مصر تودع أنيس منصور إلى مثواه الأخير

مثقفون وكتاب: فقدنا قامة أدبية وفكرية شامخة عربيا وعالميا

جموع المصريين يودعون الكاتب أنيس منصور بعد تشييع جنازته («الشرق الأوسط»)
TT

شيعت ظهر أمس السبت جنازة الكاتب الصحافي المصري أنيس منصور من مسجد عمر مكرم بالقاهرة، بعد أن وافته المنية أول من أمس عن عمر يناهز 87 عاما، حيث تمت الصلاة على جثمانه وسط حشود هائلة من المصلين من كافة الأعمار وبمشاركة عدد كبير من رجال الإعلام والثقافة والفن المصريين ومئات من محبيه وشباب الصحافيين.

حضر تشييع الجنازة عدد من وزراء الحكومة المصرية، في مقدمتهم وزير الإعلام أسامة هيكل، ووزير الثقافة عماد أبو غازي، إلى جانب عدد من الوزراء السابقين من بينهم مفيد شهاب وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية السابق، وفاروق حسني وزير الثقافة الأسبق، وعبد العزيز حجازي رئيس وزراء مصر الأسبق، وزاهي حواس وزير الآثار السابق ومصطفى الفقي رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى السابق.

كما شارك في تشييع الجثمان عدد كبير من زملاء الكاتب الراحل، من بينهم صلاح منتصر وإبراهيم نافع ومكرم محمد أحمد ومحمد عبد القدوس، فضلا عن جمع غفير من الصحافيين وأعضاء مجلس نقابة الصحافيين المصريين، بالإضافة إلى عدد من الفنانين منهم نقيب الممثلين أشرف عبد الغفور، ومحمود عبد العزيز، وجلال الشرقاوي، ويسرا.

وعقب تشييع الجنازة أشاد وزير الإعلام أسامة هيكل بالكاتب الراحل، والذي وصفه بـ«العملاق الصحافي الكبير والأديب والفيلسوف الذي لا يمكن تعويضه»، مشيرا إلى أن الفقيد أثرى الحياة الصحافية في مصر طيلة 50 عاما بكتاباته المميزة، فضلا عن مؤلفاته الأدبية التي اشتهر بها.

وقال هيكل إن الكاتب الكبير ليس مميزا فقط في مصر، ولكن في الوطن العربي بمؤلفاته وترجماته من اللغات الأجنبية إلى العربية، فهو صحافي «قلما يجود الزمان بمثله». وأضاف أن الكاتب الكبير يعد أستاذا للعديد من الصحافيين الذين تعلموا على يديه الكثير، معربا عن أمله في أن يسير تلاميذه على طريقه والاقتداء به كمفكر كبير.

ونعى عدد كبير من المثقفين والكتاب والنقاد الكاتب الراحل، معربين عن شعورهم بالحزن البالغ، واصفين إياه بالقامة الأدبية والفكرية الشامخة مصريا وعربيا وعالميا.

وقال الناقد ووزير الثقافة السابق الدكتور جابر عصفور إن منصور واحد من قمم الثقافة العربية، فكان مفكرا وأديبا كبيرا بإمكانياته وإبداعاته التي تضمن له البقاء أبدا في خارطة الثقافة العربية، مضيفا أن المعرفة الشخصية بينهما أتاحت له إدراك إلى أي مدى كان الراحل يتسم بالدماثة والانضباط في السلوك.

وذكر الكاتب والروائي إبراهيم عبد المجيد أن الراحل كان واحدا من الكتاب الكبار يستطيع بأسلوبه البسيط توصيل المعلومة للقارئ ببساطة، وبإمكانياته الكبيرة كان يقدم المعلومة للثقافة العربية في منتهى السهولة، كما أنه قدم ثقافات مختلفة ومختارات من الأدب العالمي إذ كان موسوعي الثقافة لأنه عايش أجيالا متعاقبة منذ طه حسين كما أنه خفيف الروح وكانت علاقاته الاجتماعية جيدة.

وقال الكاتب مكاوي سعيد: «أنيس منصور كان يتسم بأسلوبه الساحر، وهو من الكتاب الذين جعلوني أحب الكتابة، لأنه كان يكتب كتابة تدل على علم كبير وأسلوب شيق وبسيط، رغم أنني لا أتفق مع مواقفه السياسية خاصة من إسرائيل، لكن مقالاته لا يمكن أن نتجنبها، فهو ليس من الكتاب الذين أعجب بهم على المستوى الشخصي، لكن لا يمكن أن أغفل عن قراءة كتاباته، ورحيله خسارة للحياة الثقافية العربية».

وعبر أمين عام المجلس الأعلى للثقافة الدكتور شاكر عبد الحميد عن حزنه لوفاة منصور، وقال إن الراحل كان واحدا من أكبر الكتاب المصريين الذين استطاعوا ببراعة تقريب الثقافة العميقة إلى الناس ببساطة من خلال مقالاته التي تميزت بأسلوب سلس ورشيق ذي قدرة تعبيرية عالية استطاع من خلاله أن يقدم للقارئ المعلومة بجاذبية وبطرافة.

وأضاف أن أجيالا كاملة تعلمت من كتابات أنيس منصور خاصة في فترة الستينات والسبعينات التي قام فيها الراحل بدور هام إذ ساهم في نقل الثقافة الغربية وخاصة الفلسفات الوجودية وكتاب مسرح العبث وعلى رأسهم الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر والأديب الفرنسي ألبير كامو والأيرلندي صامويل بيكيت إلى الثقافة العربية.

ورأي عبد الحميد أن تنوع كتابات أنيس بين المقال والقصة القصيرة والمسرح والاطلاع على الثقافة الغربية كانا سببا في حب الناس لكتاباته وشهرته، مشيرا إلى أن أنيس منصور قد تكون له مواقف سياسية لا نتفق معها ولكن في النهاية هو كاتب مهم لا أحد يستطيع أن ينكر دوره في الثقافة المصرية.

إلى ذلك أرسل الدكتور محمد مرسي، رئيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، برقية عزاء باسم الحزب في وفاة منصور أعرب فيها عن خالص تعازيه.