتها عندما تفضل الدول «الاستثمار» في إبراز ما تتمتع به من إمكانات وقدرات تجمعها والآخرين، بدلا من الدبلوماسية الخشنة والتعامل في عدائية تستنبط ما يحول دون تمتين روابط الإخاء، ودون الهداية بمبادئ الفكر المستنير المشترك.

لبى الدعوة عدد مقدر من الضيوف كان في مقدمتهم عبد الله سالم البدري، سكرتير عام منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»، بالإضافة لممثلين شخصيين لمديري الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، ومنظمة الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة والمخدرات، ومنظمة الأمم المتحدة لحظر التجارب النووية.

شرف الافتتاح كذلك حشد من السفراء الأجانب والعرب، منهم السفير السوداني والسعودي والفلسطيني واللبناني واليمني والسفيرة الجزائرية، وممثل الجامعة العربية والمندوب القطري، بجانب عدد من الإعلاميين ومنسوبي «أوفيد» و«أوبك»، وحضور نمساوي مختار.

من المقرر أن يكون المعرض مفتوحا أمام طلاب المدارس والمؤسسات الراغبة في زيارته، وفق عرف متبع ضمن فعاليات دأب «أوفيد» على تنظيمها للتعريف بحضارات وفنون وتراث دوله الأعضاء، ودول من تلك التي تستفيد من ما يقدمه من مساعدات وقروض، وفي هذا السياق استضاف قصر «أوفيد» معرضا سعوديا وإكوادوريا وجزائريا وفنزويليا، بالإضافة لمعرض سوداني، وتعد العدة لمعرض نيجيري، كما دعم «أوفيد» مساهما في إقامة فعاليات فنية ذات وقع خاص استضافتها فيينا، وغطتها «الشرق الأوسط»، ومن تلك حفل مميز أحيته بقاعة الاحتفالات الكبرى بمبنى معتمدية فيينا «الرات هاوس» أوركسترا النور والأمل، التي تضم 38 عازفة مصرية تفتقد نعمة البصر، وحفل غير مسبوق أقيم بساحة الرات هاوس لتكريم منظمة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» أحياه وأبدع الفنان مارسيل خليفة.

يضم معرض «أثر الفن الإيراني في الحضارة»، الذي يستمر حتى الرابع عشر من الشهر، 52 سجادة إيرانية من مختلف الأحجام والأشكال والتصميمات والألوان وأغراض الاستخدام، بالإضافة لقطع إكسسوار صنعت بدقة وبساطة متناهيتين على الرغم من تطعيمهم بأحجار كريمة، مع عدد لوحات وقطع أثاث وتحف تراثية، كما صاحب برنامج حفل الافتتاح عزف هارموني لألحان هادئة وعذبة من فرقة أبدعت في استخدام الطبل والهارب والكمنجة والسنطور.

الحربش، ضمن كلمته الافتتاحية، ركز على فاعلية «الدبلوماسية الناعمة» القائمة على دعائم تحقق الروابط الإنسانية وتعزز التلاقي، مما يتماشى وسياسية صندوق الـ«أوبك» للتنمية الدولية، الذي قدم منذ إنشائه في عام 1976 أكثر من 13 مليار دولار، كمنح وهبات ومساعدات وقروض ميسرة لأكثر من 130 دولة نامية، تطبيقا لمبدأ التعاون بين دول الجنوب، مؤكدا على استمرارية وتوسع برامجهم الهادفة لتنمية مستدامة توطد لتوفير بنيات أساسية متينة وصلبة، قوامها التوسع في تشييد مدارس ومصحات، وتعبيد طرق، وتوفير مواصلات واتصالات، ومنشآت مياه صحية وطاقة نظيفة للفقراء، دون أن يحول ذلك دون تشجيع برامج ثقافية واجتماعية تنقل لمضيفتهم، مدينة فيينا، كعاصمة للثقافة والفنون، فرص الاطلاع والاستمتاع بحضارات دول الـ«أوبك» ومن يحظون بمعونات الـ«أوبك».

سلطانية، الذي اصطحب معه حرمه، وإن حافظ على عادة كبار المسؤولين الإيرانيين في عدم مصافحة النساء، فإنه، وعلى غير شهرته، لم يتطرق في كلمته الافتتاحية ولو تلميحا لـ«قضية الملف النووي الإيراني»، مركزا على «روح فيينا» التوافقية، متبحرا، وهو عالم فيزيائي في الأساس، في شرح سلس عن إرث صناعة السجاد الإيراني وتاريخه ومواقعه وخصائصه، مقدما لـ«أوفيد» هدية بمناسبة مرور 35 عاما على إنشائه، سجادة من الحرير الخالص، جلس لنسجها 25 صانعا ماهرا، أتموا حياكتها في 4 سنوات من 1.020.000 عقدة بمساحة 3 × 2.

وفي سياق احتفالية وطدت لما يمكن وصفه بـ«دبلوماسية السجاد»، أوضح سلطانية أن سجادة فخمة بسطت فغطت أرضية بقعة شاسعة، تم تسويرها بأناقة متناهية في منتصف القاعة الشاهقة كمحور التف حوله الحضور، بحجم 8 × 5 أمتار مربعة، و53 مليون عقدة، ومهارة 14 صانعا عملوا فيها طيلة 12 عاما.

إلى ذلك، لم يغفل سلطانية التنبيه لمميزات ما يضمه المعرض من قطع إكسسوار وتحف قال إنها نادرة، سمح بمغادرتها إيران للمرة الأولى، مختتما حديثه بإبداء اعتزازه بحلاوة وطلاوة معزوفات الفرقة الموسيقية.

إلى ذلك، توفرت للمدعوين متعة الاستمتاع بكميات وافرة من فستق إيراني طازج وشهي، تم استيراده خصيصا من رفسنجان المشهورة بكونها مملكة الفستق عالميا.