«ناشيونال جيوغرافيك» تنشر أول محتوى لمدافن العين الأثرية منذ 5 آلاف عام

قالت إن سكان المنطقة كانوا حريصين على تكريم موتاهم بما لا يقل إبداعا عن الفراعنة

مدافن العين الأثرية
TT

تتناول مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» العربية في عددها الصادر في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، أول محتوى تم تطويره محليا باللغة العربية ويسلط الضوء على اكتشافات أثرية غريبة بدولة الإمارات تعود إلى ما لا يقل عن 5000 عام، وهي مدافن العين التي تصفها المجلة بالعجيبة في شكلها والزاخرة بمكنوناتها، مع التركيز على شكلها الدائري المقبب ودقة تصميمها وغرابته، فيما تعتبر المجلة أن نمط هذه المقابر يوحي بأن سكان المنطقة كانوا حريصين على تكريم موتاهم في الحياة والممات، بدرجة لا تقل إبداعا عن الفراعنة، ما حدا بمنظمة اليونيسكو، منذ أشهر قليلة، إلى ضم هذه الآثار إلى قائمة التراث العالمي لما تمثله من أهمية تاريخية وحضارية.

واكتسبت قرية الهيلي، التي تبعد نحو 12 كيلومترا شمال مدينة العين الإماراتية مسقط رأس مؤسس دولة الإمارات الشيخ زايد، شهرة عالمية بفضل الحفريات الأثرية التي جرت على أراضيها ابتداء من أواخر ستينات القرن الماضي، حيث اكتشفت فرق تضم خبراء من الجامعات في مختلف أنحاء العالم بقايا لمستوطنات ومقابر تعود إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، تلقي الضوء على نمط الحياة السائد في هذه المنطقة خلال تلك الحقبة المبكرة، وقامت حكومة أبوظبي ببناء حديقة آثار هيلي حول تلك الآثار.

واستخدمت مقابر مستوطنة هيلي للدفن الجماعي على مدى قرون، وتقدم أدواتهم الجنائزية أدلة قيمة على طبيعة الحياة في الواحة، وتسمى أكبر مقبرة حجرية في هيلي مقبرة هيلي الكبرى، ويبلغ ارتفاعها 2.5 متر بينما يبلغ قطرها 8 أمتار.

وبنيت هذه الحضارة التي ساهمت بشكل رئيسي في وضع مدينة العين الإماراتية على قائمة التراث العالمي للبشرية خلال عصر أم النار (2700 - 2000 قبل الميلاد). ويظهر على مدخلي المقبرة نقوش تصور البشر وظباء المها، وتوضح النتائج أن المتوفين دفنوا في مقابر جماعية، بها عدد من الغرف، مبنية من الحجارة. وقد وجد في مقبرة هيلي الكبرى 6 غرف، تم ترتيبها على قسمين من المبنى الدائري، الذي يقسمه جدار مستعرض. ولأن المقبرة كانت متضررة بشدة، تم ترميمها في عام 2005 لإعطاء الزوار فكرة عن ملامحها الأصلية.

وبحسب حكومة أبوظبي، فإنه على الرغم من أنه لم يتم العثور إلا على بقايا من رفات بشري في مقبرة هيلي الكبرى، فقد وجد العلماء الكثير من القبور المحفورة سليمة حيث نقل إليها جثامين القبور الأصلية على الأرجح خلال فترة لاحقة. وقد تم دفن أكثر من 600 شخص من جميع الأعمار في القبور المحفورة، وقد أنار فحصها الطريق أمام معرفة طبيعة الحياة اليومية للشعب الذي استوطن الإمارات قبل أكثر من 5000 سنة مضت.

ويتميز بناء أبراج المستوطنة الدائرية بضخامته فكل برج من هذه الأبراج مبني على هيئة برج حول بئر، وبها عدد من الغرف محاطة بالجدران الخارجية، ويشبه هذا النوع من البناء حصون وقلاع العين التي بنيت خلال القرن السادس عشر الميلادي، ويدل على أن جذور العمارة التقليدية في تاريخ المنطقة تعود إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد.