ساركوزي سعيد جدا بولادة طفلته ويترك لكارلا «متعة الإعلان عن اسمها»

الرئيس الفرنسي يضع قدما في المستشفى وأخرى في الحكم وقال إن الطفلة والأم بخير

الرئيس الفرنسي يتلقى هدايا من الجماهير لتهنئته بميلاد طفلته (أ.ب)
TT

مريول وكتاب لكارلا وشجرة بلوط صغيرة تمثل الأمل هي أولى الهدايا التي تلقاها الرئيس الفرنسي، أثناء جولة لتفقد مركز لفرز النفايات في «شانجيه»، شمال غربي البلاد، أمس، بمناسبة ولادة طفلة له. ورد الرئيس شاكرا ومعربا عن سعادته وتأثره بالهدايا، قائلا إن كل الآباء يعرفون السرور العميق بمجيء طفل جديد. ووضعت الفرنسية الأولى، كارلا بروني، طفلة، مساء أول من أمس، وسط اهتمام إعلامي ضاعف منه التكتم الشديد الذي أحاط بالحدث.

وأمضى نيكولا ساركوزي الساعات الثلاثين الماضية قدما في المستشفى وقدما في مهماته الرسمية. فقد اصطحب زوجته إلى عيادة «لا مويت» في باريس، في الثامنة والنصف من صباح الأربعاء الماضي، بعد أن جاءها المخاض. ثم تركها وذهب لحضور الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء الذي تأخر قليلا عن موعده بسبب الحدث، وتناول الغداء مع عدد من وزرائه ومستشاريه، قبل أن يعود إلى المستشفى، في الرابعة عصرا، للاطمئنان على كارلا، ويغادرها بعد نصف ساعة لكي يسافر إلى فرانكفورت ويجتمع مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، ويتباحث في القمة الاقتصادية لدول منطقة اليورو، المقررة في بروكسل، بعد غد (الأحد). وبعد الحادية عشرة ليلا بقليل، عاد ساركوزي إلى باريس وتوجه إلى المستشفى فورا، حيث كانت طفلته قد رأت النور، وبقي هناك إلى ما بعد انتصاف الليل. وصباح أمس، عاد الرئيس إلى المستشفى حيث أمضى فيها قرابة الساعة، قبل أن يتوجه في زيارة عمل إلى شمال غربي البلاد، حيث تلقى الهدايا المذكورة أعلاه.

ما اسم الطفلة التي رزق بها الرئيس بعد 3 أولاد ذكور هم جان وبيير ولوي؟ وهل تمت الولادة بشكل طبيعي أم بعملية قيصرية؟ لا أحد يعرف بعد، فقد التزم «الإليزيه» الصمت ولم يصدر بيانا بالولادة، كما كان واضحا أن كل طاقم المستشفى قد تلقى تعليمات مشددة بعدم التصريح بشيء، الأمر الذي أكده مديرها. أما ساركوزي فاكتفى بالقول، لدى سؤاله عن الاسم الذي تم اختياره للوليدة: «سنترك للأم متعة الكشف عنه». وكان الوحيد الذي نطق حول الموضوع هو جيرار لونغيه، وزير الدفاع، الذي قال في تصريح لإذاعة محلية، أمس، إن ساركوزي «سعيد جدا بولادة طفلته»، وإن الرئيس المرتاح في صحته وفي تفكيره وفي حياته هو «هدية للبلاد» ومكسب للأغلبية الحاكمة.

