شعراء عرب وعالميون يبحثون عن قواسم مشتركة

ملتقى «الشعر من أجل التعايش السلمي» تنظمه «مؤسسة البابطين» في دبي

عبد العزيز سعود البابطين يلقي كلمته
TT

على ضفاف الشعر التقى جمهرة من المفكرين والمبدعين العرب ليبحثوا عن سفينة تعبر بهم بسلام وسط عواصف الصراعات القومية والدينية والإثنية، حيث احتضنت إمارة دبي أمس انطلاق ملتقى «الشعر من أجل التعايش السلمي»، الذي تنظمه «مؤسسة جائزة عبد العزيز البابطين للإبداع الشعري»، بحضور الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ويستمر الملتقى ثلاثة أيام.

وقد احتفى الملتقى بالمشير عبد الرحمن سوار الذهب رئيس جمهورية السودان الأسبق، وسط حضور سياسي وثقافي لشخصيات، بينهم الدكتور حارث سيلاجيتش رئيس البوسنة والهرسك السابق، ومايكل فرندو رئيس برلمان مالطا، وسفين الكلاج وزير خارجية البوسنة والهرسك، وجيوفاني بيتيلا النائب الأول لرئيس البرلمان الأوروبي، وعمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي.

وفي كلمته في حفل الافتتاح قال الشاعر عبد العزيز سعود البابطين رئيس «مؤسسة البابطين الشعرية» إن الجزيرة العربية التي تحتضن ملتقى «الشعر من أجل التعايش»، هي «الأرض التي قدّست الكلمة، أرض المعلقات والآيات، حيث رمالها المترامية لم تنبت شيئا سوى الشعر، وسماؤها الصافية لم تمطر غير كلام الله، وبين المعجز البشري والمعجز الإلهي ترعرعت قبائل هذه المنطقة لتكون الأداة البشرية لتحقيق أعظم تطور في تاريخ الإنسان».

وأضاف البابطين: «نحن في المؤسسة نؤمن أن الشعر والحوار في أرفع تجلياتهما هما من نبع واحد، فالشعر العظيم هو انطلاقة للروح من قيودها ومن تضاريس الواقع الخانقة إلى آفاقٍ لا نهائية، حيث يمتزج الحلم بواقع جديد أكثر إشراقا وشفافية، كما ينطلق منهج الحوار بالناس من الخنادق التي حفرت لهم، والكهوف التي حشروا فيها إلى الفضاء الإنساني العام، حيث السلام والأمن والاحترام للجميع، والشعر الخالد تهذيب للنفس وترقية للذوق لكي يصبح الإنسان في رهافة الوردة، وفي صفاء الضوء. كما أن الحوار ينزع من الإنسان أنياب أنانيته وأظافر حقده، يقتل فيه المدنّس قابيل، ويحيي فيه المقدّس هابيل».

وتعليقا على تكريم المشير سوار الذهب، قال البابطين: «لقد أرسينا في الدورة السابقة في سراييفو سنّة جديدة هي تكريم أحد الرموز الإنسانية التي ساهمت في إرساء قيم التفاهم والتسامح بين الشعوب»، ووصف سوار الذهب بأنه «الرئيس الذي خرق للمرة الأولى قاعدة (الرئيس إلى الأبد)، وكان له دور كبير في تعزيز قيم السلام والتسامح والتفاهم بين مكونات المجتمع البشري».

ودعا البابطين المثقفين إلى العمل لبناء «مجتمع إنساني خالٍ من الحروب والأضغان، حافل بالمودة والإخاء والعدالة».

كذلك ألقى جيوفاني بيتيلا، النائب الأول لرئيس البرلمان الأوروبي، كلمة أشار فيها إلى أنه يشارك في هذا الملتقى «لقناعتني بجدوى الحوار، وقيمة الثقافة، والفن، والأدب، كجسور للسلام والاحترام. أنا هنا اليوم لقناعتني بالتعاون المتبادل والمشترك بين الغرب والشرق، الجنوب والشمال، لقناعتي بعالم أكثر انفتاحا حيث تجد المعاهد والمؤسسات والهيئات الأوروبية أصدقاء وشركاء يعتمد عليهم في البلدان العربية. وجودي اليوم هنا، لأني أرى في (مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري) أحد هؤلاء الشركاء والأصدقاء».

وأضاف بيتيلا: «باتت أوروبا يوما بعد يوما خليطا من الثقافات، فاتساع الاتحاد الأوروبي والعولمة والهجرات والتحرر من قوانين العمل ساهمت في زيادة التعدد الثقافي لأوروبا، لتضيف إلى خلفية الثقافات الموجودة في القارة. نتيجة لذلك نجد أن الحوار بين الثقافات بدأ يأخذ حيزا أكبر من الاهتمام، ويلعب دورا بارزا في تعزيز المواطنة الأوروبية، وكذلك إدراك ضرورة النظر خارج الحدود. والمواضيع التي تطرح اليوم مرتبطة بأجندة المؤسسات والمعاهد وهي كثيرة: التعليم، والأمن، ومكان العمل، والأقليات، والأديان، والهجرة، والاستثمارات في البحوث، ومستقبل الشباب، والدراسات الديموغرافية».

ودعا بيتيلا الشاعر ورجل الأعمال الكويتي، عبد العزيز البابطين، إلى التعاون لتأسيس معهد أوروبي عربي في روما، يمكنه المساهمة في تحقيق السلام، والانتباه إلى الثقافات على أرض الواقع، بما في ذلك اللغة العربية كلغة حوار بين الثقافات، من خلال دورات تدريبية ومشاركات من جيل الشباب. ويرأس بيتيلا مؤسسة «زيفيرو» التي تهتم بالحوار والتواصل الثقافي في إيطاليا والقارة الأوروبية.

في حين أكد عمار الحكيم في كلمته على دور الشعر في التواصل الحضاري، «فهو بحقّ بحث مبتكر يحاول أن يوظف هذا الفعل الإنساني الرائع من أجل إيجاد وشيجة اتصال بين الشعوب، وهي الوشيجة التي قطعتها السياسة بفعل تقاطعاتها ومصالحها».

وقال: «إن السياسة بما تفرضه من الاختلافات بين الدول ستعكس مثل هذه الاختلافات في التعبير الأدبي شعرا أو نثرا دون شك، وهذا أمر لا مناص منه، إذ لا يمكن فصل الشعر عن مؤثرات الحياة العامة في بلد من البلدان، وإلاّ أصبح يعيش في عالم خاص لا ينتمي إلى بيئته، وعندها سينعدم تأثيره وتأثّره، وستجف منابع الإلهام فيه».

ودعا للبحث «في القواسم المشتركة في حركة الشعر، وتجلياته الإنسانية الراقية، الكاشفة عن رؤية شاملة للحياة والإنسان، وحرياته وكرامته وحقوقه في الحياة الإنسانية الكريمة، وانفعاله أو تفاعله مع قضايا الإنسان في كل مكان، وقضايا الشعوب الساعية إلى تحقيق حريتها وكرامتها».