وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية تطلق «برنامج دعم الأسر الأكثر فقرا»

يهدف إلى ترشيد الإنفاق الاجتماعي وتقديم المساعدات إلى مستحقيها

الحملة الإعلانية الخاصة بـ«برنامج دعم الأسر الأكثر فقرا»
TT

في بلد يعيش فيه 28 في المائة من أبنائه حياة فقيرة، أي لا يزيد دخل العائلة اليومي عن 4 دولارات أميركية، و6 في المائة منهم في حالة فقر مدقع أي تحت خط الفقر، وهي أسر يعتاش أفرادها بدولارين فقط، وفق نتائج تقرير الأمم المتحدة الذي حمل عنوان «الفقر، النمو، وتوزيع الدخل في لبنان» الصادر في عام 2007، يأتي برنامج «دعم الأسر الأكثر فقرا» الذي تطلقه وزارة الشؤون الاجتماعية، ليفتح كوة أمل في حائط الفقر اللبناني المسدود منذ سنوات طويلة. ويندرج هذا البرنامج الذي رصد له مبلغ 28 مليون دولار أميركي، في صلب خطة العمل الاجتماعية التي وضعتها الحكومة اللبنانية في إطار الإصلاحات الاجتماعية والتي قدمت إلى مؤتمر باريس 3 عام 2007، وهي تضمنت، من جملة ما تضمنته، تقديم خدمات اجتماعية أساسية لمساعدة الأسر الفقيرة والأكثر فقرا في تخطي واقعها الاقتصادي والاجتماعي، وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي ضمن إطار سياسة الحكومة في ترشيد الإنفاق وتقديم المساعدات إلى مستحقيها.

وفي حين لا ينفي مدير وحدة الإدارة المركزية للبرنامج في رئاسة مجلس الوزراء رمزي نعمان العواقب الاجتماعية وربما السياسية التي قد تعيق هذه الخطة الاجتماعية الطويلة الأمد، يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن فريق العمل المؤلف من عناصر مدربة بشكل جيد سيقوم بالمهمة على أكمل وجه في الـ96 مركزا الموزعة في كل المناطق اللبنانية. أما آلية تطبيق المشروع الذي يطلقه وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، التي ستبدأ بالعمل مع الأسر الأكثر فقرا ويبلغ عدد أفرادها نحو 400 ألف مواطن، فهي مقسمة إلى مرحلتين أساسيتين، ترتكز الأولى والمقسمة بدورها إلى جزأين، على إعداد قاعدة معلومات أساسية للعائلات الفقيرة التي تكون مهمتها ملء استمارات والإجابة عن بعض الأسئلة. مع الإشارة إلى أن المعلومات لن تكون مقتصرة فقط على دخل العائلة بل يشمل وضع كل فرد من أفراد الأسرة وتأمينه الصحي وتعليم الأولاد ومستوى المدرسة التي يتعلمون فيها إضافة طبعا إلى وظيفة رب الأسرة وإلى الأملاك المسجلة بما فيها مكان السكن ونوعه وغيرها من المؤشرات الدقيقة التي تعطي صورة واضحة وتفصيلية عن وضع العائلة الاجتماعي. وستكون هذه المؤشرات مجتمعة ركيزة أساسية وبنك معلومات يساعد للانتقال إلى المرحلة التنفيذية التي يقوم بها محققون ميدانيون من خلال زيارتهم هذه العائلات للتأكد من صحة المعلومات المقدمة وغربلة الاستمارات بهدف منح التقديمات إلى مستحقيها فقط. وبعد ذلك تقدم هذه الملفات إلى اللجنة الوزارية للشؤون الاجتماعية حيث يتم البحث مع الوزارات المعنية ولا سيما منها الصحة والتربية وطبعا وزارة الشؤون الاجتماعية ولتقر في ما بعد في مجلس الوزراء، وذلك بعدما يتم وضع معدل رقمي لكل عائلة تحدد من خلاله سلة التقديمات ونوعها التي تختلف بين الخدماتية والنقدية.

وفي حين تأتي الحملة الإعلانية التي انطلقت منذ أكثر من أسبوع وحملت عنوان «الدولة حدك، أنت وين» لإعلام اللبنانيين بهذا البرنامج وتحفيزهم للتسجيل في أقرب مركز من مكان سكنهم، يلفت نعمان إلى مشكلة أساسية قد يواجهها العاملون على المشروع وهي عدم ثقة المواطنين بالدولة ومؤسساتها أو الخجل من الإفصاح عن وضعهم الاجتماعي، لكنه يشدد على أن الخطوة الأهم تأتي في تجاوب اللبنانيين مع الدعوة للتسجيل والتصريح عن وضعهم المعيشي ليلمسوا مدى أهمية هذا المشروع والمساعدات التي سيقدمها، والأهم من ذلك صرف هذه التقديمات في المكان المناسب، أي للعائلات التي تستحقها.

وفي هذا الإطار، يشير نعمان إلى أن «هذه العوائق وأهمها عدم ثقة المواطنين في الدولة، كانت قد واجهت فريق العمل في مرحلة المشروع التجريبية التي طبقت في عام 2008 على 6300 عائلة في مناطق شعبية أساسية في بيروت متساوية في توزعها الطائفي، وهي طريق الجديدة والشياح وعين الرمانة، الأمر الذي جعلنا نعمل للبحث عن سبل للمعالجة قدر الإمكان وجعل اللبنانيين يثقون بالدولة وبمشاريعها». وعما قد يشوب المشروع من عوائق سياسية لبنانية تبدل مساره الصحيح، يشدد قائلا «أول ما نحاول ويحاول الوزير أبو فاعور التركيز عليه هو المناعة السياسية وحصانة المشروع ضد التدخلات السياسية. وبالتالي إذا كانت زواريب السياسة اللبنانية وتقسيماتها اللبنانية، كتلك المحكومة بمبدأ 6 و6 مكرر، ستتحكم بمشروع اجتماعي كهذا، فعندها من الأفضل أن نتوقف عن العمل».

أما في ما يتعلق بالتنسيق مع الجمعيات الأهلية التي يكثر وجودها في لبنان ويبلغ عدد المسجل منها 6000 جمعية تحصل على مساعدات مالية تحت شعار العمل الاجتماعي، يعمل بينها بشكل فعلي فقط 1200 جمعية فيما تبقى الـ4800 جمعية الأخرى مؤسسات وهمية تتقاضى أموالا ولا تقدم خدمات، وعما إذا كان هذا المشروع سيكون له الدور في تصحيح مسار عمل هذا المشروع، يقول نعمان «في المرحلة الأولى، سيكون للجمعيات المتعاقدة مع الدولة دور في هذا المشروع ولا سيما في التواصل مع العائلات وتحفيزهم على التسجيل، وفي ما بعد قد يكون هناك خطة محددة لإعادة تنظيم العمل الاجتماعي في لبنان بما يتلاءم مع حاجات المجتمع اللبناني ويخفف من ازدواجية العمل مما ينعكس إيجابا على ترشيد الاستثمارات الحكومية المتعددة».