هل يبالغ «ساركو وكارلا» في التكتم حول تفاصيل الولادة وكأنها سر من أسرار الدولة؟ وما الذي يجعلهما يخفيان طفلتهما عن وسائل الإعلام، على العكس مما جرى في بريطانيا، مرتين، حين رزق رئيسان للوزارة بطفلين وهما في المنصب؟ لقد وقف كل من توني بلير وديفيد كاميرون أمام عدسات المصورين، كل مع زوجته وأطفاله، لالتقاط صورة بمناسبة الولادة ثم ذهب كل في سبيله. هناك من يفسر الأمر بأن الرئيس وزوجته لا يريدان لهذا الحدث أن يؤثر في انهماك الفرنسيين باختيار مرشحيهم للانتخابات الرئاسية المقبلة. وهناك من يرى أن كارلا، التي هاجر أبواها إلى فرنسا، في سبعينات القرن الماضي، خوفا على أبنائهم من عمليات اختطاف أبناء الأثرياء التي كانت شائعة في إيطاليا، آنذاك، تعيش بدورها هواجس مماثلة ولا تريد تعريض وليدها للأضواء.

الباحثة كريستين ديلبورت، مديرة المركز الفرنسي للتاريخ الثقافي للمجتمعات الحديثة وخبيرة الاتصال السياسي، لها رأي آخر. ففي مقابلة مع صحيفة «فيغارو» قالت إن الأزمة الاقتصادية الراهنة التي ترهق كاهل المواطنين تجعل من غير اللائق أن يعلن الرئيس وزوجته سعادتهما على الملأ. هذا فضلا عن أن ساركوزي يود، ربما، أن يعطي لمواطنيه الانطباع بأن ليس هناك ما يشغل باله أكثر من فرنسا التي يمنحها كل وقته ويضحي في سبيلها بمباهجه الشخصية. أما كارلا، التي تقيم في بيتها الخاص ولم تنتقل للعيش في القصر الرئاسي، ما يجعلها غير مرتبطة بالمتحدثين الرسميين باسم «الإليزيه»، فلم تتطرق إلى حملها إلا في فترة متأخرة، وقد وافقت على منح مقابلات لكل من القناتين التلفزيونيتين الفرنسيتين الأولى والثانية، ولـ«بي بي سي» البريطانية، وللمجلة النسائية الأسبوعية الملحقة بصحيفة «فيغارو»، لكي تتحدث عن مؤسستها الخيرية ونشاطها الإنساني وتتغنى برومانسية زوجها، «الذي سحرها بمعرفته كل الأسماء اللاتينية للأزهار في حديقة القصر»، وتمر مرور الكرام على موضوع حملها لمجرد أن تؤكد أنها لن تسمح بتحويل طفلها إلى مادة إعلامية.

من كانت تستغفل العارضة السابقة والمغنية ذات الصوت الهامس والطلات المدروسة بالملليمتر؟ وما معنى تكرار الظهور في التلفزيون، حتى قبل يومين من الولادة، وشكواها من ملاحقة الكاميرات للطفل المقبل الذي لن تسمح بالتقاط أي صورة له؟

أسهم التكتم في تأجيج فضول الصحافة والمواطن العادي لمتابعة الحدث. وما زال هناك 200 مصور يرابطون أمام مستشفى «لا مويت» في انتظار خروج كارلا وابنتها، حيث إن هذه العيادة الخاصة لا تمتلك مرأبا للسيارات تحت الأرض، ولا مفر من المرور بالباب الرئيسي المطل على الشارع، إلا إذا تم «تهريب» الطفلة في متاع مريضة أخرى. ومن المرجح أن تنشر صورة للطفلة وهي في اللفة، بين ذراعي والدتها، من دون الكشف عن ملامح وجهها، مثلما فعلت، من قبل، الوزيرة السابقة رشيدة داتي التي ما زالت ملامح طفلتها مجهولة للفرنسيين على الرغم من مرور أكثر من 3 سنوات على ولادتها.

الأمر المؤكد، حتى الآن، هو أن ساركوزي لن يتمتع بأسبوعي «إجازة الأبوة» التي يقرها القانون الفرنسي للآباء الجدد، هذا على الرغم من أن منافسته السابقة الاشتراكية سيغولين روايال اقترحت، في دعابة لئيمة، أن يمنح الفرنسيون رئيسهم إجازة لمدة خمس سنوات تبدأ في 2012.