فيلم «دجاج بالدراق».. دافئ ولطيف ويضيء الشاشة بخدع ومؤثرات بصرية

الثاني للكاتبة مارجان ساترابي

مشهد من فيلم «دجاج بالدراق»
TT

«تشيكين ويز بلامز» (دجاج بالدراق) هي الرواية المصورة الثانية للكاتبة الفرنسية إيرانية الأصل مارجان ساترابي الذي تم تحويلها إلى فيلم من إخراج فينسينت بيرنود وساترابي. ويعد الفيلم المغلف بذكرى حزينة لقلب مكسور وقرار بالموت، دافئا ولطيفا ويضيء الشاشة بخدع ومؤثرات بصرية. ويتمتع كل ما في الفيلم من مؤثرات صوتية وإخراج فني وأزياء بنزعة سينمائية.

وقصة الفيلم مأخوذة من رواية مصورة لساترابي عام 2004 تحمل الاسم نفسه. ويروي الفيلم قصة ناصر علي عازف كمان شغوف ذي شخصية محبطة. بعد أن أحب امرأة رفض والدها زواجه منها، انتهى به الحال للزواج من امرأة كانت تحبه، لكنه لم يبادلها الشعور نفسه. وعاش الاثنان معا وأنجبا طفلين وكانت تعمل زوجته معلمة، بينما استمر هو في عمله كعازف كمان. في يوم من الأيام هشمت زوجته فرانغيس الكمان الخاص به في لحظة غضب. ولم يتمكن هو من العثور على آلة كمان أخرى بدل التي كسرتها رغم سفره لأماكن بعيدة وبالتالي لم يتمكن من العثور على النغمة المثالية مرة أخرى. لذا جلس ينتظر ملك الموت كي يقبض روحه.

السرد في الفيلم غير تقليدي وغير متسلسل، حيث يستعين بتقنية العودة لأحداث ماضية لرواية ذكريات أو التنقل إلى المستقبل لمعرفة مصير الشخصيات مما يكشف مع كل حدث مدى حزنه العميق. وتروى كل قصة بشكل درامي مختلف. ينتقل ابن ناصر علي للإقامة في أميركا ويتزوج هناك. ويتضح ازدراء ناصر علي لابنه من خلال نمط المسلسلات الهزلية القصيرة الأميركية التي تقدم بلا مبرر.

على الجانب الآخر، ينتهي الحال بابنته بالعيش حياة كئيبة بعد أن فقدت زوجها ودفنت أحزانها في تدخين السجائر والقمار. وكان مشهد الدخان بخلفيته بالأسود والأحمر من المشاهد التي لا تنسى في الفيلم.

ومثل «برسبوليس» تتضمن رواية «دجاج بالدراق» بعدا سياسيا لم يتمكن الفيلم للأسف من تصويره. للروايتين سياقان تاريخيان وهو ما يميز أعمال ساترابي الشخصية. على سبيل المثال، تتناول رواية «برسبوليس» فترة الثورة الإيرانية عام 1978، بينما يشير فيلم «دجاج بالدراق» من بعيد إلى المزاج السياسي والتغيرات الاجتماعية القليلة ومنها انقلاب مصدق والازدراء الكبير للولايات المتحدة وحظر ارتداء الحجاب في الخمسينات. مع ذلك ما تم حجبه من التفاصيل تمت إعادة إنتاجه بشكل سينمائي وبالتحديد السحر المحموم الذي تم تقديمه من خلال ثراء الأسلوب وتقنيات الرسوم المتحركة الفنية. تذكرنا المؤثرات الصوتية والمشاهد الحيوية والاستخدام المتكرر للصور الظلية بالقصص المصورة التقليدية، في الوقت الذي يمنح فيه التصميم الصورة السينمائية حيوية. كانت الملابس مواكبة لصيحات الموضة وسلّط قسم الملابس الباريسية، الذي كان له فضل تصميم ملابس الفيلم الفرنسي «إميلي»، الضوء على ملابس الطبقة المتوسطة خلال فترة الخمسينات في طهران.

ويعد الفيلم نموذجا جديدا للسينما العابرة للأوطان التي تولد في إيران، بينما يقدمها ممثلون فرنسيون معروفون بالتحدث بأكثر من لغة. ومن هؤلاء النجمة الإيطالية السويدية إيزابيلا روسليني في دور والدة ناصر علي المتسلطة المفعمة بالحيوية والنشاط، وكذلك النجمة الإيطالية الفرنسية كيارا ماستروياني في دور ابنة ناصر التي كان لها حضور طاغ وإن كان قصيرا. ولعبت النجمة البرتغالية الفرنسية ماريا دي ميديروس دور زوجته السليطة التي لم يحبها. وأخيرا قامت الممثلة الإيرانية الفرنسية غولشفتي فرحاني بدور حبه الضائع.

ويعد الفيلم صادما من الناحية المرئية وذا إيقاع يجذب المشاهد من خلال أسلوبه المذهل الحماسي الخيالي لقصة حب ضائع تتسم بالعذوبة والمرارة في آن واحد ومصير يدفع المرء نفسه إليه.