«شوادر الخراف» في القاهرة تشكو من ضعف الإقبال عليها قبل عيد الأضحى

البعض يشتري.. وآخرون يكتفون بالمشاهدة

يتكرر مشهد الشوادر كل عام في مصر منذ بداية الاستعداد لأداء فريضة الحج حتى صبيحة يوم العيد (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

تشكو «شوادر الخراف»، التي تملأ شوارع القاهرة بمناسبة عيد الأضحى، من ضعف الإقبال عليها بسبب ارتفاع أسعارها والظروف الاقتصادية السيئة التي تمر بها البلاد منذ سقوط حكم الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير (شباط) الماضي، لكن وجودها في مدينة مزدحمة مع طقوس رعايتها وعلفها أصبح من الأمور المحببة لأطفال العاصمة، حيث تقع الكثير من المواقف الطريفة، مثل نطح كبش من الكباش لصاحبه أو لسيارة أحد المشترين، أو مطاردة طفل من الأطفال الذين يحاولون العبث معه.

وتطلق كلمة «الشادر» على المكان الذي يتم تجميع الأغنام فيه لبيعها بمناسبة العيد، ويتخذ أشكالا متعددة، منها ما هو من القماش الثقيل الذي ينصب على أوتاد كبيرة وتكون له ثلاثة جدران على مساحة نحو خمسين مترا مربعا في المتوسط. وتنصب الشوادر مؤقتا أمام المحال التجارية التي لا سوق لها في موسم العيد، أو في الأراضي الفضاء التي كانت تستخدم كـ«جراجات» للسيارات. وهناك أنواع أخرى مما يطلق عليه اسم «شادر» تجاوزا، ويكون عادة عبارة عن قطعة أرض حولها سور، يتم استغلالها لتجميع الأغنام فيها لبيعها.

ويتكرر مشهد الشوادر كل عام في مصر منذ بداية الاستعداد لأداء فريضة الحج حتى صبيحة يوم العيد، لكن في هذه السنة شهدت شوادر الخراف كثافة أكبر من الأعوام السابقة، مقابل ضعف في الإقبال على شراء الخراف. وتسببت قله تصريف مبيعات الأغنام في تعطيل حركة المرور في الكثير من ضواحي القاهرة. ومع ذلك، يعطي المشهد حدثا مختلفا في زحام العاصمة، خاصة للأطفال الذين يطلبون الخروج في مثل هذه الأيام لا لشيء إلا لرؤية خراف العيد المتراصة في «شوادر» على جانبي الطرق الرئيسية في مدينة تتسم أساسا بالازدحام.

كامل، وهو أحد القائمين على بيع الخراف بمنطقة مدينة نصر (شرق القاهرة)، يقول إن الإقبال هذا العام على الشراء أقل من الأعوام الماضية، بسبب ارتفاع أسعار اللحوم، مشيرا إلى أن الخراف الموجودة بالشوادر حاليا هي واردة من محافظة مطروح وبعض محافظات الصعيد، بالإضافة إلى ليبيا. وقال إنه بعد الثورة الليبية ارتفعت أسعار الخراف الواردة من هناك، وهو ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، هذا إلى جانب تقليص استيراد الخراف من الخارج من دول مثل أستراليا والبرتغال وغيرها، وتفضيل البعض «صكوك الأضحية» التي أجازها الفقهاء.

ويضيف كامل أن ارتفاع أسعار العلف هي الأخرى جعلت تجار الجملة يرفعون أسعار بيعهم، إذ يتراوح سعر بيع كيلو لحم الخروف حيا ما بين 30 إلى 32 جنيها مقارنة بـ27 جنيها العام الماضي. والارتفاع في الأسعار لم يقتصر على الخراف فقط فأسعار العجول (الأكثر وزنا من الخراف) شهدت هي الأخرى ارتفاعا وصل معها سعر الكيلو حيا إلى 27 جنيها مقارنة بـ23 العام الماضي.

ويرى كامل أن ربحه ثابت كل عام من بيع الخراف وقت العيد، وهناك هامش ربح لا يستطيع تجاوزه، ويرى أن المشكلة الكبرى في تجار المواشي الذين رفضوا خفض الأسعار، هو ما اضطر الباقين للتعاقد على كميات محدودة، على الرغم من سعة الشوادر التي خصصوها لهذا الغرض منذ وقت مبكر.

ويفضل المصريون ذبح الخراف والعجول، سواء بشكل فردي بالنسبة لميسوري الحال، أو بالاشتراك بين أكثر من شخص من الجيران. وهناك فئة محدودة تفضل ذبح الجمال، إلا أن هذا العام الذي تراجع فيه الإقبال على الأضاحي بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، دفعت أيضا بعض العائلات التي كانت معتادة على ذبح العجول، إلى تفضيل الخراف. يقول الدكتور عبد الحميد شريف، وهو من سكان منطقة الخليفة بالقاهرة، إن العادة جرت كل عام على ذبح عجل، إلا أن هذا العام وبعد ارتفاع الأسعار لم يعد أمامي سوى الخراف.

وليس شرطا أن يكون زحام المواطنين على شادر من شوادر بيع الخراف معناه الإقبال على الشراء. ويقول حسين عرفة، وهو من سكان منطقة مصر القديمة، وهو يقف أمام شادر بيع الخراف في منطقة السيدة زينب، إنه جاء بأطفاله لشراء ملابس العيد ومشاهدة الخراف كنوع من التسلية لأولاده الذين يتراوح أعمارهم بين 5 و11 سنة. ويضيف مازحا أن أحد الكباش نطح ابنه الذي بكى قليلا قبل أن يعود إلى الضحك على هذا الموقف.