مهرجان «الزهاوي العلمي ـ الثقافي» الأول في كولون: أنقذوا بيئة وأنهار العراق

«الديوان الشرقي ـ الغربي» ينهض بمهمة الدفاع عن حقوق العراق الدولية بدعم مؤسسات ألمانية

TT

لا تترك تركيا إلى العراق من مياه الفرات غير ما يحتاج إليه لتشغيل تربينات السدود العظيمة التي بناها على النهر العظيم. قطعت إيران، أو حولت مياه، 42 نهرا وجدولا وساقية تنبع في أراضيها وتغذي نهر دجلة، وتحولت البصرة إلى مدينة منكوبة بفعل مياه التصريف ومياه البزل التي توجهها إيران إلى الأراضي العراقية.

وهذا ليس أخطر ما في الأمر حسب تقارير الأمم المتحدة، لأن نهري دجلة والفرات سيجفان نهائيا في حدود عام 2040 إذا استمر «الإرهاب البيئي - المائي» الذي تشنه دول الجوار على العراق على هذا المنوال. فقدت الأهوار، في جنوب العراق، 80 في المائة من مساحتها المائية خلال السنين العشرين الماضية، وصارت ملوحة شط العرب تقترب من ملوحة الخليج، بل إن مربي الأسماك صاروا يستخدمون بحيرات العراق لتربية الأسماك البحرية.

مثل هذه الحقائق المفزعة تستفز أي إنسان، عراقي أو غير عراقي، غير أن من يكرس لها وقته منذ سنوات هو المنتدى الثقافي العراقي في كولون الذي يحمل اسم «الديوان الشرقي - الغربي» تيمنا بالديوان الشعري الأشهر لعظيم الشعر الألماني فولغانغ فون غوته، إذ سبق أن أصدر الديوان عدة بيانات تدعو إلى الدفاع عن حقوق العراق المائية، وتدين الكارثة البيئية التي تحل به، ووقع عليها آلاف المهتمين.

«الديوان الشرقي - الغربي» حصل على دعم حكومة كولون المحلية ودعم مؤسسة حماية البيئة في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا كي يقيم مهرجان «الزهاوي العلمي - الثقافي الأول» في مدينة كولون. وكان منح المهرجان اسم الشاعر العراقي الكبير جميل صدقي الزهاوي (1863-1936) تقديرا من أعضاء الديوان لهذا الشاعر والفيلسوف الجليل الذي شغل العراق بشعره وآرائه لعقود.

عقد الديوان في مقره مؤتمرا صحافيا ناجحا حول المهرجان الذي سيفتتح يوم 4 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بحضور ممثلين عن حكومة كولون ومؤسسة البيئة في الولاية وحشد من أساتذة الجامعات وبمشاركة طلاب دكتوراه قرروا تكريس أطروحاتهم لمشاكل العراق المائية. وبعد عزف قانون منفرد للفنان قاسم محمد يبدأ على قاعة مسرح الثقافات المتعددة (مسرح أرقداش) عرض مسرحية «ثرثرة قد تهمك أو لا تهمك». والمسرحية من أعمال فرقة «أور» المسرحية التي تنشط في كولون منذ سنوات. النص للكاتب عز الدين طابو، إخراج ثامر الشكرجي، سينوغراف محمد فوزي السوداني، وتمثيل علي الدبو وسلمان رحيم، وموسيقى وغناء عبد اللطيف الدبو.

يوم السبت المصادف 5 نوفمبر سيكرس لندوة حول مشاكل المياه والبيئة في العراق (الساعة الثانية بعد الظهر في نفس المسرح) يديرها الدكتور بدر الجبوري والدكتور عبد اللطيف الشيخلي ويشارك فيها البروفسور الأميركي كيرك يونكر، المحاضر في جامعة كولون في القوانين الدولية الخاصة بالمياه، والبروفسور لارس ريبه، المتخصص بشؤون المياه في المناطق المعتدلة والحارة من جامعة كولون، والبروفسور فلاديمير كريبل المتخصص في الشؤون المائية في المناطق الحارة من جامعة فيينا. وكريبل يمثل منظمة التنمية الدولية في فيينا (يونيدو) ومن المتخصصين بمشاكل المياه في العراق والشرق الأوسط.

يلي الندوة العلمية كونسرت موسيقي تقيمه مجموعة «ميزوبوتاميا كوارتيت»، بقيادة عازف العود المعروف رائد خوشابا، وذلك في الساعة السادسة والنصف مساء.

المهرجان يستمر لمدة عام ويشهد العديد من الندوات العلمية والثقافية التي تمس الحياة الثقافية والتاريخية لبلاد ما بين النهرين. فهناك ورشة عمل لمجموعة من الأساتذة والمختصين مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) حول مشاكل البيئة في العراق، ومعرض فوتوغراف وفيلم عن الأهوار، ومحاضرة عن حياة وشعر الشاعر جميل صدقي الزهاوي، ومحاضرة عن ملحمة «جلجامش»، ومعرض للفن التشكيلي والخط العربي.

الدكتور بدر الجبوري، المنسق العام للفعالية، قال لـ«الشرق الأوسط» إن حصة العراق الرسمية من مياه دجلة والفرات، حسب الاتفاقات الدولية، تبلغ 750 مترا مكعبا في الثانية، لكن ما يتلقاه العراق حاليا هو مجرد 250 مترا مكعبا في الثانية، وفضلا عن السدود التركية فإن سوريا تنهب ثلثي حصة العراق أيضا. ومن المتوقع أن تنخفض هذه النسبة إلى النصف مع حلول عام 2015، أي مع اكتمال مشاريع السدود التركية الكبيرة التي تجري بتمويل إسرائيلي. وعن أسباب اهتمام «الديوان» بهذا الموضوع، قال الجبوري «نحن صوت من لا صوت لهم»، وخصوصا في العراق حيث يعاني الناس من نقص مياه الشرب وتحول مياه الأنهار إلى «مزوبلة» تجتمع فيها كل نفايات تركيا وسوريا وشمال ووسط العراق.