حملة في مسقط رأس شكسبير لمناهضة فيلم يشكك فيه

الفيلم يعيد فتح ملف الكاتب المجهول للمسرحيات

ممثلون يرتدون ملابس تاريخية في مسقط رأس شكسبير، وفي الخلفية تمثال له تمت تغطيته بملاءة ضمن حركة احتجاج على فيلم يشكك في هويته (رويترز)
TT

تحت الأضواء الساطعة ولمعات فلاش الكاميرات، مشى أبطال فيلم «أنونيماس» (مجهول)، أول من أمس، على البساط الأحمر الممتد أمام دار سينما في ليستر سكوير بوسط لندن، وانشغل أبطال الفيلم ريس إيفانز وجولي ريتشاردسون بالابتسام للجماهير، بينما تدور خلف الحفل والأضواء معركة على صفحات الجرائد وعلى شاشات التلفزيون حول مضمون هذا الفيلم. «أنونيماس» يعود إلى فكرة طرحت مرارا وتكرارا مفادها أن ويليام شكسبير ليس هو الكاتب الحقيقي لتلك الأعمال التي تحمل اسمه وخلدته كأهم كاتب باللغة الإنجليزية على مر العصور. الفيلم اختار أن يطرح فرضية أن يكون إدوارد دي فير إيرل أوف أكسفورد هو الكاتب الحقيقي لمسرحيات شكسبير الذي كان ممثلا بسيطا. ولكن تلك الفرضية التي انتقلت من صفحات الكتب الأكاديمية إلى شاشات السينما أثارت زوبعة بين أوساط محبي الكاتب وبين المؤيدين لفكرة أن هناك أسماء أخرى هي أولى من شكسبير بالمجد الذي يحمله اسمه.

وبمناسبة عرض الفيلم، قامت حركة احتجاج في مسقط رأس شكسبير في ستراتفورد أبون أفون للاعتراض على تجريد شكسبير من المكانة التي يحتلها في الأدب العالمي.

وقد بدأ الجدل الأسبوع الماضي تحسبا لعرض الفيلم على هامش مهرجان لندن السينمائي هذا الأسبوع، وحملت الصحف مقالات مؤيدة ومعارضة لفرضية اختلف عليها الخبراء على مدى أجيال. ولكن سكان البلدة التي خرج منها شكسبير لم يخفوا امتعاضهم من الفيلم، فنظم صندوق «مسقط رأس شكسبير» احتجاجا لمدة 24 ساعة، قام أفراده بتغطية وإخفاء اسم شكسبير من على اللافتات الإرشادية على الطرق، كما قاموا بتغطية أجزاء من صور الكاتب المنتشرة على المباني والحانات في المدينة. ويرى المؤيدون لذلك الاعتراض أن الهدف هو تخيل الحياة في تلك البلدة لو لم يكن شكسبير.

ويبدو من الحملة غضب الكثيرين من ادعاء أن شكسبير لم يكن سوى ممثل شبه أمي وأن إيرل أوف أكسفورد هو العبقرية التي خطت تلك الأعمال التي دوت شهرتها في جميع أنحاء العالم وهو ما يشير إليه د. بول أدموندسون، أحد المسؤولين في إدارة الصندوق، «الفيلم يحاول نقض حقائق تاريخية واضحة، الخطر هنا هو أن يخدع ذلك الجماهير». ويرى إدموندسون أن الفرضية التي تبناها الفيلم، وهي فرضية رائجة ولها مؤيدوها، لا تستقيم مع الوقائع التاريخية، ومنها على سبيل المثال أن إدوارد دي فير توفي في عام 1604 قبل كتابة بعض المسرحيات مثل «العبرة بالخواتيم».

واتخذ رد فعل البعض ضد الفيلم اتجاها عدائيا، ظهر في المقالات التي حملتها الصحف وأيضا الرسائل الإلكترونية التي وجهت ضد أصحاب النظرية المخالفة مثل د. بيل ليهي رئيس قسم اللغة الإنجليزية بجامعة برونيل، الذي يرى أن المسرحيات تعاون على كتابتها أكثر من شخص. وحسب ما قال ليهي لصحيفة «الإندبندنت» «أعاني حاليا ازدياد رسائل الكراهية، وأكاد من اللهجة العنيفة أتوقع تهديدات بالقتل».

ولكن «الإندبندنت» تشير إلى أن العداء أيضا يوجه نحو أصحاب النظرية التقليدية التي تدافع عن مكانة شكسبير مثل لين بيدو من صندوق «مسقط رأس شكسبير»، الذي قال «لقد تلقيت شخصيا عددا من الرسائل الإلكترونية المسيئة وحدث نفس الشيء مع عدد من زملائي. أعتقد أن الموضوع يتعلق بما يصدقه الناس ويؤمنون به. وخلال التاريخ كان هناك ما يقارب 77 اسما طرحت على أنها للكتاب الأصليين للمسرحيات».

ويشير د.ليهي، الأستاذ بجامعة برونيل، إلى أن أعضاء صندوق «مسقط رأس شكسبير» استبقوا عرض الفيلم بعدائية شديدة: «أعتقد أنهم يضفون هالة من القدسية على شكسبير، فهو من الأمور التي لا يجب المساس بها بالنسبة لهم». ويشير مؤيدو نظرية وجود كاتب آخر له الفضل في كتابة روائع الأدب المسرحي إلى أنها تستحق التوقف عندها، حسب ما يذكر مارك أندرسون وهو مؤلف لكتاب «شكسبير باسم آخر» الذي يشير إلى أن الجمهور يجب أن يراجع نظرية قيام دي فير بكتابة المسرحيات «فهو أقرب إلى الدائرة والظروف التي كتبت فيها تلك المسرحيات»، ولكنه من جانب آخر لا يرى أن الفيلم يعتمد على حقائق تاريخية واضحة، «فيلم (أنونيماس) يتساهل مع الكثير من الحقائق التاريخية، ولكنه في النهاية يطرح تساؤلا، وأعتقد أن الأمر في النهاية متروك للمشاهد إذا أراد الإجابة عنها».